"الأمير عبد القادر والكتابة": إضاءات على مثقّف موسوعي

01 ابريل 2022
(الأمير عبد القادر في بورتريه لـ ستانيسلاو شليبوفسكي)
+ الخط -

إلى جانب كونه سياسياً وقائداً حربياً قاد واحدةً من أبرز المقاومات الشعبية ضدّ الاستعمار الفرنسي، يُعرَف الأمير عبد القادر الجزائري (1808 - 1883) بوصفه كاتباً ترك العديد من الآثار في الشعر والفلسفة والفكر والتصوُّف، وهذا الجانبُ كان محور ندوةٍ بعنوان "الأمير عبد القادر والكتابة"، أُقيمت أمس الخميس ضمن فعاليات الدورة الخامسة والعشرين من "معرض الجزائر الدولي للكتاب"، والتي تُختَتم اليوم.

في مداخلته، أشار الكاتب والباحث بومدين بوزيد إلى التنوُّع في كتابات الأمير عبد القادر، حيثُ توزّعت نصوصه بين الشعر والحكمة الفلسفة والفكر والمواعظ والتصوف، وهو ما نلمسه في مؤلّفاته الكثيرة؛ مثل "المواقف" و"ذكرى العاقل وتنبيه الغافل"، و"المقراض الحاد".

بالنسبة إلى بوزيد، فإنّ كتابات الأمير عكست تفتُّحه على الآخر واطّلاعه على تراث كبار العلماء والمتصوّفة والمفكّرين؛ مثل محيي الدين بن عربي، والإمام أبي حامد الغزالي، وأبي حسن الشاذلي، وعبد الرحمن بن خلدون، بالإضافة إلى كتب الفلسفة اليونانية والمؤلّفين المسيحيّين.

واختتم المتحدّث بالقول إنَّ هذا الجانب الفكري في حياة الأمير تعكسه عاصمته المتنقّلة، والتي تُعرف باسم "الزمالة"؛ حيث كانت تحتوي، إضافةً إلى خيمته وأسلحته، مكتبةً تضمّ الكثير من الكتب التي تلخّص اهتماماته المعرفية والثقافية والدينية.

أمّا الباحث في التاريخ، عمار بلخوجة، فوصف، في مداخلته، الأميرَ عبد القادر بأنّه "علّامة ومفكّر ورجل إنسانية مثالي، مُشيراً إلى تعلُّقه، منذ نعومة أظفاره، بالدين والفكر والثقافة، متطرّقاً لبدايات حياته بمعسكر وتمسّكه وهو صغير بالدين والفكر والثقافة، رغم الظروف التي فرضها الاستعمار الفرنسي.

وأضاف بلخوجة أنّ الأمير عبد القادر، الذي وضع أُسس الدولة الجزائرية الحديثة، كان رجُل حرب، ولكنه صاحب قلم أيضاً، مُعتبراً أن مكتبته كانت "أوّل مكتبة وطنية في الجزائر"، حيث ضمّت الكثير من المؤلّفات في الفلسفة والمنطق والتاريخ والفكر، والتي ظلّ الأمير يجمعها لسنوات إلى أن خرّبها الفرنسيون ونهبوها عام 1943.

وفي معرض حديثه عن مكانته الفكرية، ذكر صاحب كتاب "الأمير عبد القادر: خصوم ومعجبون"، الصادر حديثاً، أنّ الأمير "استقبل في باريس قرابة 300 شخصية فرنسية من عسكريّين وسياسيّين ومثقّفين أرادوا التعرُّف إليه. وكان يحاور الجميع في مجالات الفلسفة والطبّ والفلك والجغرافيا وغيرها".

من جهته، قال الأكاديمي والناقد بشير بويجرة إنّ الأمير قاد ثورةً من الهامش، بوصفه جزائرياً عربياً مسلماً، على المركز، متمثّلاً في الاستعمار الفرنسي، مضيفاً أنّ "شخصيته العبقرية والفريدة تغذّت من العمق الجزائري الخالص".

المساهمون