بعد أن كان مقرَّراً تنظيمه بين 29 أيار/ مايو والتاسع من حزيران/ يونيو الجاري، جرى تأجيل "المعرض الوطني للكتاب التونسي" إلى الفترة الواقعة بين 17 و27 من هذا الشهر، وهو تاريخٌ بقي محلّ كثير من التشكيك، وحامت العديد من الأقاويل حول إمكانية تأجيل آخر، غير أن تنظيم الهيئة المديرة للمعرض ندوةً صحافيةً يوم الجمعة الماضي، بات يُرجّح تنظيم الدورة في الموعد المحدَّد، في "مدينة الثقافة" بالعاصمة تونس.
على الرغم من كونه لا يحتضن سوى منتجات دور النشر التونسية، يأخذ هذا المعرض بُعداً خاصاً هذا العام، بسبب عدم تنظيم أي تظاهرة كبرى تُعنى بالكتاب منذ نهاية 2019. فقد فرض انتشار فيروس كورونا إلغاء دورتين من "معرض تونس الدولي للكتاب التونسي" (ربيع 2020 و2021). وكان "المعرض الوطني للكتاب التونسي" قد أُطلق في خريف 2018، في محاولة لتأمين فسحة لترويج الكتاب التونسي بعيداً عن منافسة دور النشر العربية التي تحضر إلى المعرض الدولي، ومن هذا المنطلق ذاته فإن دورة هذا العام ستكون متنفَّساً منتظَراً لصناعة النشر في البلاد، وتحريك القطاع بعد الجمود الذي عرفته الحياة الثقافية بشكل عام في تونس منذ ظهور الجائحة.
تضمّنت الندوة تقديماً للبرنامج الثقافي الذي سيصاحب فعاليات الدورة الثالثة، والتي تقرّرت منذ الأسبوع الماضي تسميتها "دورة هشام جعيّط"، إثر رحيل المؤرّخ والمفكّر التونسي (1935 ــ 2021)، وهو الذي كان قد أعلن في وقت سابق بأن ندوة ستُقام لتكريمه خلال المعرض في تاريخ تنظيمه الأوّل.
تهدف التظاهرة إلى تحريك ثقافة تعيش ركوداً منذ بدء الجائحة
ينقسم البرنامج الثقافي إلى مجموعة من الفعاليات، منها: "يوم المسرح"، و"يوم المؤرّخ التونسي"، و"يوم الرواية"، و"يوم حقوق التأليف وعقود النشر"، و"يوم القصّة"، و"يوم الكتاب الفنّي". كما تَقرّر أن تكون مدينة صفاقس ضيفة شرف التظاهرة، في مبادرة تحاكي دعوة بلاد أجنبية كضيف شرف في المعرض الدولي.
ومن الملاحظ ضمن برنامج المعرض هيمنة النزعة التكريمية؛ حيث أُعلن في الأيام الماضية على صفحات المعرض في مواقع التواصل الاجتماعي عن مجموعة من الشخصيات التي سيجرى تكريمها بين كتّاب ونقّاد وناشرين، مثل المؤرّخ الأدبي أبو القاسم محمد كرو، والناشر الحبيب اللمسي، والناقد محمد الخبو، كما جرى إصدار كتب تحتفي ببعض الأعلام الأُخرى مثل المفكّر عبد المجيد الشرفي، والفنان التشكيلي الحبيب بيدة.
تبقى جميع هذه العناصر مجرّد تأثيثات ديكورية أمام أهمّ نقطة ينتظرها زائر المعرض، وهي المادة التي يقدّمها الناشرون. ومن المعلوم أن الفترة الأخيرة لم تشهد الإعلان عن الكثير من الإصدارات، حيث اكتفت معظم الدور بإنجاز كتابين أو ثلاثة كتب جديدة ضمن التخوّفات من عدم الإقبال الجماهيري، خصوصاً وأن الناشرين قد اشتكوا خلال دورتي المعرض السابقتين من قلّة الدعاية. لكن أليس توفير إصدارات جديدة على مستوىً من الجودة والجاذبية عنصراً من عناصر الدعاية للمعرض؟