في السنوات الأخيرة، ومع تصاعد الحملات المطالبة بإعادة ما نهبته دول أوروبية من مستعمراتها السابقة، استرجعت بعض البلدان جزءاً ضئيلاً جداً من تراثها المنهوب، ولا تزال مطالبات دول أخرى بعضها عربية قائماً حتى الآن، كما فُتح الجدل حول الدور التي مارسته المتاحف الغربية في تكريس تفوّق الرجل الأبيض وتبرير استعماره عند عرضها للآثار التي جرت سرقتها طوال قرون.
"الشرق القديم" عنوان المعرض الذي ينظّمه افتراضياً "متحف بيرغامون" في برلين، على مساحة تبلغ نحو ألفي متر مربع، وتغطّي ستّة آلاف عام من التاريخ والثقافة والفنون في بلاد النهرين وسورية الطبيعية والأناضول.
يوضّح بيان المنظّمين أن المتحف الألماني يعتبر إلى جانب "متحف اللوفر" و"المتحف البريطاني"، من أبرز المتاحف التي تحوي الكنوز القديمة الآتية من الشرق، من دون أدنى إشارة إلى أنشطة "الجمعية الآثارية الألمانية" منذ نهاية القرن التاسع عشر في سرقة أوابد عراقية قد تكون أهمها بوابة عشتار التي بناها نبوخذ نصر عام 575 ق. م، ولا يزال يحتفظ فيها "بيرغامون" حتى اليوم.
لا يزال المتحف الألماني يحتفظ ببوابة عشتار التي بناها نبوخذ نصر
تتوزّع التحف والأعمال الفنية المعروضة على أربع عشرة قاعة، وتشمل العديد من النماذج المعمارية المهمّة والنقوش والقطع والأدوات الصغيرة التي صنّعتها الحضارات السومرية والأكادية والبابلية والآشورية.
يُتيح المعرض لزوّار منصّته الافتراضية التجوّل والتأمّل في عمليات إعادة البناء للآثار البابلية مثل طريق الموكب، والذي صمّمه العراقيون القدامى بعرض ثلاث وستين قدماً مغطّاة بألواح من حجر الكلس الأبيض، ويحدّه من جانبيه جداران سميكان ويُثبّت على كلّ جانب منهما ستون أسداً ترمز إلى إلهة الحب والحرب عشتار، وتفضي إلى البوابة التي تحمل اسمها، وتليها واجهة قاعة عرش الملك نبوخذ نصر الثاني (604-562 قبل الميلاد)، وهي مبنية من طابوق مزجج بمساحة اثنين وسبعين متراً مربعاً.
وتم تجميع القطع العديدة المكسورة من الطابوق المحفور بدقّة على طول الجدران، حيث ترمز صور الأسود والثيران والتنين إلى الآلهة الرئيسية في مدينة بابل، التي كانت تعدّ واحدة من عجائب الدنيا السبع قبل أن تنهار منها معالم عديدة، ليعاد بناؤها من جديد بعد قرون لكن خارج العراق هذه المرّة.
في القاعة البابلية، يُعرض أيضاً نموذجٌ من برج بابل الذي تم تكريسه لمردوخ، كبير آلهة البابليين الذي انتصر على الفوضى الأولى بحسب معتقداتهم، إلى جانب نسخة من اللوحة الشهيرة المنقوشة على مسلّة أسطوانية والتي تحتوي شرائع الملك حمورابي (1792 – 1750 ق. م) وفيها نصوص مئتين واثنين وثمانين قانوناً، وتوجد النسخة الأصلية منها في "متحف اللوفر".
كما يُعرض وعاء فخّاري سومري رُسمت عليه أسماك وطيور عثر عليه عالم الآثار الألماني إرنست هيرتسفيلد خلال حفرياته في سامراء عام 1911، وإلى جواره مجموعات من ألواح طينية نُقش عليها كتابات مسمارية ونقوش مقدّسة تمثّل الآلهة القديمة تعود إلى منتصف الألفية الرابعة قبل الميلاد، وكذلك تمثال من المرمر لرجل يصلّي في معبد عشتار في مدينة آشور.