مسلسل اختطاف عليا (الحلقة الأولى)

13 فبراير 2018
+ الخط -
بمجرد ما دخلت المقهى في ذلك اليوم، انتبهت إلى أن صديقنا الحبيب سلوم جالس إلى إحدى الطاولات وحيداً وحزيناً.. مثل القرد اللي قاتله صاحبه، فذهبت من توي إليه، وجلست معه، وسلمت عليه ولكنه لم يرد، واستدار بجلسته إلى حد أنني لم أعد أرى سوى كتفه وجانباً من وجهه.

خطر لي أن هذا السلوك غير مقبول، ولا يحق لسلوم أن يهينني بهذه الطريقة مهما تكن الأسباب.. دققت في وجهه فوجدته متضايقاً وساخطاً ويحتاج إلى من يتحمل مزاجه العكر، فتراجعت عن زعلي منه، ورحت ألاطفه..

وسألته عن سبب حرانه مثل البغل الشموس، فقال لي بجلافـة:
-ما في شي.. اتركني بحالي.

زجرته مهدداً بأني سوف أعد حتى الرقم ثلاثة، فإن لم يقل لي ما به سأتركه مع أحزانه وحيداً وأمشي، ووقتها استدار نحوي وقال:
-أخي أنا رجل ما لي حظ من حدا في هالدنيا، إذا إنتوا المحسوبين أصدقائي مو واقفين معي، ولا سائلين عني، فما عتبي على الناس الآخرين؟..


قلت: ياعيني ياروحي ياسلوم، بعمرك سمعت في حدا بيحسن يوقف مع رفيقه ويتضامن معه، من دون ما يعرف أيش هي مشكلته؟

فقرب وجهه مني وهو يقول هامساً:
-معك حق. أخي باختصار أنا عشقان بنت من مدينة جبلة الساحلية، اسمها عَلْيا. بتعرف أيش بيصير بالأرض المزروعة بالقمح بعد حصادها؟

قلت له: أيش بيصير فيها؟
قال لي: أصحاب الأرض بيشعلوا النار في الحصيدة حتى يمنعوا الرعيان من إدخال غنمهم إليها، أنا هلق قلبي محروق وأسود مثل الحصيدة.
قلت له: بالعكس، أنا أعرف العشاق، بتحلى أيامهم، وبتصير قلوبهم حمرا قانية، و..

فقاطعني قائلاً بلهجة باكية:
-العشاق اللي عم تحكي عنهم أنت ظروفهم جيدة، وما في شي بيحول بينهم وبين عشيقاتهم، تصور أنا أحب البنت عليا وهي بتحبني، ومع هيك بيوقف أبوها وأهلها في سبيل سعادتنا، إهي إهي إهي..

قلت: عم تبكي ياسلوم؟ ولاك مو عيب عليك تبكي منشان بنت؟ الدنيا مليانة بنات ولاك خاي.
قال لي: هي مو أي بنت ياخاي، هاي عليا، أنت مو سمعت فيروز لما بتقول (يخرب بيت عيونك ياعليا شو حلوين)؟

قلت له: عليا تبع فيروز صحيح عيونا حلوين، بس قصتا مليانة مشاكل.. وبحسب ما بتقول فيروز إنو وهي قاعدة في البوسطة كان في جنبا واحد عم يقرط خس، وواحد عم ياكل تين، وواحد منيم مرتو ع كتافو، ومرتو داخت، يعني أنت أيش بدك من هاللوصة؟

غضب سلوم وقال: عم تنكت حتى تتخلى عني أنت والشباب؟ أخي متلما بيقول المتل: المصيبة مصيبتي، وكل إنسان بيقلع شوكه بإيديه.

قلت له: طول بالك سلوم، عم نمزح. قلي لأشوف، شلون منحسن أنا وبقية أفراد الشلة نساعدك؟
قال لي، بعدما تلفت يمنة ويسرة وإلى الخلف:
-إذا كنتوا أصدقائي متل الناس والخلق بتروحوا معي ع مدينة جبلة، وبتساعدوني في خطف البنت عليا، بعدها منروح ع المحكمة وبتشهدوا على زواجنا، لأنه عليا بالغة راشدة، وهيك منحط أهلها تحت الأمر الواقع.

(نهاية الحلقة الأولى)
دلالات
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...