جشع الوسطاء يربك سوق الدواجن في المغرب

13 ديسمبر 2014
3.35 مليارات دولار حجم تعاملات قطاع الدواجن بالمغرب سنوياً(Getty)
+ الخط -

عندما تسأل المغربية الستينية، فاطمة، عن أسعار الدواجن في هذه الأيام. تؤكد لك بأنها غير موحدة. ففي السوق المرتجل في زقاق القاهرة بحي درب السلطان الشهير بالدار البيضاء، يصل سعر الكيلوغرام 1.45 دولار في هذه الأيام. تلك السوق التي تتردد عليها في أغلب الأحيان، لكنها تؤكد أن ذلك السعر يتراجع إلى 1.34 دولار في زقاق آخر على بعد خمسمائة متر، ويرتفع إلى 1.56 دولار في سوق القريعة الرسمي.
تلك التفاوتات في الأسعار قد يفسرها قانون العرض والطلب، غير أن العديد من المنتجين، خاصة الصغار منهم، الذين استطلعت "العربي الجديد" آراءهم بمناسبة المعرض الدولي للدواجن بالدار البيضاء، يؤكدون أن هناك فرقاً كبيراً بين السعر الذي يبيعون به الدواجن في المزارع والسعر الذي يبذله المستهلك. الكثيرون يردون ذلك إلى جشع الوسطاء.
يذعن مربو الدواجن الصغار لقانون العرض والطلب، يسلمون به، لكنهم يقرون بأن ذلك القانون يتم تعطيله من قبل الوسطاء، الذين يتحكمون في السوق، فيقترحون أسعاراً، بالكاد تغطي، مصاريف المنتجين، الذين يتكبدون في بعض الأحيان خسائر، تزج ببعضهم إلى الإفلاس. ذلك كان لسان حال، منتجين صغار، إذ تلمس لديهم الكثير من قلة الحيلة في سوق غير منظم، تتهاوى فيه الأسعار بطريقة سريعة.
وقد سعت الجمعية الوطنية لمنتجي الدواجن في المغرب، إلى حماية المنتجين ضد تقلبات الأسعار، حيث حرصت على توجيه رسالة هاتفية يومية إلى المنتجين، تخبرهم، بأسعار بيع الدواجن في مزارع التربية، وتبعث إليهم بلائحة لتلك الأسعار، حسب المدن، ما يعطيهم فكرة حول حال السوق.
غير أن أحمد المراكشي، المنتج الصغير من مدينة مراكش، يؤكد أن" تلك اللائحة لا تقدم سوى مؤشرات، تعطي المنتجين فكرة حول اتجاه الأسعار". ويوضح أن "التجار والوسطاء يفرضون السعر الذي يريدونه، ويدفعون المنتجين إلى القبول. فموازين القوة مختلة بين المنتجين والوسطاء والتجار".

يتحدث هذا المنتح عن ارتفاع تكاليف الإنتاج، ويشير إلى سعر العلف الذي ما فتئ يرتفع، كي يصل الكيلوغرام منه إلى 0.41 دولار. قبل أن يشدد على أن تلك التكاليف مضافاً إليها جشع الوسطاء "تضيف هوامش أرباح المنتجين، إن وجدت".
هذا حديث يدعمه محمد المزابي، الذي بدأ في تربية الدواجن منذ أربع سنوات، فهو يؤكد أن "المنتج الصغير، يبقى تحت رحمة الوسطاء وأسعار العلف".
ويعبر محمد عن حيرته أمام تغييب قانون العرض والطلب في القطاع. فالكيلوغرام من الدواجن، يكلف المنتج 1.06 دولار، لكن الوسطاء يقترحون 1.11 دولار، كي يباع للمستهلك بـ 1.45 دولار في الأيام الأخيرة. هذا يجعل من الوسطاء الرابحين في هذه السلسلة على حساب المنتج والمستهلك.
يتحدث عمر المزمزي، موزع الدواجن، عن الطابع الرسمي، لنشاط المنتجين، فالطلب يرتفع في شهر أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول اللذين يتزامنان مع عودة المغتربين وإقامة الأعراس والعطلة الصيفية، غير أن الأسعار تتهاوي في أغلب فترات العام دون أن يعرف سبب لذلك رغم الإقرار بقانون العرض والطلب.
أحمد المراكشي يشير إلى أن عدم تنظيم سوق الدواجن وعدم حصول المنتجين على أسعار مجزية، اضطر معظمهم إلى الوقوع في شراك المديونية، ما زج ببعضهم إلى الإفلاس، لأنهم لم يستطيعوا الصمود في سوق دائم التقلب.
وقفز إنتاج اللحوم البيضاء في المغرب من 480 ألف طن إلى 565 ألف طن بين 2008 و2013. يشار إلى أن ارتفاع الإنتاج في قطاع الدواجن وتراجع الأسعار، دفع بعض المنتجين إلى خفض استثماراتهم، التي وصلت إلى 1.1 مليار دولار، علماً أن رقم معاملات القطاع يصل في المغرب إلى حوالي 3.35 مليارات دولار.
المساهمون