يرفعون شعار "هيا بنا نكذب"
دائماً ما يخرج علينا زعيم حزب الدعوة الإسلامية، نوري المالكي، بتصريحات لا تمت إلى الواقع بصلة! فالرجل يبدو متأثراً بقول وزير الدعاية في عهد هتلر، بول غوبلز، الذي أطلق جملته الشهيرة "اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس"!
خلال شهر رمضان، ظهر المالكي في أكثر من مقابلة تلفزيونية، وكالعادة أخذ يتكلم عن منجزاته "الوهمية"، التي لا يعرفها أحد سواه، فهو الزعيم المنقذ والقائد الملهم الذي كان ينتظره العراقيون لكي يخلصهم من معاناتهم المستمرة على مدى عقود طويلة.
يحاول إسلاميو السلطة دوماً تزييف الحقائق وخلق دعاية إعلامية إيجابية حول أنفسهم، رغم تجربتهم الكارثية في الحكم. فلم يكتفِ زعيم حزب الدعوة في تصريحاته الأخيرة عند هذا الحد، بل زاد عليها من وحي خياله، مدعياً أنّ "الإسلاميين نجحوا بإدارة الدولة"! فعن أيّ نجاح يتحدث المالكي، وهو يعلم جيداً أنّ العراقيين عاشوا أسوأ فترات حياتهم تحت حكم الإسلام السياسي، وفي ظلّ استشراء الفساد المالي والإداري وسرقة المال العام ونهبه.
كيف لنا أن ننسى فترة حكم هذا الرجل كرئيس وزراء لدورتين متتاليتين، التي شهدت انهياراً في معظم القطاعات الحكومية ومشاريع وهمية قُدّرت بالآلاف، مع ازدياد عمليات القتل الممنهج وانعدام الأمن والأمان وانتشار المليشيات المسلحة والحركات التكفيرية واحتقان طائفي وحرب أهلية لم يشهد لها مثيل في تاريخ العراق.
هذا هو مقياس النجاح في نظر المالكي الذي شهد حكمه احتلال مجاميع داعش لثلث أراضي الدولة، ووقف عاجزاً أمام سقوط المحافظات والمدن العراقية واحدة تلو الأخرى بيد التنظيم الإرهابي دون أن يحرّك ساكناً! باستثناء تصريح أطلقه آنذاك عندما قال: "سنحرر الموصل خلال 24 ساعة"، ولم تحرّر الموصل وباقي المدن المحتلة إلا بعد ثلاث سنوات من مغادرته لرئاسة الوزراء!
نجح قادة أحزاب الإسلام السياسي في العراق، خلال سنوات حكمهم على أكثر من صعيد، منها تأسيس "الدولة العميقة" التي تقودها مافيات تابعة لهم، تضرب خصومهم السياسيين!
بالتأكيد لا نستطيع أن ننكر أنّ قادة أحزاب الإسلام السياسي في العراق، نجحوا خلال سنوات حكمهم على أكثر من صعيد! منها تأسيس "الدولة العميقة" التي تقودها مافيات تابعة لهم، تضرب خصومهم السياسيين وتطبّق القانون وفق مقاسهم وتموّل مكاتبهم الاقتصادية من أموال الدولة، على حساب المواطن العراقي الذي يزداد فقراً، تزامناً مع الازدياد الحاصل في الإيرادات المالية للدولة وتضاعف أرقام الموازنات العامة.
كذلك، نجح الإسلاميون إلى حدّ كبير في إضعاف القوات المسلحة، وترويض الأجهزة الأمنية، واستطاعوا تشكيل مليشيات موالية لهم، لا يستطيع أكبر مسؤول في الدولة أن يقف بوجهها.
لكن يبقى النجاح الأكبر بالنسبة إلى المالكي وشركائه في الحكم، في الاحتفاظ بالسلطة، حتى لو كان الثمن الذي دفعه الشعب العراقي، مئات الآلاف من ضحايا العنف والإرهاب والمليشيات المسلحة، وأكثر من مليوني مهجّر داخل البلاد، ومثلهم هربوا إلى الخارج نحو ملاذ آمن، مع استمرار نهب موازنات الدولة وهدم البنى التحتية وإضعاف سلطة القانون وتمزيق النسيج المجتمعي، حتى أصبح كثير من سكان المدن، كأنما يعيشون حياة القرون الوسطى.