ازدواجية الغرب في قضية فلسطين
حمزة بوحدايد
يتعامل الإعلام الغربي بازدواجية خطيرة مع ما يحدث في فلسطين المحتلة، فيغضب لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ويغضّ الطرف عن مجازر الاحتلال، فنتساءل: لماذا؟
إنّ مجرّد مقارنة بسيطة بين دول الشرق الأوسط، تبيّن لنا وجود جسم غريب في تركيبته الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية، حيث نرى مجتمعاً لأعراق وثقافات مختلفة، يربط بينها الدين اليهودي أو الانتماء إلى أصول يهودية (فكثير من اليهود اليوم في إسرائيل علمانيون ولا يمارسون الشعائر الدينية، ومنهم ملحدون...). ومن الناحية الثقافية، فإنّ يهود إسرائيل ليسوا أكثر من شتات ثقافي ليهود قدموا إلى فلسطين من أصقاع وبلاد متفرّقة، سواء من شمال أفريقيا أو أوروبا (أشكيناز، سفارديم...)، فيما النموذج السياسي لدولة الاحتلال الإسرائيلي نموذج عنصري مغلق على شاكلة نظام الأبارتهايد والنظام النازي، وذلك رغم ادّعائه للديمقراطية، وإن كانت، فهي ديمقراطية لليهود فقط.
أمّا من الناحية الاقتصادية، فنحن أمام اقتصاد بمقوّمات غربية، وهنا تتكسر الأباطيل لنعكس مقولة أنّ اليهود يتحكمون في الغرب، ونقول، بدلاً منها، إنّ الغرب واللوبيات الاقتصادية الغربية (ومن بينها يهود طبعاً)، هي التي خلقت سردية إسرائيل، وذلك بناءً على سردية دينية، حفاظاً على مصالح الغرب والأميركيين في منطقة الشرق الأوسط وإنهاء مشكلة اليهود في الغرب، ولا أدلّ على ذلك أكثر مما قاله الرئيس الأميركي الحالي، جون بايدن، في يونيو من سنة 1986، في مجلس الشيوخ الأميركي: "إذا لم توجد إسرائيل، لكان على الولايات المتحدة اختراع إسرائيل"، وهنا نفهم ازدواجية الغرب في تعامله مع فلسطين بقولنا: صدّر الغرب مشكلة اليهود إلى العالم العربي والإسلامي، فهو بمدافعته عن إسرائيل وكأنّه يدافع عن نفسه.
والغرب بهذا لا يحتكم لعهود، ولا لمواثيق دولية، ولا لحقوق إنسان، ولا لمبادئ إنسانية، بل هو يكيل بمكيالين، لا لمصلحة الإنسان، بل لمصلحة رؤيته وجماعاته الضاغطة ومصالحها الضيّقة، فالغرب إذاً ليس نموذجاً جيّداً لإحقاق السلم العالمي، ولا نموذجاً لحماية حقوق الإنسان.