لماذا هاجم حفتر طرابلس؟

15 ابريل 2019
+ الخط -
شهدت الساحة الليبية اشتباكات عسكرية خلال اﻷيام الماضية، مع إعلان خليفة حفتر انطلاق عملية عسكرية للسيطرة على طرابلس، وهو التحرك الذي اعتبره السراج انقلابًا عسكريًا على الاتفاق السياسي، متوعداً بأنه سيسخر كل إمكانياته لصد هذا التقدم عسكريًا.

ويمكن الإشارة إلى مجموعة من الأسباب التى دفعت حفتر للتحرك صوب طرابلس في هذا التوقيت، تتمثل في:

العوامل الداخلية
- تحقيق مكاسب سياسية: يسعى حفتر من خلال هذا التحرك إلى الحصول على مزيد من المكاسب الميدانية التي تمكنه من فرض شروطه السياسية المتمثلة بانفراده في قيادة المؤسسة العسكرية، وربما المطالبة برئاسة البلاد، وذلك أثناء انعقاد الملتقى الوطني الجامع المقرر في مدينة غدامس الليبية، والذي كان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، والمبعوث الأممي لليبيا، غسان سلامة، يصر على انعقاده في موعده، قبل أن يتراجعا عن ذلك الإصرار مع تزايد حدة الاشتباكات العسكرية.

ولكن ما يثير التساؤل هنا هو: إذا كان حفتر يريد الضغط للحصول على مكاسب سياسية فقط، ألم يكن يكفي مجرد الحشد العسكري على حدود طرابلس، وليس شن هجوم مسلح؟ ألم يكن ما أحرزه من تقدم في الجنوب كافيًا لفرض شروطه؟ ألم يكن للدول الداعمة له القدرة على تمرير مطالبه؟


- السيطرة الكاملة على ليبيا: بعد نجاح حفتر في السيطرة على منطقة الشرق، ونجاح عملياته في الجنوب، لم يتبق له سوى منطقة الغرب لتتحقق له السيطرة الكاملة على ليبيا.

وقد حاول حفتر من قبل دخول طرابلس عن طريق الشمال عبر السيطرة على الموانئ النفطية، لكن وجود القوات الرئيسية في مصراتة، وكثافة السكان حالا من دون تجاوزه مدينة سرت، ليتجه حفتر منذ أغسطس/آب 2017، إلى طريق بديل عبر الجنوب، وهي مناطق تشكل النطاق الرخو حول طرابلس، وليجد حفتر، بعد نجاحه في السيطرة على المنطقة الجنوبية، الساحة مفتوحة أمامه من أجل التوجه إلى العاصمة، خاصة أنه يراهن على أن توجهه العسكري تجاه طرابلس قد يدفع مليشيات داخلها إلى إعلان الولاء له.

- السيطرة على النفط: يسعى حفتر إلى إحكام السيطرة على الصناعة النفطية التي تديرها حالياً شركة النفط الوطنية، التابعة لحكومة الوفاق، وذلك عبر السيطرة على حقل الشرارة الليبي الأكبر في ليبيا، وميناء الزاوية الذي يصدر أكبر كميات من النفط، والواقعين فى المنطقة الغربية. وفي حال سيطر حفتر على حقل الشرارة، وميناء الزاوية سيكون عملياً قد سيطر على صناعة النفط، وذلك عبر التحكم في حقول النفط وموانئ التصدير.

الدعم الإقليمي

تأتي خطوة حفتر بعد تأمين الدعم الإقليمي لحملته العسكرية على طرابلس. إذ يأتي تحركه بعد زيارته السعودية، فى 27 مارس/ آذار الماضى، والتي كان يسعى من خلالها إلى الحصول على دعم التيار السلفي المدخلي المدعوم من السعودية، ورفع الغطاء عن بعض المليشيات السلفية المدخلية التي تدعم حكومة الوفاق، إلى جانب توسط السعودية لدى الولايات المتحدة (أو أي قوة دولية أخرى) لعدم عرقلة تحركاته العسكرية تجاه المنطقة الغربية.

كما تعتبر الإمارات أكبر داعمي حفتر دبلوماسياً وعسكرياً، ومن أشد الدول المتحمسة لحملته العسكرية على طرابلس، ووصلت درجة الحماس تلك إلى حدوث خلاف مع الجانب المصري، الذي كان يعترض على تلك الخطوة وتوقيتها. إلا أن الإمارات يبدو أنها أقنعت السيسي بوجهة نظرها من أجل تقديم الدعم لحفتر في حملته العسكرية على طرابلس، بعد لقاء بن زايد بالسيسي في الإسكندرية، في 27 مارس الماضي.

وتهدف حملة حفتر إلى تحجيم المحاور الإقليمية المضادة، خاصة قطر وتركيا الداعمتين لحكومة الوفاق وحلفائها من الإسلاميين ومصراتة. كما يرى العديد من المراقبين أن حفتر يسعى إلى استغلال انشغال الجيش الجزائري بمشهد الحراك الحاصل في البلاد، خاصة بعد استقالة بوتفليقة، إذ إن الجزائر كانت تعارض دوماً قيام حفتر بعمليات عسكرية من هذا القبيل نظراً لأنها تراها تهديداً لأمنها القومي.

الدعم الدولي

يبدو أن هناك دعمًا دوليًا من قبل فرنسا وروسيا لتحركات حفتر، إذ تقوم فرنسا بتوفير الدعم له عبر غرفة عمليات فرنسية في مدينة غريان التي ابتدأ حفتر منها عملياته. وذلك من أجل الحصول على أكبر الثروات النفطية في ليبيا الواقعة على الحدود مع الجزائر، وتحديداً في ولاية فزان. وتقليل النفوذ الإيطالي في ليبيا عبر القضاء على حلفائها في الغرب الليبي. كما تسعى فرنسا إلى توتير الوضع في ليبيا حالياً من أجل إلهاء القوى الدولية الكبرى بالشأن الليبي؛ من أجل أن تتفرغ وحدها للشأن الجزائري.

وفي ما يتعلق بروسيا، فقد منعت صدور بيان عن مجلس الأمن الدولي يدعو قوات حفتر لوقف هجومها على طرابلس، وبحسب دبلوماسيين غربيين، فإن روسيا تدعم حفتر نتيجة رغبتها في استعادة الهيمنة على النفط الليبي، وتسويق معداتها العسكرية، واحتكار عقود إعادة بناء ليبيا التي تقدر بالمليارات، كما تخطط لإنشاء قاعدة بحرية في سواحل ليبيا على البحر المتوسط.