إعادة إحياء السينما العراقية بعد سنين عجاف
سابقا لم تكن المسلسلات والأفلام العراقية تستهويني لمشاهدتها، وأن ما أشاهده من الدراما العراقية فقط تلك التي تتحدث عن التاريخ القديم أو التي تتناول حياة شخصية مهمة أو الأفلام الوثائقية.
فقد كانت السينما تصيبنا بخيبة أمل كبيرة فلم ترتق الدراما لأن تكون دراما مشاهدة أو أن تستحق فعلا عناء المشاهدة، فالإنتاج الدرامي يكون بائسا بكل معنى الكلمة سواء في الديكور أو الإكسسوار والأداء فيه ضعف واضح من قبل بعض الممثلين، فالجهة المنتجة همّها الأول والأخير ملء الجيوب دون الاهتمام بتقديم دراما حقيقية..
ففي الألفية الجديدة تراجعت السينما العراقية بشكل ملحوظ ويرجع ذلك لعدة أسباب منها الحصار وخروج الكتاب والمنتجين الكبار خارج البلاد، مما جعل الدراما العراقية تتراجع بعد أن كانت هي أساس الدراما العربية الجيدة، وعدم حصول الممثلين على أجر مجز دفع الكثير من الممثلين إلى البحث عن مهنة جديدة ليكسبوا بها بعض المال يعينون عوائلهم بها، مما انعكس سلبا على السينما العراقية.
كان أول عمل عراقي يترشح لجائزة الأوسكار عن فئة الأفلام الأجنبية هو فيلم شارع حيفا الذي تدور أحداثه عام 2006 خلال الحرب الأهلية
وفي سياق آخر كانت الدراما العراقية لا تخرج من دائرة العنف والنفس الطائفي كان حاضرا في البعض منها، كما أن افتقار أغلب الأعمال إلى المراقب جعل المسلسلات تعرض وفيها العديد من المشاهد المخزية والعبارات النابية التي لا تليق بالذوق العام، كما اقتصرت مواضيعها على أن تكون إما رقصاً وضحكاً وإسفافاً، وهي الدراما التي كانت تسوّق كل سنة وتحرص عليها قنوات معينة، أو العنف والقتل والمطاردات والاختطاف وغيرها بحجّة أن ذلك هو الذوق العام للمشاهد، وأدى ذلك إلى انصراف المشاهد العراقي عن مشاهدة الأعمال المحلية، ليشاهد الدراما العربية سواء كانت مصرية أم سورية أم حتى خليجية بسبب سوء الأعمال المحلية.
ولكن دون أدنى شك خلال مواسم رمضان الخمسة الأخيرة تطورت السينما والدراما العراقيتان بشكل كبير وملحوظ، وهذا التطور ناجم من خلال إصرار العاملين في الدراما العراقية على الاجتهاد والتجديد وعدم تكرار الأعمال السابقة، لكن الحقيقة ما زالت طموحاتنا أكبر من الذي وصلت إليه الدراما عندنا في الآونة الأخيرة.
الطموح يتمثل في أن تصل الدراما العراقية إلى أغلب البلدان العربية، لأن المواضيع العراقية مواضيع مهمة جداً بالنسبة إلى المشاهد العربي، لكن هذا الأمر يحتاج إلى جهود كبيرة جداً من قبل كل العاملين في هذا المجال لا سيما في عملية تسويق الأعمال الدرامية العراقية، لأن الفضائيات العراقية بمفردها غير قادرة على لعب هذا الدور، بل يجب أن يكون هناك بعض التعاون مع بعض المحطات العربية لكي تقوم بعرض الأعمال العراقية مثلما تقوم محطاتنا الفضائية بعرض بعض الأعمال الدرامية العربية، حيث تكون الفائدة تصب في خانة الطرفين.
وأنتجت السينما العراقية مؤخرا العديد من البرامج والأعمال الناجحة وآخرها كان مسلسل بنات صالح وتسجيل دخول وممات وطن، وغيرها من الأعمال الناجحة الأخرى التي حصدت مشاهدات كبيرة في العراق والوطن العربي.
وكان أول عمل عراقي يترشح لجائزة الأوسكار عن فئة الأفلام الأجنبية هو فيلم شارع حيفا الذي تدور أحداثه عام 2006 خلال الحرب الأهلية، قناص يقتل أحمد أمام منزل سعاد التي جاء للزواج بها في ذلك اليوم المشؤوم. للمخرج العراقي الواعد مهند حيال.
فيلم شارع حيفا وغيره من الأعمال العراقية الواعدة تبشرنا بعودة السينما العراقية لمكانها المعتاد بين السينما العربية ولو أن العودة بطيئة، لكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا.