"الرياضة والسياسة والمجتمع": معارف متعدّدة تدرس الظاهرة

03 أكتوبر 2022
جانب من الندوة (العربي الجديد)
+ الخط -

بعد ما يزيد على ستّة عقود من بدء اهتمام العلوم الاجتماعية بالظاهرة الرياضية، إلّا أنّ فقر الإنتاج العربي في هذا المجال كان من دوافع انطلاق أعمال الندوة الأكاديمية "الرياضة والسياسة والمجتمع" التي افتتحها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في الدوحة يومَي أمس وأوّل أمس.

وفي البيان الافتتاحي للندوة التي عقدت في أربع جلسات، تأكيدٌ أنه لم يعد مُجدياً تبرير أهمّية فعاليات عِلميّة بشأن الرياضة في فضائها الاجتماعي والسياسي، وتشابُكاتها مع البُنى الاجتماعية الثقافية والاقتصادية القائمة، إذ باتت الرياضة من مسلّمات ما يبحثه الأكاديميون في حقول متعدّدة، ومتشابكة من المعارف الإنسانية.

وكذلك تأتي هذه الندوة استجابة مباشرة لتظاهرة "كأس العالم 2022" التي تستضيفها قطر، ساعيةً إلى تناول هذا الموضوع البحثي بمقاربات نقدية تهدف إلى فهم الظاهرة الرياضية، من خلال مقاربات العلوم السياسية، والعلاقات الدولية، والاقتصاد وعلم الاجتماع، والأنثروبولوجيا، علماً بأنّ المساهمات البحثية ستُنشر في عددين خاصَّين من دوريتَي "سياسات عربية" و"عمران"، جرى التحضير لهما منذ أكثر من سنة، إضافة إلى المزيد من الإصدارات.


خريطة الظاهرة الرياضية

في الجلسة الأولى ذهب حيدر سعيد رئيس قسم الأبحاث في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في ورقته الموسومة بـ"العلوم الاجتماعية والظاهرة الرياضية"، إلى رسم خريطة معرفية لبدء تناول العلوم الاجتماعية للظاهرة الرياضية وتطورها.

وإذ أشار إلى كمٍّ هائل من المؤلّفات خارج الوطن العربي، مقارنة مع منجز وصفه بالمقارب للعدم لدينا، فقد تناول نماذج من الكتابات المبكّرة التي كانت وظيفتُها التأريخ، ومن ذلك ما فعله جون ريكاردز بيتس في كتابه "تراث أميركا الرياضي من 1850 إلى 1950"، وصدر عام 1974 بعد وفاة كاتبه، بينما كانت أطروحة دكتوراه في عام 1951، والكتاب الآخر للتريندادي اليساري سي. إل. آر. جيمز "ما وراء الحدود" عام 1963، وهو من روّاد الباحثين في أدب ما بعد الاستعمار، وتحدّث فيه عن كيفية اتخاذ لعبة الكريكت مجالاً لمقاومة الاستعمار.

تمكين الرياضة كحقل علمي في حقل الدراسات الثقافية

وصف سعيد هذين العملين بالتقليديّين الوصفيّين، لكنّ أهمية هذا النوع من الكتابة هي انطلاقه من وجود الرياضة كملمح اجتماعي. غير أن السؤال كيف تشكّلت الرياضة في المجتمع الحديث؟ وبالتالي محاولة فهم تضميناتها في معناها العميق أمرٌ أعاده إلى ستينيات القرن العشرين، وتحديداً مع جهود السوسيولوجي الألماني نوربيرت إلياس الذي يُعدُّ على نطاق واسع رائد "سوسيولوجيا الرياضة". هذا السوسيولوجي نقل دراسة الرياضة من حقل التاريخ إلى منطقة وسطى بين ثلاثة حقول: التاريخ والأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا. أما التاريخ فلأنّ الكاتب تابع تحوّلات الرياضة من العصور القديمة، والأنثروبولوجيا لأنه رصد كيف تمخّضت عن هذه التحوّلات قيم وعناصر ثقافية، والسوسيولوجيا لأنه وضعَ هذه العناصر في سياق تطوّر المجتمعات الأوروبية، حسبما أضاف.

وخلُص إلى أنّ السؤال الأساسي عن الرياضة لم يكن سؤالاً علّياً في الماهية، بل هو سؤال في الكيفية، التي تُستعمل بها. كما توقّفت الورقة عند إمكانية تسكين دراسة الرياضة باعتبارها موضوعاً في حقل الدراسات الثقافية؛ ذلك أن الأخيرة إذا كانت قد تطوّرت بوصفها نقلاً لدراسة الثقافة من المجتمعات البدائية إلى المجتمعات الرأسمالية، فإن الرياضة ستحتلّ مكاناً هاماً في هذه النقلة، كأحد أهم الملامح الثقافية للمجتمعات المعاصرة.

النظرية البنائية

من ناحيته قدّم محفوظ عمارة الأستاذ المشارك في السياسات والإدارة الرياضية في كلّية التربية بـ"جامعة قطر" ورقة بعنوان "الاتجاهات العالمية والمَحلّية لدراسات الرياضة في المنطقة العربية". وفحصت الورقة الكيفية التي يُنظر بها إلى سياسات البحث في الرياضة مع التركيز على النظرية البِنائية متبنّية القول إن النظرية البِنائية توفّر رؤىً متعدّدة في دراسة الرياضة، بوصفها ظاهرة اجتماعية معقّدة. وفي سياق ما قاله كاتب أوروبي عن أن الرياضة "نتاج الحداثة الغربية"، دعا عمارة إلى التفكير في سردية في عالمنا العربي والإسلامي، لا تقوم على رفض كل ما ورد من أوروبا بل الدفع في إسهام مفكرينا في التنظير للرياضة والظاهرة الاجتماعية حولها. كذلك نادى المتحدّث في ختام مداخلته بتأسيس اختصاص "علوم الرياضة" يتغذّى من حقول المعرفة المختلفة ويجمعها في اختصاصٍ واحد.

الرياضة والتنمية

افتُتحت الجلسة الثانية والتي حملت عنوان "الرياضة والتنمية الاجتماعية والثقافية والسياسية: حالة استضافة قطر.. كأس العالم لكرة القدم 2022"، بورقة تقاسمها سنيد الدعية المري وهو أستاذ مساعد في الإدارة الرياضية بقسم التربية البدنية بـ"جامعة قطر"، وسعد الشمري المحاضر في برنامج الإدارة الرياضية بـ"جامعة قطر". تناول المتحدّثان المري والشمري تحت عنوان "الأثر الثقافي لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في دولة قطر" اقتراحات وحلولاً للتوظيف الأمثل لهذا التأثير، ولا سيما أنّ قطر هي أول دولة عربية وإسلامية تستضيف هذا الحدث المهم. ودعت الورقة إلى تعزيز الوعي بـ"الفرصة الذهبية" التي ستكون في متناول قطر والبلدان العربية، وذلك لتغيير الصور النمطية عن العالم العربي، التي شاعت تحديداً عقب أحداث 11 سبتمبر.

الثورات العربية أعطت زخماً لمقاطعة إسرائيل رياضياً

ووفق رؤيتهما فإنّ إحدى النتائج المهمّة لكأس العالم هي التحوّل الثقافي الذي  يُنتج من التفاعُلات بين الأفراد من مختلف البلدان. فعادةً ما يسافر ملايين الأشخاص إلى البلد المضيف ليكونوا جزءاً من أكبر الأحداث في صناعة الرياضة. وبهذا ارتأت الورقة أنّ ثمّة روابط بين الرياضة والثقافة، على غرار ما وقع في تجربتين للمونديال في البلدان المضيفة السابقة، ضاربين مثالين واضحين بدءاً من اليابان وكوريا (2002)، حتى النسخة الأخيرة لبطولة كأس العالم في روسيا (2018)، وما أسهمت فيه الرياضة بما لها من تأثير اجتماعي ثقافي في دفع الصور النمطية المتبادلة.

العلامة القومية

تناول كامل حميدو وهو أستاذ مشارك في قسم الإعلام بـ"جامعة قطر" في مداخلته "الإعلام والرياضة أداتين لبناء العلامة القومية والتسويق لها: الاستراتيجية القطرية أنموذجاً". معتمِداً على المقاربة التي وضعها سيمون أنهولت، والتي تقوم على تقييم عمليات بناء العلامة القومية قياساً على وجود أو غياب، ذكر أن هناك ثلاثة عوامل يُشترط حضورها، هي وجود استراتيجية واضحة المعالم، ووجود جوهر تقوم عليه تلك الإستراتيجية، ووجود خطوات رمزية مرافقة.

قدّم المتحدّث الإستراتيجية القطرية القائمة على توظيف الإعلام والرياضة، بوصفهما أداتين من أدوات الدبلوماسية العامّة الهادفة إلى بناء صورة ذهنية دُولية إيجابية عن بلد حديث النشأة وصغير بجغرافيته، مستعرضاً خصائص الإستراتيجية القطرية التي جمعت بين تنظيم الفعاليات الرياضية الضخمة مع المشاركة فيها، وبناء المنشآت الرياضية مع الاستثمار العالمي في الأحداث، وإطلاق خطّة توسّع حوّلت شبكة "بي إن سبورت" إلى أهمّ لاعب في العالم في مجال تغطية الدوريات والأحداث الرياضية الكبرى.

التأثير الاجتماعي

أما وديع إسحاق الأستاذ المساعد في قسم التربية البدنية بكلية التربية في "جامعة قطر" فأنجز مداخلة بعنوان "تقييم التأثير الاجتماعي الناتج من استضافة قطر للأحداث الرياضية الدولية". وفيها قال إن إدراك السكّان للتأثير الاجتماعي الناتج من استضافة الأحداث الرياضية الدولية بات ضرورياً للحصول على دعم اجتماعي واسع، مضيفاً أن أسباباً متنوعة كثيراً تدفع العديد من الدول في منطقة الخليج العربية إلى الاستثمار في استضافة الأحداث الرياضية الكبرى أو الدولية، من بينها جذب السائحين، وتحسين الصورة، وتطوير العلاقات الدولية.

ساهمت العولمة في تأثير الرياضة في السياسة الدولية

ركّزت الورقة كذلك على التأثير الناتج من استضافة الأحداث الرياضية داخلياً في المجتمع المُضيف، ومقارنة "الدخل النفسي" الناتج من حدثين رياضيّين استضافتهما قطر في فترتين زمنيّتين مختلفتين. واعتمد المتحدث اختبار Mann–Whitney U test للمقارنة بين مجموعتين مستقلّتين من طلاب الجامعات المُقيمين في قطر، الأولى سنة 2015 في أعقاب "بطولة العالم لكرة اليد"، والأُخرى سنة 2019 بعد "بطولة العالم لألعاب القوى" وقد أظهرت النتائج زيادة في مستوى التأثير الاجتماعي.

الرياضة والأنظمة السلطوية

بورقتهما طرح الأستاذان المساعدان في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بـ"معهد الدوحة للدراسات العليا"، عبد الكريم أمنكاي وعمار شمايلة "الحصيلة الأولمبية للأنظمة السلطوية" وربطا هذا بسؤال "هل من أثر لشخصنة الحُكم؟" على هذه الحصيلة. جاء ذلك في الجلسة الثالثة بعنوان "الرياضة والحُكم والعلاقات الدولية".

فمنذ نشأة الألعاب الأولمبية الصيفية الحديثة في نهاية القرن التاسع عشر، كانت العديد من الأنظمة السلطوية سبّاقة إلى الوعي بالحُمولة السياسية للفوز بالألقاب والميداليات في هذه التظاهرة الرياضية العالمية، وعلى رأسها الأنظمة الفاشية في ألمانيا وإيطاليا قبل الحرب العالمية الثانية، والأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفييتي وألمانيا الشرقية في زمن الحرب الباردة، لِما يوفره ذلك من فرصة لشحذ الشعور القومي وتعزيز شرعية النظام، وإبراز التفوّق الأيديولوجي أيضاً في مواجهة الخصوم الداخليّين والخارجيّين.

لكن الدول ذات الأنظمة السلطوية لم تكن كلّها على المستوى نفسه من النجاح الأولمبي وفق ما تقول الورقة. من أجل ذلك، حاول الباحثان البحث في أسباب هذا التفاوت، من خلال التركيز على دور شخصنة النظام السلطوي بصفته عاملاً مفسّراً في هذا المجال. وتبيّن من خلال تحليل معطيات تغطّي الفترة (1948 - 2008)، أنّ قدرة أيّ بلد يحكمه نظام سلطوي على حصد الميداليات الأولمبية تتأثّر بمستوى شخصنة الحُكم. فكلّما ارتفع مستوى شخصنة النظام السلطوي، انخفضت حصيلة البلد من الميداليات الأولمبية، بغض النظر عن طبيعة هذا النظام السلطوي (حزبي، ملكي، عسكري، فردي)، من دون أن يلغي ذلك محورية العوامل البنيوية المتحكّمة تقليدياً في تألّق أي بلد في المنافسات الرياضية الدولية، وعلى رأسها مستوى النمو الاقتصادي وعدد السكان.

العلاقات الدولية

الرياضة وحقل العلاقات الدولية: كيف تعاملت النظريات الوضعية مع ظاهرة الرياضة؟ هذا سؤال أحمد قاسم حسين مدير تحرير دورية "سياسات عربية"، ومن خلاله تطرّق إلى اتخاذ العلاقات الدولية من الرياضة مسرح تعبير، على اعتبار أن الرياضة تابعة للسياسات الخارجية للقوى العظمى، تتأثّر بها ويجري توظيفُها لخدمة مصالحها وتعزيز نفوذها، كما أنها تعكس مكانتها كقوّة عُظمى في بنية النظام الدولي.

وساق في ذلك جملة من الأمثلة من أبرزها "دورة الألعاب الأولمبية في برلين" عام 1936، التي نالت فيها ألمانيا الحصة الكُبرى من الميداليات، واستثمرتها ضمن الدعاية النازية للتفوّق الألماني، وما إن انتهت الحرب العالمية الثانية حتى تبادلت الولايات المتّحدة، والاتحاد السوفييتي المرتَبتين الأولى والثانية في صراعهما الرياضي - السياسي.

بل لم تكن حلبات المنافسة على الفوز فقط، حيث استُخدم سلاح المقاطعة، يضيف، عام 1980 في "دورة الألعاب الأولمبية في موسكو"، حيث قاطعتها أميركا ودول أوروبية عقب غزو الجيش السوفييتي أفغانستان، وردّت موسكو بمقاطعة "دورة لوس أنجليس عام 1984".

وختم أخيراً بأن العولمة أسهمت في زيادة مساحة تأثير الرياضة في السياسة الدولية بسبب تطوير البنى المؤسّسية الرياضية الدولية التي تملك مقوّمات مالية وإعلامية، جعلها فاعلاً في النطاقات السياسية والإعلامية والثقافية بما يتجاوز حدود الدولة القومية، مُشيراً إلى أن بحوث تأثير الرياضة في العلاقات الدولية ما زالت في مرحلة جنينية ما يستدعي فتح حوار وتقديم مساهماتٍ عربية لفهم تأثيرها في السياق العربي.

القوّة الناعمة

وفي رأي نديم ناصيف الأستاذ المشارك في التربية البدنية والرياضة، بـ"جامعة سيدة اللويزة" اللبنانية، فإنه لدى تنفيذ سياسات الرياضة على المستوى الوطني، يكون أحد الأهداف الرئيسة للحكومات هو الاستثمار الرياضي، والهدف من ذلك تحقيق مكانة دولية. وعلى الرغم من تحديد أهداف سياسات الرياضة على المستوى الوطني من جانب العديد من الباحثين البارزين في حوكمة الرياضة، فإن البحث الذي يقترح قياس نجاح هذه السياسات أو فشلها لا يزال نادراً.

جاء ذلك في ورقته "قياس قدرات البلدان على استخدام الرياضة أداةً للقوة الناعمة: مؤشّر القوّة الرياضية العالمية".

ووفق الباحث فإن العديد من الأدبيات تفيد بأن إن الباحثين يميلون عموماً، إلى الرجوع إلى جدول الميداليات الأولمبية لتقييم وصول الدول إلى مكانة دولية من خلال الرياضة. ويأتي ذلك نظراً إلى عدم تمكّن مؤشّرات القوّة الناعمة التي جرى إنشاؤها حديثًا، ولا سيما "القوّة الناعمة 30"، و"مؤشّر القوّة الناعمة"، و"مؤشّر القوة الناعمة العالمية"، من استخدام التصنيفات الرياضية ذات الصلة بقياس قدرة البلدان على استخدام الرياضة أداةً للقوة الناعمة.

الرياضة فضاء للمقاومة

الجلسة الرابعة جاءت بعنوان "الرياضة فضاء للمقاومة: حالة فلسطين" وفيها تحدّث إيهاب محارمة سكرتير تحرير دورية "سياسات عربية" عن "تحوّلات المقاطعة الرياضية لإسرائيل وتأثيراتها". بحث محارمة في جذور المقاطعة الرياضية لإسرائيل، والتحوّلات التي مرّت بها، وتأثيرها في نظام الاستعمار والأبرتهايد الإسرائيلي. وناقش الأسباب التي أدّت إلى تطوّر المقاطعة الرياضية لإسرائيل في البطولات الرياضية الدولية الكُبرى في العقد الأخير، وكيف أن اندلاع الثورات العربية في أواخر عام 2010، التي أعطت زخماً إضافياً للشباب العربي للاهتمام بمقاطعة إسرائيل في العموم، ومقاطعتها رياضياً على وجه الخصوص، جنباً إلى جنب مع مطالبتهم بإنهاء الاستبداد والحكم الفردي، قد منح الرياضيين العرب فرصة لتحويل البطولات الرياضية الدولية الكُبرى إلى فضاء للعمل السياسي.

صار البحث بعد النكسة عن صيغ رياضية مقاومة للاحتلال

ومضى يقول إن انخراط العديد من الرياضيّين العرب في الثورات العربية أدّى إلى صعود مقاطعة إسرائيل في البطولات الرياضية الدولية الكبرى وتطوّرها، وظهور أشكال وتكتيكات مستحدثة من هذه المقاطعة، بخلاف أشكال المقاطعة الرياضية التي ظهرت في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته، بعد طرد الدول العربية إسرائيل من "الاتحاد الآسيوي لكرة القدم"، وفق ما قال.

وعليه لاحظ أن المقاطعة الرياضية لإسرائيل في العقد الأخير، ظهرت بوصفها إحدى أدوات السياسة الدولية التي تعكس تأثير التفاعل الحاصل بين الحركات الاحتجاجية المحلّية وشبكات المناصرة العابرة للحدود، وهو ما ظهر جلياً في تأثير هذه المقاطعة في صورة إسرائيل، ومكانتها الدولية، وعلامتها التجارية الرياضية، وجهودها الدبلوماسية المتعلّقة بتسويق شركاتها الرياضية الناشئة.

المؤسّسة الرياضية الفلسطينية

تابع إبراهيم ربايعة مدير تحرير دورية "شؤون فلسطينية" المؤسّسة الرياضية في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ النكسة عام 1967 حتّى 1995. وفي ورقته قال إنّ النكسة شكّلت صدمة لبُنى الفعل الاجتماعي الفلسطيني ونواظمه في الضفة الغربية وقطاع غزّة، ولحقت هذه الصدمة المؤسّسة الرياضية الفلسطينية، وأثّرت فيها تأثيراً بالغاً.

كانت المؤسّسة الرياضية الناظمة في الضفة الغربية التابعة للأردن، ونظيرتها في قطاع غزة تحت إدارة مصرية، لتُسقط النكسة هذه التكوينات، ويبدأ الرياضيون الفلسطينيون في البحث عن أشكال التنظيم الذاتي وفق قواعد التكييف الرياضي المقاوِم للاحتلال، والرافض للانخراط في التنظيم الإداري والفنّي الاستعماري الذي حاولت إسرائيل فرضه. وأضاءت الورقة على موقع المؤسّسة الرياضية الجمعية، متمثّلة في الأندية، في الأرض المحتلّة بعد عام 1967، وتطوّر هذه التكوينات، وبنائها المتدرّج لتكيُّفها المقاوِم في مواجهة منظومة السيطرة والتحكّم الاستعمارية.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون