فرضت الشعبوية نفسها كظاهرة على مختلف المشاهد السياسية في العالم، وقد كانت فترة حكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب التبلور الأبرز لها. انعكس هذا الحضور في الواقع على مشهد الدراسات التي تُعنى بفهم الظواهر السياسية، بل يمكن القول إن الشعبوية باتت الشاغل الرئيسي للعلوم السياسية اليوم.
ليس العالم العربي ببعيد عن هذا الانشغال، وهو ما يتجلّى في صدور مجموعة من المؤلّفات والترجمات حولها في السنوت الأخيرة، بالإضافة إلى تحوّلها في محور بحثيّ تُقام حوله المؤتمرات العلمية والندوات والأيام الدراسية.
عن بُعد، ينظّم "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، بداية من اليوم وحتى بعد غد السبت، ندوةً علمية دولية بعنوان "الشعبوية: إحراجات نظرية، سياقات الانتشار وتجارب مقارنة"، بمشاركة نحو عشرين باحثاً من عدة بلدان، منها: تونس والجزائر والمغرب والعراق والسودان وبولندا. وستتوزّع جلسات الندوة على أربعة محاور هي: "الشعبوية، التباس المفهوم وغموض الدلالة"، و"تجارب مقارنة"، و"شعبويات عربية"، و"التجربة التونسية".
نقرأ ضمن تقديم الندوة بأنها "تتناول ظاهرة الشعبوية فكراً وممارسةً، نظراً لانتشارها الكبير وتفرّعها، حتّى بتنا نتحدّث عن شعبويات خاصّة، منها شعبويات أميركا اللاتينية، وشعبويات أوروبا، وشعبويات آسيا، وشعبويات أفريقيا... إلخ. وعلى الرغم من أن ظهور الشعبوية تلازَم مع الديمقراطيات التي نشأت في المجتمعات الغربية، فإن البلدان العربية لم تكن بمنأى عن تأثير هذه الظاهرة، خصوصاً في فترات الاستقلال الوطني التي أتاحت صعود أنظمة تسلّطية ادّعت أنها ضمير الشعب وأنها صوته الأصيل وتجسيد لإرادته؛ ما أوجد مبرّرات عديدة كان للزعامات الكاريزمية دور كبير في تثبيتها. كما أنها تُمثّل مصدر إلهام للعديد من 'الحركات السياسية العربية'، فضلاً عن أن الخطاب السياسي، حُكماً ومعارضةً، يتغذّى من الشعبوية وممارساتها".