ملف| صراع في جامعات أميركا.. كولومبيا نموذجاً (22)

18 يناير 2024
+ الخط -

قال جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إنّه يشعر كيهودي بالأمان في السعودية أكثر من شعوره بالأمان في جامعة كولومبيا في نيويورك، ما يشير إلى وجود صراع يتأجّج يوماً بعد يوم، وتدور ثناياه بين حُرُم الجامعات الأميركية.

هذا الصراع تقوده المجموعات الطلابية بين مناصري إسرائيل وداعمي القضية الفلسطينية، وتدور رُحَاه عادةً، من خلال المقالات والمقالات المناوئة والمحاضرات والمحاضرات المناوئة، ويتطوّر تارة ليُتهم أستاذ ما بمعاداة السامية، يلي ذلك اتهام لمجموعة أخرى باضطهاد الطلاب العرب والفلسطينيين. لكن حرب غزة أخرجت هذا الصراع عن السيطرة.

منذ بداية الحرب بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي، توالت المظاهرات والندوات العاصفة في حُرُم كبرى الجامعات الأميركية كهارفرد وكولومبيا وستانفورد... وتطوّر الصراع إلى مطالبات بإقصاء أساتذة أعربوا عن تأييدهم للقضية الفلسطينية، أو دعموا هجوم حركة حماس بشكل مباشر، أو غير مباشر، كما حصل مع  أستاذ السياسة العربية في جامعة كولومبيا الدكتور يوسف مساعد، والذي كتب مقالاً في صحيفة الانتفاضة الإلكترونية، أبدى فيه انبهاره بالتطوّر الشديد للتقنيات التي استخدمتها حركة حماس في هجومها الأخير. في اليوم التالي تلقى تهديدًا مكتوبًا بالقتل أسفل مكتبه وعريضة موقّعة من آلاف الطلبة تطالب بطرده من منصبه. 

على الجانب الآخر، تعرَّض أحد الطلاب اليهود لهجوم بالأيدي، وهو يقوم بتوزيع ولصق ملصقات مؤيدة لإسرائيل، ما أجّج الطلاب المؤيدين لإسرائيل واستدعى تدخل من رئاسة الجامعة يدين هذا الفعل. وتقوم المنظمات المؤيدة لإسرائيل بتمويل عربات تلف حَرَم الجامعة، وهي تحمل ملصقات لصور وأسماء الإسرائيليين المعتقلين لدى حركة حماس مع عبارات من قبيل: "هل تستطيع إعادته؟"، أو: "لم يمر أكثر من 65 عاماً على غرف الغاز النازية وهذا يحصل للإسرائيليين الآن". 

يستمر الصراع في حُرُم الجامعات الأميركية بينما تحاول إدارات هذه الجامعات بناء توازن بين الحفاظ على حرية التعبير واحترام كافة الآراء

لا يمر يوم دون أن يلاحظ المارة بين شارعي غرب 113 و 121 (حيث يقع حَرَم جامعة كولومبيا العريق) إشارات الدعم والدعم المضاد بين مجموعات الطلاب النشطة. فمثلًا، نرى علم فلسطين يرفرف فوق شرفة أحد مباني سكن الطلاب، بينما يرتدي العديد من الطلاب الكوفية الفلسطينية كرمز لدعم الشعب الفلسطيني. وعلى الجانب الآخر، يرتدي الطلاب المؤيدون لإسرائيل أساور في أيديهم بنجمة داود ويوّزع بعضهم أوراقا تشرح لماذا يجب دعم إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها من وجهة نظرهم، ويرفع بعضهم علم إسرائيل على شرفات مساكنهم الجامعية. 

وصلت حالة الاحتقان ذروتها عندما جمّدت جامعة كولومبيا عضوية ناديَين طلابيَين مؤيدَين للقضية الفلسطينية، أحدهما هو نادي "الصوت اليهودي للسلام"، والثاني هو نادي "طلاب من أجل العدالة لفلسطين". وأتى التجميد بدعوى خرق الناديين الطلابيين لقوانين أمن الحرم الجامعي. وأدانت العديد من المنظمات الطلابية والحقوقية هذا التجميد لنشاط الناديين، من أبرزها مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير). 

ويخشى الطلاب من تطوّر حالة الاحتقان إلى أعمال عنف في جامعة كولومبيا وكافة الجامعات الأميركية. فقد بدأت بوادر فردية كحادث إطلاق النار على ثلاثة طلاب فلسطينيين كانوا في طريقهم لزيارة صديق لهم في مدينة برلنغتون في ولاية فيرمونت يوم السبت الموافق 25 نوفمبر/ تشرين الثاني، لا لسبب سوى أنهم كانوا يرتدون الكوفية الفلسطينية. 

يستمر الصراع في حُرُم الجامعات الأميركية بينما تحاول إدارات هذه الجامعات بناء توازن بين الحفاظ على حرية التعبير واحترام كافة الآراء، وبين حماية الأمن العام وتوفير بيئة تعليمية آمنة لكلّ الطلاب من كافة التوّجهات الفكرية والأعراق والأديان.

مدونات
مدونات

مدونات العربي الجديد

مدونات العربي الجديد

 

النصّ مشاركة في ملف| غزّة لحظة عالمية كاشفة، شارك معنا: www.alaraby.co.uk/blogsterms
نصر عبده
نصر عبده
أستاذ لغة عربية في جامعة كولومبيا في نيويورك.