"الليبرالية" في مصر: تفاصيل مضاءة من اليابان
ظلت الليبرالية مثلها مثل العديد من المفاهيم الوافدة من الغرب، كالعلمانية أو الوضعية، تعاني من إعاقات جمة في الفضاء العربي. هذه الصعوبات لم تعرفها شعوب شرقية أخرى مثل اليابان.
كثيرة هي المحاولات العربية في فهم أسباب نجاح اليابان وإخفاق العرب في تأصيل المفاهيم الوافدة، لكن هذه المحاولات ظلت منغلقة على نفسها؛ إذ لم تحاول أن ترى الفهم الياباني من الداخل. الغريب أن كتاب "الليبرالية في القرن العشرين" يقدّم قراءة يابانية في التمثل العربي لليبرالية من خلال أعمال رَجُلي فكر مصريين، هما أحمد أمين وابنه حسين أمين.
ألّف الكتاب الباحث الياباني في شؤون المشرق العربي، ماكوتو ميزوتاني، وقد صدر مؤخراً باللغة العربية عن "مجموعة النيل" في القاهرة بترجمة علا أحمد إصلاح.
يبيّن الكتاب أن الفكر العربي لم يخل من محاولات تأصيل مفهوم الليبرالية، لكن هذه المحاولات لم تتطوّر بمرور العقود. كما يكشف كيف أن مؤلفات أحمد أمين الكبرى حول التاريخ الإسلامي قد حجبت اشتغالاته في ميادين عدة، مثل الفلسفة الأخلاقية أو التنظير السياسي.
يرصد ميزوتاني انتقال المشروع الفكري في تأصيل الليبرالية من الأب إلى الابن، ملاحظاً أن تغيرات عدة قد طرأت على منهجيات الثاني، على اعتبار أن الليبرالية عرفت خلال جيلين تحوّلات فارقة، كما الأحداث داخل مصر والخيارات السياسية المتقلبة بتقلب الأنظمة، فرضت استحالة تأصيل المفهوم.
يعد ميزوتاني أحد أبرز المتخصّصين اليابانيين في الشؤون العربية. من مؤلفاته "الإسلام والمجتمع الحديث" (باليابانية) و"الأديان في اليابان" (بالعربية)، أما كتاب "الليبرالية في القرن العشرين" فقد وضعه بالإنجليزية، وكأنه يسهّل مهمة نقله إلى العربية، علماً أن موضوع عمله لم يتطرق له أي مؤلف عربي من قبل.
اقرأ أيضاً: "فراعنة مصر الحديثة": معادلات السلطة لا تتغيّر
