دردشة طويلة مع الأستاذ بشير الديك (1/10)
الكاتب الكبير بشير الديك من أكثر كتاب السيناريو الذين تأثرت بهم على المستوى الشخصي والفني، مع أنني لم أقابله في الحقيقة إلا مرتين، الثانية حين أجريت معه هذا الحوار في أغسطس 2014، والأولى في ليلة من ليالي عام 1998، حين سهرت معه في مكتب أستاذي وأبي الذي لم تلده ستّي صلاح السعدني، بصحبة الأساتذة محمود الجندي وفاروق الفيشاوي وشريف كمال، وكنت يومها موزعاً ما بين الانبهار بأنني أجلس بصحبة واحد من الذين صنعوا بعض أكثر أفلامي تفضيلاً، وما بين رغبتي في أن أوجه له سيلاً من الأسئلة عن أفلامه التي أحبها وخصوصاً ما كان منها مع صديقه الأحب ومخرجي المفضل عاطف الطيب، وعن أفلامه التي لا أحبها وأستغربها، لكنني لم أرغب في أن أفسد جلسة الأصدقاء بفضول المعجب ونزق الشاب الذي يريد تشكيل العالم على مزاجه.
ربما شعر الفنان الكبير صلاح السعدني ليلتها برغبتي في سؤال الأستاذ بشير الديك ومساءلته، فحققها لي حين بدأ في مشاكسة صديقه وسؤاله عن تجربته مع نادية الجندي، ومقارنته بتجربته مع عاطف الطيب، وكنت أتوقع أن يغضب السيناريست الكبير، لكنه تجاوب مع المشاكسة بمنتهى الهدوء وبصراحة أدهشتني وأضاءت لي الكثير عن معنى أن تكون كاتباً سينمائياً محترفاً، وأن تحاول دائماً العمل مع مخرج وممثلين تكون معهم فريق عمل متفاهم ومتناغم، فإذا لم تستطع فعل ذلك في كافة تجاربك، عليك أن تذكر نفسك بحدود دورك ككاتب سيناريو، وتتذكر أن الأفلام دائماً تنسب لمخرجيها الذين يتحملون قرارات صنعها، دون أن يقلل ذلك من حرصك على أداء عملك على أكمل وجه.
لم يتسع المقام ليلتها للحديث مع الأستاذ بشير عن تفاصيل تجربته السينمائية، خصوصاً بعد أن انضم إلى الجلسة صديقه السيناريست الكبير محسن زايد، لتتحول الجلسة إلى سهرة في محبة صديق الجميع عاطف الطيب، وأعرف المزيد عن علاقة بشير الديك به على المستوى الإنساني والفني، ومن بين ذلك معلومة لم تكن قد أصبحت شائعة وقتها، وهي أن بشير الديك قام بإعادة كتابة سيناريو وحوار فيلمي الأكثر تفضيلاً لعاطف الطيب وأحمد زكي (الهروب)، والذي كان السيناريست الكبير مصطفى محرم قد كتب النسخة الأولى منه، لكن اسم بشير الديك للأسف الشديد لم يكتب على تيترات الفيلم، وبدا لي أن الحديث عن تلك التجربة كان أمراً مزعجاً وموتراً للأستاذ بشير، ربما لأنه كان يراني لأول مرة، فلم ألح في سؤاله عن التفاصيل.
في السنين التي تلت تلك الجلسة التقيت بالأستاذ بشير لقاءات ودية عابرة، وكان يصلني منه أحياناً تحيات ورسائل جميلة عن بعض كتاباتي، لتظل رغبتي في الجلوس معه وسؤاله عن تفاصيل تجربته مؤجلة لسنوات قرأت فيها الكثير من الحوارات التي أجراها عن مشواره، ولذلك حين جمعتنا الظروف وسعدت بلقائه، اتفقت معه على أن يكون حوارنا أقرب إلى دردشة طويلة عن مشواره الفني، يركز على التفاصيل الصغيرة التي صاحبت تجاربه المختلفة، وقد ارتاح كثيراً لهذه الفكرة التي جعلت هذا الحوار مختلفاً ومهماً وممتعاً، كما أظن وأتمنى.
حين التقيت بالأستاذ بشير في منزله العامر بمدينة الشيخ زايد وسط مكتبته المبهرة في تنوعها وضخامتها، كان وقتها قد بدأ العمل على مشروع مسلسل تلفزيوني عن قصة الحب التي جمعت بين الفنان الكبير فريد شوقي والفنانة الكبيرة هدى سلطان، وكانت صديقتي المنتجة ناهد فريد شوقي ابنتهما، قد حدثتني بحماس شديد عن المعالجة التلفزيونية والحلقات الأولى التي كتبها الأستاذ بشير للديك، وكنت قد قرأت قبل ذلك عن ارتباط الاستاذ بشير بأكثر من مشروع تلفزيوني، اتضح أن بعضها لم يكن ما نشر عنه صحيحاً، وبعضها كان مجرد أحلام وتمنيات لم تترجم إلى تعاقدات، وكان مثيراً لحماسي وغبطتي أن أرى الأستاذ بشير وقد تجاوز السبعين يوم لقاءنا، وهو يتحدث بحماس عن سلسلة طويلة من المشاريع التي ينوي تنفيذها، لكن ما أثار حزني أن نسبة كبيرة من هذه المشاريع كانت سينمائية، ولم يكن حال السينما وقت أن تحدثنا مشجعاً من الناحية الإنتاجية والفنية، ومع ذلك كان الأستاذ بشير يتحدث بيقين العاشق عن تلك المشاريع المنتظرة التي لم يتح له أن ينفذ بعضها مع صديق عمره عاطف الطيب، لكنه كان متحمساً للتعاون مع عدد كبير من المخرجين الشباب الذين كان يتابع أعمالهم بمحبة، ويثق في قدرتهم على تقديم أعماله كما يحلم بها.
في مسلسل كنت عملته مع المنتج جمال العدل، عملت منه سبع حلقات، كان مأخوذ عن رواية بتحكي عن علاقة المسلمين والمسيحيين وكنت بانهيه بأحداث كنيسة القديسين في اسكندرية، بس توقفنا بسببك
ـ أستاذ بشير، بما إننا بدأنا بالكلام عن مشاريعك المؤجلة والمرتقبة، لازم أتكلم لو سمحت لي عن أحب هذه المشاريع إلى قلبي، أو أكتر مشروع أنتظره منها، وهو مشروع مسلسل (الولد الشقي) عن حياة أستاذنا وعمنا محمود السعدني الله يرحمه، المشروع ده أنا حضرت السعدني في منتصف التسعينات وهو بيتكلم عنه بحماس، وقريت زي غيري من عشاقه أخباره بفرحة وترقب، وبعدين فجأة اختفى في ظروف غامضة، وحتى لما كنت باسأل عم محمود أو عمنا صلاح السعدني عنه ما كنتش بالاقي إجابات واضحة عن مصيره، وكنت قريت إن اللي بينتج المشروع شريف جنيدي أخو رجل الأعمال محمد جنيدي؟
كان بينتج المشروع لحساب قناة أوربت، والأوربت هي اللي كانت متبنية الموضوع أصلا.
ـ فعلا، في الوقت ده كان عم محمود بيقدم في القناة برنامج حكايات السعدني، طيب إيه اللي حصل للمشروع؟
هو اللي حصل حاجة غريبة جدا، زي ما كانوا متحمسين للمشروع، توقف المشروع فجأة، ولحد دلوقتي ما عنديش فكرة محددة إيه اللي حصل، لكن سمعت إنه حصل خلاف بين الأستاذ محمود وحد ما في إدارة القناة أو المسئولين عنها، بسبب كلام دار بينه وبين عمك محمود، بس للأمانة ما عنديش فكرة واضحة، لكن بسبب هذا الخلاف المشروع اتلغى، مع إنهم كانوا اتعاقدوا على المشروع معانا ومع السعدني، وأفتكر إن السعدني كان خد وقتها جزء من أجره، عشرة آلاف دولار، وكان وقتها ده مبلغ كبير، وأنا ككاتب وجمال عبد الحميد كمخرج اتعاقدنا وأخدنا جزء من مستحقاتنا، وأنا فاكر إني وصلت يومها لحد 16 حلقة، لكن كل ده توقف فجأة.
ـ كنت سمعت في الفترة دي إن كان في خلاف فني بينك وبين محمود السعدني بسبب إنك كنت عايز تحط جزء كاريكاتير أو كرتون في العمل، والحقيقة دي كانت فكرة جديدة على الدراما وكنت متشوق أشوف نتيجتها؟
هي كانت مجرد فكرة لكن ما عملتهاش، لإن السعدني ما تحمسش لها، وجمال عبد الحميد نفسه ما اتحمسش برضه، فما كملتهاش، وما كانش في خلاف، بس انت عارف الصحافة بتضخم المواضيع، وبالتالي الحلقات اللي كتبتها كانت من غير فكرة الكرتون أو الكاريكاتير.
ـ طبعا بما إنك تعاقدت معاهم وحصلت على مستحقاتك عن الحلقات اللي كتبتها، فما تقدرش تتصرف في الحلقات، ودول مش حلقتين ولا تلاتة، دول 16 حلقة، أكيد شيء صعب جدا بالنسبة لك.
بص أنا رجل مؤمن بالقسمة والنصيب، وشفت من ده كتير في مشواري، فعودت نفسي على تقبل الأحداث اللي من النوع ده، بل يعني ساعات بابقى عامل زي التلميذ اللي بيروح المدرسة، فلما يقولوا له الدراسة إتلغت عشان في مطر يقول الحمد لله، ويعني حتى لو اتهدت المدرسة يبقى فرحان جدا. (يضحك)
ـ بمناسبة المشاريع المتوقفة والكارتون كمان، يمكن أكبر وأشهر مشروع مؤجل ليك هو مشروع فيلم كارتون من إخراجك، اللي هو (الفارس والأميرة)، اللي بنسمع عنه من سنين طويلة؟
لا، خلاص طالع، الحمد لله، هو بس اتأخر لإني كنت عامل شغل صعب، كنت عامل في المعركة الأخيرة في الفيلم حاجات مجنونة، معارك بالمنجنيق وحاجات صعبة، وكان لازم يشغلوا فيها محركين أجانب عندهم خبرة، لكن شغلي كمخرج عملته، الديكوباج والستوري بورد والحركات وكله، وكنت عامل في الفيلم 8 أغاني واستعراضات، والحمد لله كنت باكلمهم من كذا يوم وقالوا لي إن النتيجة طالعة رائعة الجمال الحمد لله.
ـ إيه تاني تفتكره من أعمالك اللي توقفت بعد ما اشتغلت فيها فترة؟
في مسلسل كنت عملته مع المنتج جمال العدل، عملت منه سبع حلقات، كان مأخوذ عن رواية بتحكي عن علاقة المسلمين والمسيحيين وكنت بانهيه بأحداث كنيسة القديسين في اسكندرية، بس توقفنا بسببك (يضحك)
ـ يا ساتر يارب، ليه بس؟
هو كان مأخوذ عن رواية، وبعدين اتعرض مسلسلك اللي هو (الأخت تريز) وكان قريب من الأجواء دي فالمشروع اتأجل.
كان في حاجة اسمها صح وغلط، ما كانش في حكاية الحرام والحلال دي في كل حاجة، يمكن زادت الحكاية دي في أواخر السبعينات والثمانينات، لما بدأت تظهر آثار الرجوع من الخليج وانتشار التشدد الديني
ـ يا خبر، أول مرة أسمع الحكاية دي، هو المسلسل كنت كتبته مع الزميلين حمدي عبد الرحيم وهشام أبو المكارم، لكن أتمنى إن المشروع يظهر للنور بعد ما فات كل الوقت ده، هل كان اسمه (الأرض الطيبة)؟
لا، (الأرض الطيبة) مسلسل كتبته في أول مشواري مع التلفزيون خالص، وكنت باعتز إن العظيم أحمد بهاء الدين كتب عنه.
ـ يبقى ما بيتعادش عرضه خالص؟
آه للأسف، هو كان إنتاج سنة 1982 تقريبا.
ـ العمل ده كان قبل مسلسل (بنات زينب)، أنا كنت فاهم إن أول مسلسل ليك هو (بنات زينب)؟
لا، ده كان قبل (بنات زينب) بكذا سنة، الحقيقة دخولي لمجال الكتابة للتلفزيون كان بسبب المخرج فايز حجاب الله يرحمه، بعد ما عملت فيلم (سواق الأتوبيس)، فايز حجاب ما سابنيش، قعد كل يوم يكلمني ويقولي عايز أقعد معاك وأتعرف عليك، ولازم نعمل تلفزيون، أنا كنت مرعوب من التلفزيون، يعني في السينما الناس هي اللي بتروح لي، في التلفزيون أنا اللي باروح للناس، التلفزيون هيروح بلدنا، يعني شغلي هيخش بلدنا، وهيدخل بيوت الناس في قريتي، واللي بيتعاملوا معايا إني الأستاذ المؤلف، فلو قدمت شغل مش مناسب ليهم أو ما حبوهوش هتكون وقعة سودا، فكان عندي إحساس حاد بالمسئولية تجاه الشغل في التلفزيون.
ـ لكن مش خوف من تكنيك الشغل في التلفزيون، إنه يبوظ لك شغلك كسيناريست سينمائي؟
لا مش كده خالص، ما كانتش النقطة دي في بالي، يمكن لإن وقتها كنا بنعمل المسلسل 13 حلقة بس، فالإيقاع سريع ومش بنبعد عن إيقاع الشغل في السينما. لكن مع ذلك فضلت متردد، ودوّخت فايز حجاب معايا لحد ما اقتعنت، وكان معاه المنتج إسماعيل كتكت، فعشان يقنعوني بالشغل جابوا لي رواية كاتبها واحد أردني، نسيت اسمه دلوقتي، وكان عايز يعملها مصري، فقلت لهم لأ ما ينفعش تتعمل مصري، فقالوا لي طيب اعملنا عمل بتدور أحداثه في الريف، فتحمست إني أكتب حاجة من أجواء قريتي.
ـ وده كان أول عمل ليك في الريف، لإن شغلك قبل كده كله بيدور في أجواء المدن، إلا يمكن أجزاء بسيطة من فيلم (طائر على الطريق).
بالضبط، كله كان في عالم المدن، وكان ده بشكل رئيسي عشان أهل بلدنا يتقبلوني ويحبوا شغلي، وعشان كده استلهمت شخصيات كتيرة من أهل البلد، وكانت النتيجة إنه لما المسلسل اتعرض في ندوة بتعقد عند أبويا كل يوم في البيت، وبعدين شخصية أنا مستلهمها اسمها عم محمد، يقول لأبويا: بص يا عم صديق الله يباركلك قول للأستاذ بشير أنا ما بعتش الدكان، هو ليه خلاني بعت الدكان.
ـ فالموضوع كبر أكتر ما انت كنت متخيل، طب ومشاعر عم صديق نفسه كانت إيه؟
كان طاير من الفرحة، هو كان خلاص طلع على المعاش، فعمل تحت البيت محل صغير بيبيع فيه حاجات، عشان ما بيعرفش يقعد يعني، فكان يبيع في المحل، علف، رز وعدس وحاجات كده، فكانوا ييجوا يعملوا عنده ندوة يومية لمناقشة المسلسل، وكان طاير من الفرحة، وبعدين ما أنساهاش أبدا، إنه مرة حكى لي لما راح دمياط وقعد على القهوة بيستنى معاد يعني، فلقى الناس على القهوة بيتكلموا على مسلسل (الأرض الطيبة) ففرح جدا وقالهم بفخر ابني اللي عمله.
ـ الله، موقف زي ده طبعا بالنسبة لك كوم وكل ردود أفعال النقاد والجمهور كوم تاني، لكن هو الوالد ما كانش شاف لك قبل كده شغل سينما؟
شاف أول فيلم (يضحك) فكرتني بقصة لطيفة في الموضوع ده، أول فيلم عملته أو شاركت في عمله مع مصطفى محرم اللي هو فيلم (مع سبق الإصرار) كان من توزيع وكالة الجاعوني، وكان المنتج وقتها طنوس فرنجية الله يمسيه بالخير أو يرحمه مش متأكد هل لسه عايش ولا مات، المهم لما جم بتوع وكالة الجاعوني ياخدوا النسخ ومنها نسخة هتتعرض في السينما في دمياط، فطنوس قالهم على فكرة الفيلم كاتبه واحد من دمياط، فقرروا يعملوا دعاية للفيلم في دمياط، كان زمان يحطوا الأفيش على عربية وتلف مع ميكروفون في المدن والمراكز القريبة من المدينة، وقعدوا بقى شاهدوا هذا الفيلم من تأليف ابن دمياط البار، ودعوا أبويا وأمي وأخويا واخواتي وقعدوهم في البنوار في السينما تحية ليهم، وكل ده وأنا ما أعرفش، كانوا عايزين يشوفوا الفيلم ويباركوا لي بعدها، وكانوا مبسوطين خالص لإن ابنهم هو اللي عمل الحاجة اللي كل الناس بتشوفها.
ـ ما كانش لسه في تأثر في الأرياف بفكرة تحريم السينما؟
لا خالص، كان في حاجة اسمها صح وغلط، ما كانش في حكاية الحرام والحلال دي في كل حاجة، يمكن زادت الحكاية دي في أواخر السبعينات والثمانينات، لما بدأت تظهر آثار الرجوع من الخليج وانتشار التشدد الديني، فبالتالي كانت الأسرة في منتهى الفخر بشغل ابنها في السينما طالما الفيلم اللي عمله حلو.
ـ طيب قبل ما نسيب النقطة دي، هل حضرت ندوات لمناقشة مسلسلك (الأرض الطيبة) بعد ما اتعرض المسلسل، عشان تسمع رد الفعل من الناس؟
طبعا، وكنت في غاية السعادة، بس قبل ما أنسى خليني أحكى لك على إفيه عالي أوي حصل في آخر حلقة من المسلسل، هو كان وقتها في بلدنا، الخيّاطة، ده اسم بلدنا، وهي قريبة أوي من دمياط، فلما الكهرباء تقطع وقت عرض المسلسل والحلقة تكون في أولها، تلاقي في ناس بتروح جري بالعربية على دمياط عشان تتفرج على الحلقة هناك، لإني كنت عامل أحداث مشوقة، وما فيش إعادة للمسلسل، يعني لو الحلقة فاتتك، خلاص بقى مش هتفهم إيه اللي بيحصل، وما فيش لسه أجهزة فيديو، فما قدامكش فرصة غير إن حد يحكي لك الأحداث اللي فاتتك، فالمهتم أوي يروح دمياط اللي الكهرباء ما بتقطعش فيها كتير عشان يتفرج على القهوة، وفاكر إن في آخر حلقة كان فيها عزت العلايلي والعظيمة سميحة أيوب وهناء ثروت وحسن حسني كان في بدايات شهرته وكان برضه محمد العربي في المسلسل، المهم في آخر مشهد الشخصية اللي بيلعب دورها عزت العلايلي قرر يحرق القرية، والإفيه المدهش والمذهل إن الخياطة، القرية بتاعتنا حصل فيها حريقة في نفس اليوم، جرن اتحرق ولحقوه بسرعة، بس الحلقة بقى ليها معنى تاني عند الناس.
ـ بقت حلقة تاريخية، والله خسارة إن المسلسل مش بيتعاد عرضه، ربنا يوعدنا وينزل قريب على اليوتيوب من حد من هواة التسجيلات.
يا أخي انت رجعتني لذكريات فظيعة، هاقولك على إفيه عالي تاني، كان في قريتنا قهوجي اسمه عم محمد، وبعدين لسبب ما، حصل إن الناس بدأت تناديه وتقوله يا سُكّل، هات البتاع يا سُكّل، حط الشيشة يا سكّل، ولزقت الحكاية دي في دماغي، وأنا باسمي شخصيات المسلسل، قمت مسمي شخصية من الشخصيات سُكّل، وما كنتش أعرف إنه بيكره الحكاية دي جدا، وبقت كل الناس في القهوة وفي البيوت، وطبعا القهوة بتبقى مليانة ناس ساعة المسلسل، وهو في القهوة بيتحرك يسمع حد من جوه التلفزيون بيقول هات القهوة ياض يا سُكّل، فالناس كلها انفجرت من الضحك وما توقعوش إن الحكاية دي تحصل وتتكرر.
المهم لما رحت البلد بعد المسلسل قالوا لي الراجل زعلان منك أوي، قلت لهم لا أروح أصالحه، قالوا لي ما فيش داعي، قلت لهم لا هاروح أصالحه، ورحت أقعد على القهوة، والقهوة على النيل مباشرة، عامل خص كده على النيل، والناحية التانية السنانية، مكان ساحر، فرحت، لقيته متجاهلني تماما، إيه هو الحاج محمد مش عايز يجي لي ياخد الطلب ليه، وأنا كان معايا ناس، فقالوا لي مش عايز يجيلك، وبعت حد ياخد طلبي، قمت رايح له وقلت له مالك يا حاج زعلان مني ليه، قالي بحرقة: أنا، تقول عليا سُكّل، أنا محمد البطل، اللي حاربت الصهاينة في 73، تقول عليّ سُكّل، قلت له لا أنا ما كانش قصدي خالص يا عم محمد، أنا بس الحكاية في واحد بيشتغل عندنا في السينما في المونتاج اسمه سكّل، كلهم بينادوه هناك كده، فأنا أقصده هو معلهش ما كنتش قصدك يعني، فانبسط شوية وبدأ يعلي صوته عشان الناس تسمع إنه مش هو اللي كان مقصود، وبعدين سكت شوية وقالي: بص بقى بصراحة النهاية بتاعة التمثيلية زي الخرا ولا مؤاخذة، أنا طبعا انبسطت لإن ده معناه إنه كمل فرجة لحد الآخر، فقلت له ليه بس يا عم محمد، قالي تحرق البلد ليه يعني؟ مت من الضحك وقلت له معلهش أنا آسف يعني مش هاعمل كده تاني، وما سبتوش إلا لما راضيته، طبعا كل دي تفاصيل ما كانش ممكن تحصل إلا من خلال المسلسل، لأن الأفلام كانت بتاخد وقت طويل قبل ما تتعرض في التلفزيون.
...
نكمل غداً بإذن الله..