90 % من لاجئي سورية يصارعون للبقاء

28 ديسمبر 2015
ارتفاع حدة معاناة اللاجئين السوريين (وكالة الأناضول)
+ الخط -
بعد أيام، ينهي ملايين السوريين عامهم الخامس على التوالي بعيداً عن مدنهم وبلداتهم ومنازلهم. متنقلين من حي إلى آخر بعدما تطردهم الحرب في كل مرة، أو لاجئين في البلدان المجاورة، حيث يحاصرهم الخوف ويقتلهم فقدان الأمل. فقد سجل العام 2015 أن ما يزيد على نصف الشعب السوري أصبح موزعاً بين نازحٍ (6.5 ملايين) ولاجئ ( 4.5 ملايين مسجلين لدى الأمم المتحدة).
"ليتني أستطيع القول إن أوضاع اللاجئين السوريين الاقتصادية لم تتحسن خلال السنوات الماضية، لأن الحقيقة تشير إلى أنها تراجعت بصورة مريعة" يقول الباحث مناف الشريف لـ"العربي الجديد"، ويضيف: "بعد أكثر من أربع سنوات على بداية النزوح واللجوء، بدأت النتائج السلبية العميقة بالظهور. ولا يقتصر الأمر على تبخر مدخرات غالبية السوريين وانحدارهم إلى ما دون خط الفقر، ولكن المكوث دون خط الفقر لسنوات طويلة، وفي ظروف قاسية كالعيش في مخيمات اللجوء أو في مناطق فقيرة جداً تفتقد الخدمات الأساسية، يحمل آثاراً مدمرة لمستقبل جيل كامل من السوريين".
ويشير تقرير حديث صدر قبل أيام عن البنك الدولي والهيئة العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، إلى أن اللاجئين السوريين في كل من لبنان والأردن يعيشون في ظروف "محفوفة بالمخاطر" وذلك "على الهامش، في المناطق الحضرية وشبه الحضرية، فضلاً عن المناطق السكن العشوائي، حيث يكون وصولهم للخدمات الحكومية محدود بشكل كبير، فيما تعيش قلة فقط في المخيمات، حيث يتم تأمين حاجاتهم الأساسية من قبل المجتمع الدولي". وقد خلص التقرير إلى اعتبار أن سبعة من كل عشرة لاجئين سوريين يعيشون في لبنان والأردن يصنفون في عداد الفقراء. ونتيجة الخلل على صعيد تحديد خط الفقر الوطني في كل من لبنان والأردن، يمكن أن يرتفع الرقم في حال اعتماد خط فقر وطني أكثر دقة إلى تسعة من كل عشرة لاجئين سوريين. كما يشير التقرير إلى أن فقر اللاجئين السوريين في الأردن أعلى منه في لبنان، ويلاحظ أن أوضاع اللاجئين السوريين في الأردن كانت بانحدار مستمر منذ العام 2013.

الفقر المدقع
وجد تقرير البنك الدولي والهيئة العليا لشؤون اللاجئين أن معظم اللاجئين السوريين كانوا قد جاؤوا من مناطق فقيرة في سورية، واستقروا في مناطق فقيرة في بلدان اللجوء. لكن الصعوبات تواجه أيضاً أولئك الذين يحظون بتعليم عالٍ وبمستوىً اقتصادي-اجتماعي جيد، إذ يجدون صعوبات كبيرة في الحصول على إذن بالعمل ويدفعهم ذلك إما إلى البطالة أو العمل في القطاع غير الرسمي وبأجر زهيد جداً.
كما يشير التقرير إلى أن الفقر يشتد كلما ارتفع عدد أفراد الأسرة، وهو ما يؤكده الباحث مناف الشريف الذي يقول "إن ارتفاع حدة الفقر لدى الأسر الكبيرة يعني أن شريحة واسعة جداً من الأطفال السوريين تتعرض لأقسى الضغوط، ويمكن اعتبارهم أكثر المتضررين".

تعتبر برامج مساعدة اللاجئين السوريين التي تديرها الأمم المتحدة "شديدة الفعالية في تخفيض الفقر"، كما يشير التقرير، ويعتبر أن إيصال المساعدة لكل اللاجئين السوريين سيساهم في تخفيض أعداد الفقراء بمعدل 50%. لكن الحال ليس كذلك، يقول الناشط السوري المقيم في الأردن فيصل دلول لـ"العربي الجديد" : فالعام 2015 شهد أكبر تخفيض في قيمة القسائم الغذائية والبطاقات الإلكترونية المقدمة للاجئين السوريين في لبنان والأردن".
تلك الحقيقة دفعت تقرير البنك الدولي للتأكيد على أن برامج المساعدات المقدمة للاجئين السوريين "ليست مستدامة، ولا يمكن أن تساعد على التحول من الاعتماد عليها إلى الاعتماد على الذات". يقول دلول "هنالك محاولات جرت خلال العام الماضي من قبل مؤسسات محلية لإنشاء برامج تؤهل اللاجئين للاعتماد على أنفسهم وتوليد دخل من مشاريع صغيرة، لكنها لم تكن واسعة وفعالة بما فيه الكفاية".

اقرأ أيضاً:منتجات فاسدة ومنتهية الصلاحية تحاصر السوريين
المساهمون