في انتظار الرب

04 اغسطس 2024
+ الخط -

يُحكى أنَّ رجلًا مؤمنًا سقط في الماء وكان على وشك الغرق، وكان هذا الرجل شديد الإيمان، فكان على ثقة بأن الرب سينقذه من الغرق. دقائق ومر بجواره مركب صيد وعرض عليه المساعدة، لكنه رفض مساعدته وفضل انتظار الرب لينقذه. بعد دقائق مرّت سفينة أخرى وعرضت المساعدة عليه، لكنه مرة أخرى رفض وانتظر الرب، وانتهى الأمر بمرور السفينة الثالثة والتي رفضها هي الأخرى وانتهى به الحال كما هو متوقع غارقًا.

وعند صعود روحه إلى خالقه سأل الرب: لِمَ لم تنقذني عندما صليت ودعوت؟ فأخبره الرب بأنه أرسل إليه ثلاث سفن ولكنه رفض مساعدتها فغرق. ماذا تتوقع في النهاية غير هذا!

أفكر مؤخرًا في القصة كلما ضاعت مني فرصة أيًّا كانت طريقة ضياعها، ومع الضغط المتزايد من المحيطين من حولي عن عظمة تلك الفرصة الرائعة التي لن تتكرر مرة أخرى، أتذكر القصة وأتذكر السفن الثلاث وأتساءل هل أفعل مثلما فعل الغريق أنا ومن حولي ممن لا يأخذون كل ما يُعرض عليهم على محمل الجد أو لا يقتنعون به؟ وهل يجب علينا الاقتناع بكل ما يُعرض علينا وقبوله هكذا بدون مراجعة حتى لا نضيع علينا الفرص التي لن يعرضها القدر علينا مرة أخرى؟

ومن يحدّد عدد الفرص التي تُعرض علينا؟ ولِمَ في كل مرة تكون الفرصة من وجهة نظر الآخرين هي الأخيرة؟ وهل للقدر عدد محاولات معينة نستنفدها؟

على الجانب الآخر أجد البعض يقومون بتكبير الصور وجعل قارب الصيد حاملة طائرات، ووصف الأمر وكأنه لا يأتي أبدع من تلك الفرصة أبدًا بالطبع لأنهم أصحاب الاقتراح، أو كطرف ثالث في الأمر المطروح للنقاش، أو يحاولون فقط فرض رأيهم لأنهم أعلم بكل تأكيد مما سأصبح عليه مهما حاولت. وإذا عُرضت عليهم الفرصة نفسها يصبح مركب الصيد فجأة قاربًا صغيرًا ضيقًا تتسرب إليه المياه وعلى وشك الغرق في ثوانٍ ولا يمكنهم ركوبه.

الكثير من التناقضات، والكثير من الأفكار التي يجب علينا الوقوف أمامها والتفكير فيها مليًّا حتى لا نضيع علينا فعلًا أي فرصة قد تفيدنا في المستقبل، وجزئياً حتى نتخلص من إصرار بعض المحيطين بشأن التفكير الجيد، والنقطة الأهم التي تجعلنا نقف حائرين أمام أي اختيار هو وخز الضمير، الضمير الذي لا يتركنا ويجعلنا نتساءل طيلة الوقت هل كانت نجاتنا معلقة بمركب الصيد التي رفضناها مؤخرًا أم أنها كانت مثقوبة، ولا يمكننا ركوبها وكان قرارنا بالتخلي عنها قرارًا صائبًا، وعلينا أن نكمل طريقنا لنبحث عن السفينة التالية ونحن راضون عن الرأي الأخير الذي توصلنا إليه في النهاية؟