من رفعت إلى عمو عبد الحليم حَوّل
احتفت سهرة الإمتاع والمؤانسة بسيرة الرفيق المناضل رفعت الأسد، وأمضى الأصدقاء والصديقات الذين يسهرون يومياً في منزل أحدهم بمدينة إسطنبول بضعةَ أيام وهم يعيدون ويفتقون بهذه السيرة، حتى أن أبو ماهر الحموي استهل هذه السهرة بقوله إننا نحن الذين روينا حكاياته وقعنا في تناقض واضح!
سأله كمال: بجد؟ طيب وين صار التناقض؟
أبو ماهر: عم تقولوا إنه قبل ما يطلع رفعت الأسد من سورية أخد مكنسة كبيرة، وراح ع البنك المركزي، وكنس موجودات المصرف بالمكنسة، وكان هوي مشترط على الوسطاء إنه يقبض مبلغ معين، ولما انتهى من كناسة البنك، عمل حساباته لقى إن المبلغ ناقص، فتدخل العم معمر القذافي وعطاه ميتين تلاتمية مليون دولار بخشيش، أو تسكيتة.. كمان قلتوا إنه المحكمة صادرت بيته اللي تمنه 29 مليون جنيه إسترليني ما عدا أملاك ما بتاكلها النيران موجودة في فرنسا ودول أوروبية أخرى.. وبنفس الوقت قلتوا لنا إنه رئيس اتحاد الكتاب العرب فصله لأنه ما عم يدفع اشتراكات! دخيل اللي خلقكم وصوركم، يعني هالاشتراكات تبع الاتحاد شقد بتطلع؟
أبو المراديس: سؤالك كتير مهم، وإذا الشباب بيتحملوني أنا راح أجاوبك عليها بالتفصيل.. هدول الناس الخشنين المجرمين، قصدي حافظ الأسد ورفعت الأسد وجميل وفواز، وبيت مخلوف وشاليش لما استولوا على سورية بقوة السلاح حطوا بحسابهم مبدأ مو ممكن يحيدوا عنه، وهوي مبدأ (الأخذ).. باختصار هني بياخدوا من أموال الشعب السوري وما بيعطوه.. من مدة قريت فكرة لمعارض سوري عتيد بينصح فيها بشار الأسد إنه يعالج انهيار الليرة السورية بالتخلي عن مليار دولار من ماله الخاص، ويضخّ هالمليار في السوق المحلية، وهيك بتحافظ الليرة السورية على مركزها مقابل الدولار. أنا بصراحة شعرت بالإشفاق على صديقنا المعارض، لأنه فكر في لحظة معينة إنه بشار الأسد يرجّع مليار واحد من عشرات المليارات اللي سرقها من الشعب.. أصلاً هوي ما بيرضى يتسجل في تاريخه إنه (أعطى) للشعب المسكين شي. وعلى هالمنوال بإمكانك تفسر امتناع رفعت الأسد عن تسديد الاشتراكات السنوية لاتحاد الكتاب العرب.
أم زاهر: مع ذلك ما عرفنا، الاشتراكات المتراكمة على رفعت الأسد قديش بتطلع؟
أبو المراديس: بصراحة ما بعرف بدقة، لكن فيني أعمل حساب بسيط. إذا كان هوي انتسب للاتحاد في سنة 1982، وانفصل سنة 2011، بيكون بقي عضو في الاتحاد 29 سنة، ومتوسط الاشتراكات السنوية 500 ليرة سورية يعني المطلوب حوالي 15 ألف ليرة سورية، يعني شي 300 يورو، وإذا بدنا نغامر منقول 1000 يورو.. طبعاً المبلغ مو محرز، لكن مو رفعت الأسد اللي بينطلب منه دفع اشتراكات وما اشتراكات.
أبو محمد: بدكم الصراحة؟ إنتوا عم تحكوا لنا أشياء عجيبة.
كمال: سورية يا عم أبو محمد بينطبق عليها قول الشاعر أبو نواس (تعجبينَ من سَقَمي، صحتي هي العجبُ).. قصدي أقول إنه عصابة الأسد حولت سورية لبلاد عجائب، وكل شي بتلاقيه ماشي صح لازم تتعجب منه! طيب بتصدق إذا قلت لك؟ في احتمال كبير إنه رفعت ما بيعرف، ولا بيتذكر إنه هوي عضو في اتحاد الكتاب العرب! وهادا الحكي ما بينطبق على رفعت الأسد وحده من بين أفراد العصابة. يعني لما أعلن نقيب المحامين في أواخر 2005 فصل عبد الحليم خدام من عضوية النقابة، برأيك عبد الحليم ما تفاجأ؟ أكيد تفاجأ بكونه ما زال محتفظ بعضوية هالنقابة حتى هادا التاريخ، وتفاجأ بالجرأة اللي حصل عليها نقيب المحامين فجأة وخلته يصرخ بالفم المليان إنه قرر فصل عبد الحليم، علماً إنه هادا الرجل كان يوقف قدام عبد الحليم ويلوي رقبته متل المحكومين بالإعدام، ولما بيوقف قدامه إذا إجته السعلة أو العطسة بيستنفر كل طاقات جسمه حتى يمنع خروجها لأنه مو حلوة بحقه يعطس قدام الرفيق أبو جمال.. ومن وين لوين كان يسترجي محمود الأبرش يتمسخر ع أبو جمال ويسميه أبو قبح؟
أبو المراديس: أنا بدي أضيف لكلام صديقي كمال إنه المسؤولين الزغار اللي بيشتغلوا ضمن عصابة الأسد مساكين، وبيستحقوا الشفقة. يا رجل حتى الرجل الآلي (روبوت) بيصير فيه أحياناً خلل، وبيتصرف خلافاً للمسار اللي برمجوه عليه. أما هدول المسؤولين فما بيغلطوا، وواحدهم بينفذ تلاتين أمر من دون ما حدا يطلبهم منه، لأنه خلال وجوده ضمن العصابة بتتشكل عنده حاسة سادسة قوية، بتلاقيه عم يعمل شغلة وبيمتنع عن غيرها وفي الحالتين بيطلع شغله صحيح وما حدا بيآخذُه.
وصاروا المسؤولين الزغار في العصابة يحكوا عن مال الشعب، وحقوق الشعب، وإنه رجل الأعمال المذكور معادي للشعب، وما بيسدد الضرايب اللي بدها تروح في المحصلة للشعب
أم ماهر: ممكن تعطينا مثال أخي أبو مرداس؟
أبو المراديس: نعم. كان في رجل أعمال سوري، كل عناصر الحكم رضيانين عليه، وما في حدا إله عليه مأخذ. وفي يوم من الأيام سلموه منصب، واستمر بمنصبة شي عشر سنوات، بعدين ارتكب غلط كبير فسرحوه. وبلشوا يشنوا عليه حملة متل الحملة اللي شنوها على العم عبد الحليم سنة 2005. ومن جملة الفضائح اللي أثاروها ضده إنه هوي رجل أعمال، ودخله بالملايين، ومع ذلك ممتنع عن تسديد ضريبة الدخل لخزينة الدولة.. وطبعاً بلشت الخطابات الإنشائية، وصاروا المسؤولين الزغار في العصابة يحكوا عن مال الشعب، وحقوق الشعب، وإنه رجل الأعمال المذكور معادي للشعب، وما بيسدد الضرايب اللي بدها تروح في المحصلة للشعب. وتبرع واحد من المحامين الأوباش المرتبطين مع المخابرات برفع دعوى حق عام على رجل الأعمال المذكور، وطالبه بدفع مبلغ الضريبة كاملاً مع فوائده القانونية.
أبو محمد: يخرب ديارهم شقدهم قليلين وجدان. وأيش صار معه؟
أبو المراديس: بكل بساطة رجل الأعمال المذكور وكل محامي، والمحامي في أول جلسة طلب من مديرية المالية في المدينة اللي بيتبع إلها رجل الأعمال، إنها ترفق نسخ من المطالبات اللي كانت تتوجه لموكله.. هادا الطلب أوقع المسؤولين بأزمة كبيرة، وتبين إنه كل الموظفين في مديرية المالية كانوا ما يسترجوا يطالبوه بأي مبلغ، لأنه مسؤول، ومدعوم، ومين بيسترجي ياخد مطالبتُه بالضريبة على مسؤوليته الشخصية؟
كمال: بجد هاي فكرة رهيبة.
أبو المراديس: وطبعاً المحامي كان مفكر يعتمد على عدم وجود مطالبات بدفع الضريبة، حتى ينقض الدعوى، لكن الموظفين والمسؤولين الزغار اجتمعوا في مديرية المالية، ونظموا مطالبات بتواريخ سابقة، ووضعوا نسخ منها في السجلات والمصنفات القديمة، وأثبتوا إنه كانت ترسل إله بالبريد، وإنه هوي ما كان يرد عليهم. وتمكنوا من إصدار حكم قضائي بحقه، ولما امتنع عن الدفع شلحوه في السجن لأجل غير مسمى. أي نعم.