السؤال الموجع من دون إجابة واضحة: هل لدى تحالف دعم الشرعية في اليمن قدرات داخلية وموارد خارجية كافية لقطع المسافات الوعرة والجبال الغاضبة حتى تصل الجيوش، وإن طال السفر، إلى محيط مدينة صنعاء؟
يحق للعربي الذي احترف اليأس أن يجد دلالات الحكايات متشابكةً بين خديعة مقام أبو سريع وخديعة الشيخ ترامب الذي لم يمض نصف عام على رحلته الشهيرة إلى الشرق الأوسط وفوزه بأكياس الذهب، حتى أعلن وعده المشؤوم لدولة إسرائيل المغتصِبة.
للكوميديا السياسية السوداء في اليمن دلالة واحدة، أن استمرار الحرب لن يتجاوز المراوحة بين الموت جوعاً أو مرضاً أو قتلاً، وتُحتّم أن يجد العالم فرصة نهائية وسريعة للخروج منها، وأن يضع حلولاً شاملة وعادلة وثابتة، تخدم الاستقرار الدائم.
هناك شرائح من الأجيال الشابة التي تلقت العلوم والمعارف في أرقى جامعات العالم، وتشبعت بحيوية المجتمعات المتقدمة وتجاربها، تتطلع إلى أن تحظى بلادها بقدرٍ كافٍ من التحديث، وتسخير القدرات الكبيرة والموارد الطبيعية والبشرية، لتحقيق نهضةٍ معاصرةٍ تنعكس إيجاباً على الداخل.
هناك إشارات واضحة في اليمن بشأن مواصلة العمليات في الساحل الغربي، حتى تحرير محافظة الحُديدة، والميناء الذي يعتبر الشريان الأكبر والحيوي، حيث يستخدمه أنصار الله، وفقاً لاتهام الحكومة، لتفريغ شحنات الأسلحة القادمة عبر شبكات التهريب، والسيطرة على المعونات الإنسانية.
لم يعد هناك فاجعة أكثر وقعاً على العالم كالتي حصلت أخيرا في ريف إدلب، ليس بحجمها، ولكن بطريقتها البشعة، فإذا لم يتحرك العالم بصورة موحدة لإنقاذ سورية، فذلك يعني أنه قد دخل مرحلة قاتمة، مرحلة من العجز المخيف.
يصف محللون سياسيون اليمن، في سياقات أحاديثهم المختلفة، بأنه عمق استراتيجي لدول الخليج، ومخزون بشري، وأرضٌ واسعةٌ توفر منافذ برية وممرات مائية، ليس كبديل ظرفي لتأمين إمدادات النفط الخام والغاز عبر البحار المفتوحة، حين تُغلق أو تُهدد مياه الخليج العربي.
لا يبدو بشكل واضح أن هناك تحولا استراتيجيا في سير المعارك في اليمن لأي من الطرفين، ما يعني أن الحرب ستأخذ مداها اللامحدود في عمليات مد وجزر واستنزافٍ متبادل، بينما تنزلق الحياة العامة للمواطنين إلى مستوياتٍ قاسية.
تركيا دولة ديمقراطية حقيقية، ورئيسها زعيم ديمقراطي يؤمن بدولته الحديثة، وليس سلطاناً عثمانيأ أو خليفة مسلمين، كما يحاول بعضهم إلباسه تلك الصفات، فالشعب التركي سينتخب أردوغان، إن واصل نجاحاته، وإن أخفق سيغيّره، وهذا هو الدرس الذي على العرب أن يتعلموه.
تسعى السعودية للخروج من عباءة النفط، ولها أن تتجلى بمظاهرها المتعددة، ونموذجها الحديث، لأن أهلها ومعهم العرب، انتظروا بكل ألوان صبرهم أن تظهر المملكة الجديدة بمشروعها الريادي في الإقليم والعالم، وتضع خلف مسيرتها عاداتٍ سادت، قيدت المملكة داخل جلباب النفط.