وبحسب المترجم فإن الحافز الأساسي الذي دفع بوبيرو (1941) إلى نشر هذا الكتاب، هو أن ثمة علمانية جديدة تبرز وتتمدد في المجتمعات الغربية والتي يرفع لواءها اليمين وهذا النوع من العلمنة بحسب المؤلف هي علمنة زائفة.
يرى الكاتب أن هذه الأحزاب نقلت العلمانية إلى المجال العام أي المجتمع وتحولت إلى أداة استبداد ضد الأفراد والجماعات، من حيث أنها أعطت الحق لنفسها في اضطهاد وقمع تعبيرهم عن ذواتهم ومعتقداتهم الدينية بينما العلمانية في جوهرها تعني حياد السلطة السياسية، ومن مستلزمات هذا الحياد ألا تمنع التعبيرات الثقافية والدينية من التمظهر في الحياة العامة.
تقوم أطروحة بيبيرو على تمييز جذري بين علمنة الدولة وعلمنة المجتمع، ويقل العلمنة في المستوى الأولى أي بمدلولها كحياد للدولة أمام الاعتقاد الديني، لكنه يرفض علمنة المجتمع لأنها ستؤول إلى تدخل السلطة السياسية في خيارات الأفراد وحرياتهم.
من هنا يرفض بوبيرو كل أشكال التضييق على المسلمين في فرنسا بشكل خاص وفي أوروبا عموماً، معتبراً أن العلمانية سلاح تستخدمه التيارات العنصرية لتحديد حريات المسلمين المهاجرين كما أنها طريقة للتعبير عن رفض القبول بالآخر.
يقدم بوبيرو في كتابة خطاباً هو أقرب إلى ازدراء هذه السخة معاصرة والمحددة من العلمانية الفرنسية، ولكنه ازدراء مبني على أساس نهج مفاهيمي واضح للغاية.
ما وصفه المفكر لسنوات عديدة بأنه "الأصولية العلمانية" هو في المقام الأول قراءة غير مشروعة لقانون الفصل بين الكنائس ودولة عام 1905، معتبراً أن للعلمانية هدفان: حرية الضمير والمساواة في الحقوق.
ليس هذا فقط بل يقول بأن "العلمانية الجديدة المزيفة" تخالف الشرط الأساسي للعدالة بين المواطنين، وأنها قد تصالحت مع الكاثوليكية لتقليص حقوق أولئك الذين يفكرون بشكل مختلف وفي المقام الأول المسلمين.