مع اتساع نطاق القتال.. مصراتة تشعر بوطأته على الاقتصاد

29 يناير 2015
من ميناء مصراتة الليبية (فرانس برس)
+ الخط -
بدأت وطأة صراع على السلطة، بين حكومتين متنافستين تنذر بتمزيق أوصال ليبيا، تظهر على مصراتة، التي تعدّ مركزاً هاماً للشحن البحري والصناعة لم يكن يعبأ بالاضطرابات التي تشهدها البلاد حتى الآن.

وقد تم خفض الإنتاج في أكبر مصانع الصلب في البلاد، واضطر المسؤولون عن مرفأ مصراتة إلى الحدّ من أنشطته.

وتتقاتل فصائل مسلحة متحالفة مع الحكومتين المتنافستين من أجل السيطرة على ليبيا، بعد أربع سنوات من الإطاحة بنظام معمر القذافي.

وهوى إنتاج النفط إلى 20% فقط، مما اعتادت ليبيا ضخه قبل الإطاحة بالقذافي، بينما تعطلت واردات القمح وغيرها من الأنشطة في الموانئ البحرية بسبب استمرار الاشتباكات في شرق البلاد.

ولم تتأثر مصراتة، حتى الساعة، بالاضطرابات، إذ إن موانئها تخدم جانباً كبيراً من البلاد، كما أنها أصبحت منفذاً رئيسياً للرحلات الجوية إلى ليبيا بعدما تسبب القتال في إغلاق مطار طرابلس الرئيسي خلال الصيف الماضي.

وتضم مصراتة، التي تعتبر ثالث أكبر المدن في ليبيا، أكبر منطقة للتجارة الحرة وأكبر شركة لمنتجات الألبان، وهو ما يجعلها الموقع الوحيد الذي يضم أنشطة صناعية غير نفطية في بلد يعتمد على النفط في تحقيق معظم إيراداته.

غير أن مصراتة تعد أيضاً قاعدة قوات "فجر ليبيا" التي استولت على طرابلس خلال الصيف الماضي وطردت الفصائل المسلحة المنافسة لها من العاصمة، في معركة استمرت شهراً، مما حوّل مصراتة إلى خط مواجهة بين الأطراف المتنازعة.

وقصفت طائرات حربية مصنع الصلب في مصراتة والميناء والمطار دون أن تخلّف خسائر كبيرة، لكن هذه العمليات دفعت شركات الشحن البحري والخطوط الجوية التركية، آخر شركة طيران أجنبية تسيّر رحلات إلى ليبيا، إلى وقف نشاطها.

انخفاض إنتاج الصلب

وفي مصراتة، قال محمد عبد الملك الفقيه، رئيس الشركة الليبية للحديد والصلب، إحدى أكبر شركات الصلب في أفريقيا، إن الشركة تواجه نقصاً في إمدادات الغاز، وستضطر إلى خفض إنتاجها هذا العام بإغلاق اثنتين من الوحدات الثلاث للاختزال المباشر للحديد.

وأفاد الفقيه بأن الشركة اتفقت مع شركة الكهرباء، تنفيذاً لتعليمات الحكومة، على خفض الإنتاج إلى 33% من الإنتاج المستهدف بسبب مشاكل إمدادات الغاز.

وسيبلغ إنتاج الحديد المختزل، الذي يعد مكوّناً رئيسياً في صناعة الصلب، نحو 550 ألف طن فقط خلال العام الجاري، منخفضاً بتوقعات سابقة تناهز 1.6 مليون طن. لكن الإنتاج الفعلي في العام الماضي بلغ 60% من المستهدف بسبب نقص الكهرباء.

وستؤثر هذه التخفيضات على عمليات إنتاج الصلب، وسيتم إغلاق اثنين من أفران الشركة الستة.

وقال الفقيه إنه ورغم أن الأمن في مصراتة ما زال أفضل، مقارنة ببنغازي وطرابلس، حيث قتل مسلحون تسعة أشخاص في هجوم على فندق، أول أمس الثلاثاء، فقد سحب مقاولو الصلب الأتراك والنمساويون موظفيهم من المدينة بسبب الضربات الجوية.

وأضاف أن أعداد السفن، التي تنقل المواد الخام أو الوقود المستورد وترفض الرسو في مصراتة، تتزايد.

وفي مرفأ مصراتة التجاري، انخفض حجم عمليات مناولة الحاويات إلى 174 ألفاً و340 حاوية في العام الماضي، من 225 ألفاً و929 حاوية عام 2013.

وقال مصدر في صناعة الشحن إن بعض شركات الشحن الأجنبية حولت شحناتها إلى موانئ ليبية أصغر، مثل ميناء الخمس، غربي مصراتة، بعد أن أصابت طائرة حربية مخزناً بأحد الأرصفة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أصيبت ناقلة يونانية في غارة جوية أسفرت عن مقتل اثنين من أفراد طاقمها، كما تعرضت سفينة صيد للقصف من جانب طائرات حربية أيضاً.

وتجري الأمم المتحدة محادثات في جنيف مع بعض الفصائل المتصارعة، لكن الحكومة التي تعمل انطلاقاً من طرابلس لم تشارك فيها.

ويشارك في المباحثات ممثلون عن مصراتة حرصاً على التوصل لحل سريع.

وقال محمد التومي، عضو مجلس المدينة: "في مصراتة 70% من الناس يعملون في التجارة والصناعة. ونحن نريد فعلاً وقف هذه الحرب".

المساهمون