في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2019، عقدت "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" مؤتمراً في "جامعة بيرزيت" تحت عنوان "المدينة الفلسطينية: قضايا في التحولات الحضرية"، وشاركت فيه مجموعة من الأكاديميين المتخصصين، بالإضافة إلى فنانين ومثقفين وباحثين.
خضعت جميع الأوراق المشاركة للتحكيم مرتين، الأولى من اللجنة الأكاديمية للمؤتمر والثانية من قبل مجدي المالكي وسليم تماري، حيث صدرت حديثاً عن المؤسسة في كتاب يحمل عنوان المؤتمر نفسه ويتضمّن مساهمات لواحد وعشرين باحثاً وأكاديمياً.
يتناول الكتاب تأثير العولمة والسياسات النيوليبرالية في التشكل الطبقي الجديد في المدن الفلسطينية
وانبثقت فكرة المؤتمر، ولاحقاً الكتاب، من اهتمام المؤسسة بالتحولات الحضرية المعاصرة التي أصابت بنية المدينة الفلسطينية بعد إلحاق القدس العربية، وحصار بلدات الضفة الغربية ومدنها، وقطاع غزة، ونمو ظواهر مدينية جديدة، حيث برز الاهتمام على وجه الخصوص في المؤسسة بدراسة مصير المدينة الفلسطينية على خلفية التحولات الجذرية التي أصابت مدن المشرق العربي في القرن العشرين وخصوصاً أن قضايا المدينة الفلسطينية وتغيرها كانت قد احتلت اهتمامات المؤسسة النشرية، وعلى رأسها سلسلة "مدن فلسطين" التي نشر منها أكثر من عشرة كتب عن التطور الحضري في أرجاء فلسطين التاريخية، بالإضافة إلى كتيبات استراتيجية عديدة (مونوغرافات) بشأن قضايا حضرية معاصرة.
تعالج الدراسات في الكتاب مجموعة من القضايا ذات العلاقة بالتحولات التي شهدتها المدن الفلسطينية منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى الآن. وتشترك جميعها في إبراز أهمية العوامل التاريخية والسياسية، وتحديداً دور الاستعمار الإسرائيلي الكولونيالي، في تشويه المدن الفلسطينية وحجز تطورها تاريخياً، وتهويدها في مناطق 48، وفي مدينة القدس، من خلال سياسات ممنهجة ومساعٍ لإنتاج المدينة الفلسطينية كغيتو في الداخل المحتل منذ سنة 1948، كما في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ سنة 1967. وتتناول كل هذه الدراسات عدة محاور مهمة تتعلق بتطور المدن الفلسطينية تاريخياً، وإعادة تشكيل تنظيمها المكاني، والتحولات التي أصابت تركيبها المورفولوجي والديموغرافي، وتأثير العولمة والسياسات النيوليبرالية في التشكل الطبقي الجديد فيها، والأثر الاجتماعي للتحضُّر المتسارع والتوسع العمراني الذي شهدته مدن ما بعد اتفاق أوسلو على وحدات التركيب الاجتماعي داخلها، وعلاقتها بمحيطها الريفي، وآليات تبلور حركات مدينية مقاومة فيها، ودورها في تعزيز الهُوية الوطنية والثقافية بصورة عامة، وتنقُّل وتشابك النشاطات الثقافية والسياسية من مدينة إلى أُخرى (من حيفا ويافا إلى الناصرة ورام الله).
وضمّ الكتاب مقدمة لمحرّريْه بعنوان "المدينة الفلسطينية وتحديات التحضر"، وإطلالة افتتاحية بعنوان "أثر التحديث العمراني في المدينة العربية" لخالد زيادة، وعدداً من الدراسات منها "المدينة الفلسطينية بين الأسر والحصار والتنمية" لراسم خمايسي، و"مصائر المدينة الفلسطينية في إسرائيل بين النكبة والنكسة" لعادل مناع، و"مدينة حدودية: بئر السبع في الحقبة العثمانية، 1900–1917" لأحمد أمارة، و"تحويل "حيفا الجديدة" إلى حيفا مدينة إسرائيلية: تصميم الحيز كأداة لهندسة الهوية الجماعية الطائفية" لهمت زعبي، و"حياة عادية: أصول الطبقة الوسطى في مدينة صغيرة في فلسطين في مطلع القرن العشرين" لليزا تراكي، و"الخليل: مدينة مهددة بثقافتها المتعددة" لجاد ثابت.
إلى جانب دراسة "عمارة المشهد الحضري لمدينة القدس الشريف: التغير المورفولوجي لمنطقة باب العمود والمصرارة (1917 – 2017)" لعبد الحافظ أبو سرية الحسيني، و"تحولات ثقافية في الحيز الإيكولوجي الحضري في الناصرة" لنسرين مزاوي، و"اطلبوا الرزق ولو في الصين. تجار الحاويات: الفاعلون الجدد في تحضر الريف الفلسطيني" لباسل ريان ومجدي المالكي.