مونديال قطر... حدث كروي صديق للبيئة
انطلق منذ أيام مونديال قطر 2022، الحدث المنتظر للعالم أجمع وللجماهير العربية خاصة، لما يتضمنه من ضخامة وجودة في التحضير والتنظيم. ولكن الملفت في الموضوع، أنّ المونديال هذا سيكون صديقاً للبيئة، ما يعطي هذا الحدث الكروي ميزة، خاصة للمهتمين بالشأن البيئي. فبحسب الموقع الإلكتروني لحكومة قطر، جُهزت الملاعب ومرافق التدريب والمناطق المخصّصة للمشجعين بتكنولوجيا للتبريد بالطاقة الشمسية بغية الحفاظ على درجة حرارة معتدلة، مع احتمالية التحكّم بتلك الدرجات، مما سيوّفر، حتماً، كميات كبيرة من الطاقة، ويحدّ من انبعاثات الغازات السامة، وبالتالي يحدّ من أبرز ملوّثات الهواء.
بالإضافة إلى ذلك، هذا الحدث سيجري في جوٍ خالٍ من التبغ، أي إنّ البطولة حتماً ستكون بطولة صحية، وتحديداً مع صدور قرار رسمي يمنع التبغ والتدخين واستخدام السجائر الإلكترونية في المونديال، وقد تمّ تخصيص فريق متخصّص لضمان تنفيذ القرار. ومع هذا القرار، سيتم حتماً الحدّ من تلوّث الهواء، لا سيما مع الحدّ من انبعاثات أيّة مواد كيميائية سامة، ناتجة عن احتراق السجائر، والتي بدورها تصل إلى الغلاف الجوي، وتساهم في تلوّث الهواء. من جهة ثانية، يساهم هذا القرار بطريقة غير مباشرة بالحدّ من تلوّث المياه، نظراً لأنّ رمي أعقاب السجائر بما تحتويه من مواد سامة كالنيكوتين والمعادن الثقيلة والعديد من المواد الكيميائية الأخرى قد ينتقل إلى مجاري المياه، ما يساهم حتماً في تدمير الثروة السمكية، في حال وصل إلى البحار، أي في المحصلة هذا القرار سيشكل حماية للجو والمياه في آن.
سيكون مونديال قطر 2022 أوّل بطولة محايدة الكربون في تاريخ كأس العالم
أيضاً وأيضاً، من سلسلة التدابير المتخذّة للحدّ من تلوّث البيئة، فقد تمّ إبرام اتفاقية بين اللجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية، ومؤسسة سيفن كلين سيز، المعنية بمكافحة التلوّث البلاستيكي في البحار والمحيطات والأنهار حول العالم. وتنص تلك الاتفاقية على المساهمة في إزالة مخلفات بلاستيكية من أنهار ومحيطات العالم بقدر يعادل تلك النفايات الناجمة عن تنظيم البطولة في مونديال 2022. وهنا سيساهم المونديال، بشكل أو بآخر، في الالتفات الجدّي لمشكلة تلوّث المياه بالمواد البلاستيكية. بالإضافة لتلك الاتفاقية، قد تمّ إطلاق العديد من المبادرات الرامية إلى رفع الوعي حول الحدّ من النفايات، وإعادة تدوير المخلفات، والوصول إلى أعلى المعدلات العالمية في أعمال إعادة التدوير، لا سيما في ملاعب الكرة. بالإضافة لكلّ ما ذكر، وُضعت استراتيجية الاستدامة لاتباعها في مونديال قطر 2022، حيث ضمّت مجموعة شاملة من المبادرات الهادفة للحد من الانبعاثات المرتبطة بالبطولة، وتحديداً مع الاعتماد على وسائل نقل منخفضة الانبعاثات، كالمترو والحافلات الكهربية والترام، والالتزام بالممارسات المستدامة في إدارة النفايات في مواقع بناء الاستادات، وفقًا لمعايير البناء المستدام، والذي بدوره يتضمن التقليل من الغبار في مواقع البناء باستخدام المياه المعالجة، وتقليل النفايات والانبعاثات الكربونية باستغلال الموارد المتاحة من مواد البناء. ومع جميع تلك الإجراءات المستدامة المتخذة، سيكون مونديال قطر 2022 أوّل بطولة محايدة الكربون في تاريخ كأس العالم. وهنا لا بد من التنويه أيضاً، بالاستراتيجيات المتبعة لترشيد استخدام المياه، مثل استخدام المياه المعالجة في التخلّص من غبار الملاعب وفي الري وفي التبريد، كما زوّدت الملاعب بإضافات تسمح بترشيد المياه عن طريق تزويد دورات المياه بمستشعرات الحركة في الصنابير، وأنظمة للكشف عن تسرّب المياه.
شهد مونديال قطر هذا العام سلسلة استراتيجيات استثنائية في التنظيم والتنفيذ، وجميعها وُضعت كي تحد من التلوث تارة، أو كي تخفض من نسبة الملوثات تارة أخرى. ولهذا، ومما لا شك فيه، أنّ هذا الحدث الكروي الكبير، سيكون صديقاً للبيئة بامتياز، علّها تكون فاتحة خير لتكون جميع الأحداث الضخمة القادمة، صديقة للبيئة أيضاً.