وسائل الإعلام الغربية وشيطنة المقاومة الفلسطينية

18 أكتوبر 2023
+ الخط -

ما لا يمكن إنكاره في هذا العالم الذي نعيش فيه الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام والتأثير على وجهات النظر العالمية في مختلف السياقات وتنوّعها. والحالة الفلسطينية لا يمكن فصلها عن هذا السياق، فالإعلام الغربي بالمطلق يتبنّى رواية الاحتلال الإسرائيلي، ويصوّر الثوار والمقاومين الفلسطينيين وكأنّهم المعتدين، عدا عن وصمهم بالعديد من الصفات الذميمة، والتي من شأنها أن تؤثر على المتلقي، فيصبح المقاوم هو "الإرهابي" والاحتلال هو "الضحية". 

وفي ما يلي نركز على عدد من النقاط المتعلّقة بهذا السياق: 

(1): تأطير وسائل الإعلام

أحد الجوانب الرئيسية لتأثير وسائل الإعلام هو التأطير. ويتضمن التأطير كيفية اختيار وسائل الإعلام لتقديم القصة، مما قد يؤثر بشكل كبير على كيفية إدراك الجمهور لها. وفي حالة الثوار والمقاومين الفلسطينيين، كثيرًا ما صوّرتهم وسائل الإعلام الغربية على أنّهم إرهابيون، وليسوا مقاتلين من أجل الحرية. يحدّد هذا الإطار نغمة التقارير المتحيّزة، وهذا ما شهدناه حقًا خلال عملية طوفان الأقصى، إذ تمّ إيصال صورة عن المقاومين باعتبارهم قتلة أطفال وإرهابيين يختطفون المدنيين وينكلون بهم.

(2): اللغة المستخدمة

يمكن للغة المستخدمة في التقارير الإعلامية أن تضفي الطابع الإنساني على الأفراد أو تجرّدهم من إنسانيتهم. في العديد من وسائل الإعلام الغربية يُشار إلى الثوار الفلسطينيين على أنّهم "مسلحون" أو "متطرفون"، في حين يُوصف نظراؤهم الإسرائيليون في كثير من الأحيان بأنّهم "جنود" أو "قوات أمن"، وتؤدي مثل هذه اللغة إلى إدامة منظور منحرف للصراع.

(3): تغطية غير متوازنة

إنّ حجم التغطية المخصّصة لما يجري على الطرف الإسرائيلي أكبر مما تتم تغطيته على الجانب الفلسطيني، ما يجعلها تغطية غير متوازنة. ومع مزيد من التركيز على وجهات النظر الإسرائيلية، لا تترك هذه التقارير المنحرفة مجالًا كبيرًا لفهم الأسباب الجذرية ومظالم الثوار والمقاومين الفلسطينيين.

حجم التغطية المخصّصة في وسائل الإعلام الغربية لما يجري على الطرف الإسرائيلي أكبر مما تتم تغطيته على الجانب الفلسطيني، ما يجعلها تغطية غير متوازنة

(4): إزالة السياق

كثيرا ما تفشل وسائل الإعلام الغربية في توفير السياق التاريخي والسياسي اللازم لفهم النضال الفلسطيني، وبدون هذا السياق يصبح من الأسهل وصف الثوار الفلسطينيين بأنهم جهات فاعلة غير عقلانية.

(5): الشيطنة والتجريد من الإنسانية

ومن بين السياسات المتبعة والممنهجة في وسائل الإعلام الغربية بتنوّعها شيطنة الثوار الفلسطينيين وتجريدهم من إنسانيتهم. ولا يؤدي هذا التصوير إلى تأجيج التحيّزات فحسب، بل يجعل من الصعب على الجماهير الغربية أن تتعاطف مع القضية الفلسطينية.

وأخيرا، تلعب الدعاية في وسائل الإعلام الغربية دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي، فمن خلال التأطير واستخدام اللغة المتحيّزة والفشل في تقديم منظور متوازن، تساهم وسائل الإعلام في شيطنة الثوار والمقاومين الفلسطينيين. ولكن اليوم، ومع وجود وسائل تواصل اجتماعية متنوعة من شأنها أن تنقل، ولو بشكل متفاوت، حقيقة ما يجري ويحصل في فلسطين، يصبح بإمكان مستهلكي الأخبار إجراء تحليل نقدي لتصوير وسائل الإعلام لهذه القضية، والبحث عن مصادر متنوعة للمعلومات بهدف الحصول على فهم أكثر شمولاً ودقة.

تقوى نضال أبو كميل
تقوى نضال أبو كميل
باحثة سياسية، حاصلة على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولة، وتعمل حاليًا كباحثة في مركز الإسلام والشؤون العالمية (CIGA). تتركز اهتماماتها البحثية الرئيسية على نشاط حقوق الإنسان والسياسة في الشرق الأوسط، السياسة الانتخابية. تعرّف عن نفسها، بمقولة غسان كنفاني "أنا من شعب يشتعل حبًا، ويزهو بأوسمة الأقحوان وشقائق النعمان على صدره وحرفه، ولن أدع أحدًا يسلبني حقي في صدقي".