جولة في مشوار الأستاذ علي عبد الخالق (8)

10 يونيو 2021
+ الخط -

ـ ضمن قائمة أفلامك فيلم (الناجون من النار) اللي الصحف كتبت إنه اتمنع من العرض لأسباب رقابية، ولم يتم عرضه أبداً؟

الحقيقة الفيلم ده ما اتمنعش من العرض، بعكس ما نشر في الصحف، اللي حصل إن الفيلم ده عملناه في فترة انتشار الحوادث الإرهابية في التسعينات، وكان مكتوب حلو واشتغلنا عليه كويس، وكان بيحكي قصة أخين نشأوا في بيئة واحدة، أخ طلع ضابط شرطة والتاني طلع دكتور واستمالته جماعة إرهابية وبقى الصراع بين الأخين، تيمة بسيطة لكن تفاصيلها كانت معمولة حلو، وعرضت الفيلم على أحمد زكي فعجبه لدرجة إنه قالي أنا هاعمل الشخصيتين، بس نبتدي نصور دور الضابط، ولما تيجي تعمل الدكتور وتصور مشاهده اديني تلات شهور هاكل وآكل وأتخن عشان يبقى شكلي مختلف، ومع إنها كانت فكرة رائعة لكن كان صعب إنتاجيا تستنى تلات شهور مع الأسف فصرفنا النظر عنها، وفكر منتج الفيلم عادل حسني إنه يعمله بوجوه جديدة قلت له ماشي فعملناه وقتها بطارق لطفي وعمرو عبد الجليل ورانيا يوسف وكانت بطولة ليهم لأول مرة وكان معاهم روجينا وعبير صبري، وكان كل يوم يجيلي ولاد وبنات عشان أعمل كاستينج ـ تسكين أدوار ـ لحد ما استقريت على الأسماء اللي هتعمل الفيلم، وكان المفروض هيطلع قبل فيلم (الإرهابي) لكن مع تأخر الإنتاج (الإرهابي) طلع قبلنا، وكانت كل دور السينما اللي بتعرض (الإرهابي) قدامها عربيات بوليس، فالموزع خاف وأصحاب دور العرض خافوا ممكن تحصل حاجة في السينما، فقرر الموزع ما ينزلوش وبعد كده خدته روتانا لكن ما نزلش دور العرض خالص، ولحد دلوقتي مش عارف إيه أسباب عدم عرضه في القنوات الفضائية.

ـ بمناسبة الثنائيات غير التعاون الثنائي مع الكتاب عندك ثنائية خاصة جدا مع مدير التصوير سعيد شيمي؟

فعلا، سعيد شيمي عمل معايا 17 فيلم من بين 40 فيلم، وهو عمل معايا أول أفلامه كمدير تصوير (بيت بلا حنان) وكان شريك في إنتاج الفيلم معايا، وكنت مُصمم إن هو اللي يعمل الفيلم، وقتها كانت النجمات بيحبوا يكون ليهم مصورين معينين وبيخافوا من التعامل مع مديرين تصوير جداد، لكني أصريت إن سعيد يعمل الفيلم وعمله كويس جدا وبعد كده عملنا مجموعة كبيرة من الأفلام، وزي ما قلت أنا باحب أشتغل مع أصدقائي لإني باعتقد إن الصداقة مع الكاتب ومدير التصوير بتكون مفيدة في إنجاز الفيلم على أكمل وجه، لإنها بتيسر الأمور وما حدش بيزعل لو حد زعّق في حد وبالتالي لو مدير التصوير غضب وزعق لي مش هاخدها على كرامتي إزاي مصور يزعق لي والعكس، وعمل السينما عمل جماعي مش فردي، فكلما كانت العلاقة كويسة وفي تفاهم على أسلوبي في العمل والشكل السينمائي اللي عايز أعمل بيه الفيلم لإنه كل فيلم بيكون ليه شكل في بالي، كلما أنجزنا الفيلم بشكل أفضل، وسعيد الحقيقة كان بيقرا السيناريو ويناقشني في الدراما والحاجات المفيدة اللي هتتعمل عشان نحقق اللي في السيناريو، والتفاهم ده هو اللي خلانا نعمل 17 فيلم، وسعيد فيه ميزة مهمة إنه مش بس مدير تصوير ولكنه كمان أحسن مصور أو كاميرا مان، في الوقت ده كان شيء عبقري إنك تلاقي حد زيه يقدر يمسك كاميرا ويتحرك بيها بدون اهتزازات، يعني في مشاهد محتاجة إن المصور يمشي بالكاميرا وسعيد عنده ميزة التعامل مع الـ hand camera قبل ما تتطور التقنيات اللي بتساعد على ده، والنوع ده من الشوتّات كنت باحبه وباستغل قدرة سعيد على عمله بشكل ممتاز.

أحمد زكي كان من مدرسة الممثل اللي ما يحبش الإعادة واللي بيحط طاقته كلها في اللقطة الأولى وبيسخن نفسه في اللقطة الأولى

ـ اشتغلت مع أحمد زكي في ثلاث أفلام: شادر السمك ـ البيضة والحجر ـ أربعة في مهمة رسمية، ممكن تكلمنا عن تجربتك معاه؟

أحمد زكي كان معروف عنه في سوق السينما إنه عصبي وبيعمل مشاكل كتيرة في التصوير، كانوا بيقولوا عليه كده لكن أنا في الحقيقة في تعاملي معاه ما لمستش ده خالص، بالعكس أحمد كان مطيع وذكي جداً، وليه مفاتيح خاصة، اللي يعرف المفاتيح دي، بيبقى أحمد زكي كإنه طفل يسهل قيادته في التصوير، ويمكن في ناس ما تعرفش المفاتيح دي فبتتعب معاه، لكن أنا لقيته سهل في التعامل معاه وسلس جدا رغم إنه عنيد في الوقت نفسه، وأنا كنت صبور جدا في النقاش معاه، أنا فاكر إني مرة قعدت معاه هو ومحمود أبو زيد في قندق مينا هاوس من 10 الصبح لحد 12 بالليل خلال التحضير لفيلم (البيضة والحجر)، كنا بنتناقش في مشهد هو كان عنده رأي ومصرّ عليه، واحنا عندنا رأي ومصرين عليه وما اتفقناش في الآخر على فكرة، لكن أنا وهو مع بعض بيننا علاقة بتخليني أعرف أؤثر عليه.

أحمد زكي كان من مدرسة الممثل اللي ما يحبش الإعادة واللي بيحط طاقته كلها في اللقطة الأولى وبيسخن نفسه في اللقطة الأولى، بس المشكلة إن ممكن حد يغلط، زميلة قدامه في المشهد تغلط، عامل في الاستديو يغلط، وتحصل المشكلة لإنه ما بيحبش يعيد، بيقول لي أنا في الإعادة باحاول أمثل اللي أنا مثلته قبل كده، وكنت دايما أتناقش معاه في الحتة دي وأقوله بس يا أحمد الممثل المحترف المفروض إن المرة الأولى في الأداء تكون زي المرة العشرين لإنه عارف أدواته وإزاي بيستخدمها وإزاي يستحضر نفسه، وبيحضر نفسه كويس لكن اللي انت بتكلم فيه ده مش تمثيل احترافي ده تمثيل هوائي من الهواية يعني، كنت باحاول أشجعه على إنه يستسهل فكرة الإعادة لإنه أحيانا بابقى عايزه يعيد لإن اللي عمله مش المستوى اللي في ذهني، طبعا كان ده صعب لإنه بيحط طاقته كلها في اللقطة الأولى وفي التانية تلاقيه أقل، لكن كنا بنعيد طبعا لو حسيت المشهد محتاج إعادة وأقول له لازم تستحضر الحالة تاني لغاية ما نوصل للي شايفه أحسن.

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31

بلال فضل

كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.

ـ في فيلم (أربعة في مهمة رسمية) اللي يعتبر من أنجح أفلامك وأفلام أحمد زكي عند أجيال مختلفة، هل واجهت مشكلة في التعامل مع الحيوانات خلال التصوير؟

كانت في مشكلة مع الحيوانات ومع الناس (يضحك) لأن الفيلم كان المفروض هيتصور في 6 أسابيع منهم 3 أسابيع في الشارع، ولما نجم زي أحمد زكي يبقى في الشارع لوحده ده مشكلة، فتخيل بقى أحمد زكي ومعاه حيوانات كمان، طبعا الحمار والمعزة ما كانش مطلوب منهم حاجة فكان التعامل معاهم سهل، يتجرّوا فيمشوا وخلاص، لكن اللي كان مطلوب منها كتير هي القردة، وصاحبها جابها وعرفها على أحمد زكي واتصاحبت عليه، ولعبوا سوا وبقى في ألفة جميلة جدا بينهم، بس زي ما قلت كانت المشكلة إن أحمد عصبي، فلما يبتدي التصوير بيكون مندمج وهو من الممثلين اللي بيعيشوا اللحظة ويندمجوا فيها، لكن القردة مشاكسة تقوم لاعبة بإيدها في دقنه فيخرج عن شعوره ويقوم يرميها من على صدره في الأرض، وابتدت تبقى فاهماه وعارفة إزاي تضايقه، فكانت تستنى لغاية نهاية اللقطة وقبل ما نقول ستوب تروح تعضه في ودنه، فابتدا يبقى عصبي جدا أكتر من الأول ويقول أنا مش عارف أركز، وكل شوية متوتر وحاسس إنها هتعمل فيه حاجة تبوظ له الشغل، وكانت مسببة له مشكلة كبيرة، والمفروض في الفيلم بينها وبينه ألفة وتكون أقرب له من الناس الموجودين حواليه لإنه جايبها من الصعيد وحنين عليها، والتوتر ده عمل له وعمل لنا مشكلة، ومع الأسف ما عندناش حيوانات مدربة ولو كان عندنا متخصصين وكفاءات في التدريب كنت عرفت أستفيد من وجود الحيوانات بشكل أكبر في الفيلم، وكان ممكن نوظفهم بشكل تاني، لكن في مصر عندنا مدربين للأسود والنمور لكن باقي الحيوانات مالهاش مدرب.

ـ في فيلم (البيضة والحجر) وفيلم (4 في مهمة رسمية) كان هناك نَفَس سياسي وسط الأحداث والحوار، بعكس أفلامك اللي يغلب عليها الطابع الاجتماعي؟

أنا كل أفلامي فيها توجه سياسي واضح، وما فيش فيلم بشكل عام ما فيهوش توجه سياسي حتى لو صناعه مش قاصدين، بس في الآخر كل فيلم هيعبر عن توجه سياسي ما شئنا أم أبينا، في الفيلمين دول بالذات التوجه السياسي مش إنك تقول الديمقراطية أحسن ولا الليبرالية أحسن، مش رفع شعارات زي ما بيعمل البعض في أفلامه، التوجه السياسي إنك تتكلم في شكل المجتمع وأحواله، مش دي سياسة؟ لما أتكلم عن المجتمع اللي بيطلع منه عامل فقير جاي القاهرة من الصعيد على سطح قطار، ده وضع سياسي بيخلقه مجتمع، ولما يتجوز بنت راجل مهم عشان يستفيد كل ده سياسة.

لكن الفيلم اللي عملته وفيه كلام في السياسة بشكل أكبر وبسخرية كان فيلم (ظاظا) اللي بيتكلم عن حاكم قعد 40 سنة يحكم ومعاه وزراؤه وما حدش منهم بيموت، وده اتقال في الفيلم نصاً "بقالهم 40 سنة وما حدش منهم بيموت"، فييجي واحد من الشعب فبتاخده واحدة من الهيئات الأمريكية تصنع منه نجم عشان توقع الراجل الكبير اللي هو ما بينصاعش لأوامرهم، وبيشيلوه ويعملوا للنجم الجديد دعاية، لكن الناس عايزة تغيير فعلا وبتجيب حد جديد، ويبتدي يعمل إصلاحات وبيطلب منه الأمريكان نفس المطالب فبيقول لهم لأ فبيموتوه.
...
نكمل الحوار الأسبوع القادم بإذن الله.

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.