عن شماتة اليساريين والإسلاميين

16 فبراير 2017
+ الخط -
مُنذُ أن استلم، دونالد ترامب، رئاسة أميركا، وكلُّ من اليسار العربي البوتيني المناصر لنظام مؤسِّس سجن صيدنايا، وبعض تيَّارات الإسلام السياسي السلفي والجهادي، تشمَت فعليّاً بالخطاب الديمقراطي والليبرالي، وبالتجربة الديمقراطيَّة عموماً. وتحاول النيل من فكرة الديمقراطيَّة كُكلّ، على مبدأ: "شوفوا الديمقراطية شو جابت".

لا يعرف اليسار البوتيني، بأنَّ الحركة ضمن المؤسسة السياسيّة الديمقراطيَّة الأميركية، نشيطة بشكل لا يمكن قياسه بنظام مافيوزي مثل النظام الروسي، إذ يستطيع بوتين أن يحوّل عطسته إلى مرسوم، أو بجماعة دينيّة مثل النظام الإيراني؛ وبأنَّ ترامب يواجه مقاومة شرسة وشديدة من قبل القضاء والإعلام والمجتمع المدني والسلطات التشريعية والتنفيذيّة وجزء لا يستهان به من المجتمع، ونخب الطبقة الوسطى، والنساء، والتكنوقراط الذي يقود الدولة فعليًا، ويخوض معها صراعاً مريراً، ليس من الواضح أنّه سينتصر فيه.


ترامب ذو التوجّهات الشموليّة المركزيّة يصطدِم بنظام فيدرالي شديد اللامركزيّة، إلى درجة أن قراره بمنع دخول الناس من 7 دول عربية وإسلامية، تمّ إيقافه. في حينّ أن رئيساً مجرماً مثل بوتين، قادر أن يسنّ قانوناً في روسيا بين ليلة وضحاها. وتخضع قرارات السلم والحرب في روسيا إلى مزاجيّته ورؤيته الخاصّة.


أما بخصوص الإسلام السلفي والجهادي، فأنتم بالذات، يجب أن تخجلوا قليلاً. المظاهرات التي خرجت في "دار الحرب" أميركا، احتجاجًا على قرارات ترامب العنصريّة ومنعًا للعنصريّة ضد المسلمين وتأكيدًا على تعدد المجتمع الأميركي، شيء لا يمكن سوى أن ترفع له القبعة. النظام السياسي الأميركي يسمح بالمعارضة ولا سلطة فوق سلطة القانون. في حين أن أنظمة البوط العسكري كالنظام السوري والروسي لا مكان فيها حتى للتنفس. ومن هنا، تحيّة إلى المؤسسة الديمقراطيّة الأميركيّة، ودولة القانون، وتحيّة إلى سلطة القضاء، في وجه ممثل الأسد وبوتين داخل أميركا: دونالد ترامب.
دارا عبدالله
دارا عبدالله
كاتب سوري يقيم في العاصمة الألمانيّة برلين، من مواليد مدينة القامشلي عام 1990. له كتابان: "الوحدة تدلل ضحاياها" (صادر عام 2013) و"إكثار القليل" (صادر عام 2015). يدرس في كليّة الفلسفة والدراسات الثقافيّة في جامعة "هومبولدت" في برلين. من أسرة "العربي الجديد" ومحرّر في قسم المدوّنات وموقع "ضفة ثالثة".

مدونات أخرى