جلسات النواح والندب
ثمة جلسات خاصة لمجلس الشعب السوري، عُرفت باسم «جلسات النواح والندب»، كانت تُعقد على نحو استثنائي عندما يشعر نظام الممانعة السوري بأنه أهين، أو تلقى ضربة موجعة من أحد ما..
عُقدت واحدة من هذه الجلسات بتاريخ 31/12/2005 حينما انشق شريكُ حافظ الأسد في تثبيت دعائم النظام الديكتاتوري الشمولي عبد الحليم خدام.. عن منظومة الوريث بشار..
والإعلام السوري، يومها، كان طويل البال إلى درجة أنه نَقَلَ، على الهواء مباشرة، وبشكل ممل، مداخلات الأعضاء الذين يربو عددهم عن الـ «250» عضواً، كاملة، وقد ظهروا، كلهم، دون استثناء، منزعجين، غاضبين، حانقين على الأستاذ عبد الحليم خدام الملقب «أبو جمال»، الذي سرعان ما أطلق عليه رئيسُ المجلس «الدكتور محمود الأبرش» لقبَ «أبو قُبْح!»،.. وشرع جميع الأعضاء، من دون استثناء، يوبخونه، ويهينونه، ويزدرونه، ويسبونه، ويسخرون منه، ويتهكمون عليه، ويقللون من شأنه، ويُسَخِّفون آراءه، ويلقون بظلال الشكوك حول تاريخه الخبيث، ومواقفه الخسيسة، ويعتبرون «الخيانة الوطنية العظمى» المرتبةَ الدنيا في قائمة ذنوبه، وجرائمه، وفظائعه!..
ولكن، فيما بعد...
قرف معظمُ أبناء «الشعب» السوري من هذا الإسفاف الذي بدر عن مجلس «الشعب»، بمناسبة انشقاق أحد دعائم النظام الديكتاتوري الشمولي "عبد الحليم خدام"، لأنه، برأيهم، إسفافٌ زائد عن حدود الإسفاف التي عُرف به هذا المجلس نفسه منذ فَجْر الحركة التصحيحية المجيدة حتى تاريخه!.. فهم يعرفون، حق المعرفة، أن هؤلاء الأشخاص الذين عينهم النظام الديكتاتوري بصفة أعضاء في مجلس «الشعب»، كانوا، قبل انشقاق عبد الحليم خدام، يحبونه، ويستلطفونه، ويحبذونه، ويريدونه، ويشتهون صحبته، ويبدون له الكثير من المودة، والكثير من الحماس، ويتزلفون له، وينافقون له، ويترققون أمامه حتى تكاد شخصياتُهم أن تضمحل،.. وكانوا يتحينون الفرص، والظروف، و«المقادير» لكي يلمحوه عن قرب، أو يجتمعوا معه ولو لمدة خمس دقائق، أو أن يتبادلوا معه رقم الموبايل حتى ولو لم يبادر هو للاتصال بهم، وحتى ولو لم يرد على اتصالاتهم، فالمهم لديهم أن تتشرف أسماؤهم بالظهور على شاشة موبايل المعلم أبي جمال الكريمة!!.. ومع أن علاقة معظم هؤلاء الإمَّعات بالله تعالى، وبالأديان السماوية ضعيفة، واهية، إلا أنهم كانوا يستيقظون، في الصباح الباكر، ويتوضؤون، «مبللين أذرعتهم حتى الآباط».. ويصلون الفجر، ويتضرعون إلى الله تعالى أن يتكرم عليهم، فيجمعهم بـ «أبي جمال»، ويحنن قلبه عليهم!
وفيما يتعلق بملفات الفساد... فقد ورد ضمن «جلسة النواح والندب» المذكورة، أن عضو مجلس الشعب المدعو شعبان شاهين، وهو وزير عدل سابق، قال إنه يحتفظ بملفات الفساد الخاصة بعبد الحليم خدام منذ عام 1983.
كان السؤالان اللذان تداولهما أبناءُ الشعب السوري فيما بينهم، صباح اليوم التالي، هما:
- لماذا احتفظ ذلك «العكروت» شعبان شاهين بتلك الملفات طيلة تلك السنين، ولم يحرك أية دعوى قضائية ضد المجرم الخائن المدعو عبد الحليم خدام؟! وكم كان يلزمه من الوقاحة، والبجاحة، وقلة الحياء، والاستخفاف بمشاعر الشعب، حتى جرؤ على الإعلان بأنه كان يتكتم على ملفات فساد عبد الحليم خدام منذ اثنتين وعشرين سنة بينها أربع سنوات كَبيسات؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب (قصص وحكايات وطرائف من عهد الديكتاتورية في سورية) 2014