مفاجآت الموازنة السعودية

26 ديسمبر 2014
مشاريع سعودية في الموازنة لم تكتمل (أرشيف/AFP)
+ الخط -

أمس الخميس كانت أسواق المال الدولية تترقب بشدة الإعلان عن موازنة السعودية للعام القادم 2015، ذلك لأن السعودية هي صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة، كما أنها اللاعب الرئيسي في سوق النفط العالمي لأنها أكبر المنتجين والمصدرين وتقود دول أوبك، وبالتالي فإن أي رقم تضعه المملكة في موازنتها يعطي إشارات ودلالات للأسواق، وعلى رأسها أسواق المال والبورصات والعملات والنفط.

كما أن الظروف التي يتم فيها وضع أرقام موازنة 2015 الجديدة تختلف عن سابقتها، فهناك تهاوٍ مستمر لأسعار النفط التي فقدت نحو 50% من قيمتها منذ شهر يونيو / حزيران الماضي وحتي الأن، علماً بأن الإيرادات النفطية تشكل أكثر من 90% من إيرادات ميزانية المملكة، وهناك حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة، خاصة في العراق وسورية وليبيا، قد تؤثر سلباً على اقتصاديات المنطقة بالكامل، كما أن خطر داعش لا يزال مستمراً ويبدو أنه لن يتم حسمه قريباً.

وفي ظل هذه الظروف توقع كثيرون أن تشهد موازنة المملكة لعام 2015 تراجعاً شديداً في الإنفاق الحكومي، خاصة على المشروعات الجديدة بسبب تهاوي أسعار النفط وتراجع الإيرادات وعجز بقيمة 145 مليار ريال (39 مليار دولار)، أو على الأقل توقعوا ترشيداً في الإنفاق، وربما رفعاً لأسعار بعض السلع الرئيسية كما فعلت بعض دول الخليج الأخرى، فالإمارات علس سبيل المثال رفعت أسعار الكهرباء، في حين رفعت البحرين والكويت وسلطنة عمان، أسعار المشتقات البترولية خاصة البنزين.

لكن ما فعلته الحكومة السعودية كان مفاجئاً، فأرقام الموازنة الجديدة لعام 2015 شهدت ارتفاعاً في الإنفاق الحكومي وليس العكس رغم التحديات الاقتصادية والسياسية، وتسجيل الموازنة عجزاً للمرة الأولى منذ وقوع الأزمة المالية العالمية في أغسطس/آب 2008.

معنى ذلك أن السعودية واثقة من الخطوات التي تقوم بها في ملف أسعار النفط ورفض خفض الانتاج، وبالتالي اتبعت السياسة التوسعية فى الانفاق العام ولم تطبق السياسة التقشفية التي تلجأ لها بعض الدول لمواجهة تراجع الايرادات العامة، وبالتالي ترى المملكة أن أزمة تهاوي الأسعار لن تؤثر على ايراداتها وخططها التوسعية على المدى البعيد، حتى ولو انخفضت الأسعار إلى أدنى مستوى لها منذ العام 2009، أو أنها تنظر للأزمة الحالية على أنها عابرة، أو أن المملكة تعتمد على الرصيد الضخم من الاحتياطيات الدولية في تغطية أي عجز متوقع ومواجهة أزمة قد تطول.

المساهمون