كيف ولد اليوم العالمي للغة العربية؟

18 ديسمبر 2022
+ الخط -

في اليوم العالمي لمعشوقتي اللغة العربية أتخيّل: ماذا لو لم يكن لساني عربيًّا؟ هل كنت سأتعلم العربية؟ 

أظن أنني بالنظر إلى نفسي ومنهجي في التفكير منذ وعيت كنت سأتعلمها بعدما رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا؛ إذ إنها اللغة التي اصطفاها الخالق عز وجل للتعبّد بها، لكني كنت سأتعثر في نطق بعض حروفها؛ لأنني كنت سأتعلمها بعد البلوغ والبحث عن أفضل الطرق للوصول إلى الله، ومن ثم ستكون مرحلة مرونة العقل في اكتساب شتى لغات العالم كأهلها قد ولت بالنسبة لي؛ حيث يقول العلماء إن الطفل يستطيع نطق شتى لغات العالم إذا تعرَّض لها منذ لحظة الميلاد حتى سن الثالثة، وإذن لما أمكنني نطق حرف العين ولا الهمزة على سبيل المثال، فكنت سأنطق عمرو "أمر"، وأسماء "أسما"، فالحمد لله الحمد لله على لساني العربي!

لكن يبقى السؤال: لماذا نحتفي باليوم العالمي للغة العربية؟

تجدر الإشارة إلى أنّ الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة أصدرت، في 18 ديسمبر/ كانون الأول عام 1973 خلال دورتها الثامنة والعشرين، قرارًا يقضي بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية. وقد جاء ذلك بناء على طلب من جامعة الدول العربية.

وقُدّمت مبادرة تأسيس المجلس الدولي للغة العربية إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بمناسبة إعلانها عام 2008 عامًا للغات. ورحب المدير العام للمنظمة السيد كوشيرو متسورا بالمبادرة التي تعزّز موقع اللغة العربية في هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها بصفتها واحدة من اللغات الست الرسمية فيها.

تأسس المجلس الدولي للغة العربية وفق نظام يرعى أهدافًا وغايات دولية لخدمة اللغة العربية وثقافتها

ونظرًا لأهمية المبادرة، خاطبت "يونسكو" الدول العربية والهيئات الدولية التي رحبت بالمبادرة، وقدمت دعمها وتأييدها الكاملين لتأسيس المجلس الدولي للغة العربية. وقد رأت "يونسكو"، بعد استكمال الإجراءات النظامية والقانونية، أن يتأسس المجلس كمنظمة دولية مستقلة في دولة عربية تمنحه جميع المزايا والحصانات، أسوة بالمنظمات الدولية الأخرى العاملة في إطار الأمم المتحدة. لهذا اختيرت الجمهورية اللبنانية لكون مجموعة من هيئات الأمم المتحدة موجودة فيها.

وقد تأسس المجلس الدولي للغة العربية وفق نظام يرعى أهدافًا وغايات دولية لخدمة اللغة العربية وثقافتها. لذلك قررّ أن يعقد مؤتمرًا دوليًا يكون نقطة الانطلاق لأعماله. فكان المؤتمر الدولي الأول للغة العربية، الذي عُقد في بيروت في الفترة (19 – 23 مارس/آذار) عام 2012، بحضور مجموعة من المنظمات والهيئات العربية والدولية. وكان عنوان المؤتمر "العربية لغة عالمية: مسؤولية الفرد والمجتمع والدولة". ويؤكد عنوان المؤتمر عالمية اللغة العربية، وأهميتها للأفراد، والمجتمعات، والدول.

وقد شرحت "وثيقة بيروت" القضايا والتحديات التي تواجهها اللغة العربية، إضافة إلى المبادرات والاقتراحات والحلول المناسبة للتغلّب على تلك التحديات التي طرحتها الوثيقة. وتضمنت الوثيقة، في بندها الثامن عشر تحت عنوان: "اليوم العالمي للغة العربية"، تأكيد أن يكون للغة العربية يومٌ عالمي، وناشدت الوثيقة القيادات العربية والإسلامية والمنظمات الدولية أن تحدّد يومًا عالميًا للغة العربية، تنظم فيه مختلف الاحتفالات والمشروعات والمبادرات الخاصة بها، مجمعةً على أن يكون ذلك اليوم العالمي منسجمًا مع مكانة اللغة العربية العالمية وتاريخها ومرجعياتها وثوابتها ومستقبلها.

وقد حظي "اليوم العالمي للغة العربية" باهتمام رئيس الندوة بصفته عضوًا في المجلس التنفيذي لـ"يونسكو"، إذ تقدم بمشاركة بعثة المملكة المغربية، وبتأييد المجموعة العربية في "يونسكو"، بطلب اعتماد مبادرة "اليوم العالمي للغة العربية" إلى المجلس التنفيذي لـ"يونسكو"، والتي تمت الموافقة عليها، ليكون اليوم العالمي للغة العربية موافقًا تاريخ اعتمادها في هيئة الأمم المتحدة الصادر في 18 ديسمبر 1973.

3E7A7174-FBAB-41EE-9E9B-17EE3A36DE1E
أسماء راغب نوار
كاتبة ومترجمة مصرية، عربية مسلمة، أعشق تراب مصر ولا يزال لدي أمل في نهضتها، أعتز بلساني العربي أيما اعتزاز، أتخذ من الإسلام منهجًا للحياة غير مقتصرة على تأدية العبادات، أود تطبيق العدالة بين الناس كافة، درست اللغة الإنجليزية وآدابها وأعمل مترجمة. تعرّف عن نفسها بالقول: "لقد أقمت حياتي على مبدأ أن المطلق الوحيد هو الله وما دونه قابل للأخذ والرد إلا ما أنزل على رسوله أو ورد عنه، ووجهت نفسي للانتصار للحق وليس للرأي، ورفعت عن عقلي الوصاية فاستقل رأيي".