8 مارس المغربي..

07 مارس 2015
+ الخط -
تحتفل نساء العالم في 8 مارس من كل سنة بيومهن العالمي. هذا اليوم يكون مناسبة للفت الانتباه إلى قضايا المرأة، وتسليط الضوء على مشكلاتها، وعلى نجاحاتها أيضاً، وهو فرصة لقياس تطور حضورها في مجالات قد تكون غائبة عنها، لاعتبارات يتداخل فيها الديني بالثقافي والاجتماعي والسياسي، حسب كل دولة على حدة.

المغربيات يحتفلن، كغيرهن من نساء المعمورة، بهذا اليوم. لكن، يبدو أن 8 مارس/ آذار المغربي لهذه السنة مختلف شيئاً ما عمّا اعتاد عليه المغاربة، حيث دعت تنظيمات سياسية معظمها تنتمي للمعارضة، إلى مسيرة في الرباط، بتنسيق مع جمعيات نسائية معروفة التوجه.

وكان لافتاً من خلال النداءات التي أطلقت للمسيرة ومقاطع الفيديو المعبِّئة لها والانخراط "الماكر" للقناة الثانية في ترويجها والدعاية لها، أن وراءها أهدافاً أخرى، غير قضية المرأة، وإنما جُعل 8 مارس وسيلة وقناة لتمرير رسائل ما إلى جهة ما!

بهكذا أسلوب، ستضيع القضية وستفقد المرأة المغربية الثقة في جدية النضال من أجل قضاياها، وسيجدها أعداؤها الحقيقيون فرصة لتعميق اللامبالاة إزاء حقوقها، أو على الأقل تعطيل وتأخير المبادرات التي تستهدف كرامتها.

لذلك، ليس هناك من داعٍ لاستغلال المرأة في تصفيات الحسابات بين الحكومة والمعارضة. صحيح أن هناك تأخراً واضحاً في ما التزمت به الحكومة في برنامجها إزاء حقوق المرأة تشريعياً وإجراءات اجتماعية حمائية، لكن الضغط على الحكومة ورئيسها ببيع الوهم للمرأة المغربية البسيطة، واستعمالها وقوداً لحملة، قد يأتي بنتيجة عكسية، ستكون هذه المرأة أولى ضحاياها.

المطلوب، اليوم، هو الدفاع المستميت والعمل المشترك من أجل إدماج المرأة المغربية في مسار تحصين الانتقال الديمقراطي، بعيداً عن كل صيغ الاستغلال، وتمكينها من حقوقها المفضية للحفاظ على كرامتها، من خلال دعم كل إجراءات العدالة الاجتماعية التي سيصل "خراجها" للمرأة، كوحدة للمجتمع إلى جانب أخيها الرجل.

إذاً، البديل عن الإبقاء على قضية المرأة محوراً من محاور الصراع الأيديولوجي والسياسي، هو في مقاربة كشف الربيع العربي عن أهميتها في تماسك المجتمعات ودروها في تحريك مياهها الراكدة، وهي مقاربة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، إذ لا يمكن أن يستمر الاستغلال والإقصاء الممنهجان في حق المرأة، إذا تم تثبيت المعطى الديمقراطي في معادلة الحكم والسلطة، ولا يمكن استمرار الحديث عن ضياع كرامتها، وكل أسئلة التهميش المقصود، إذا تم توطين العدالة الاجتماعية في المجتمع.

ولهذا البديل أرضية خصبة للاستناد عليها في المغرب، بعد مسار طويل قطعته الدولة والمجتمع إقراراً لحقوق المرأة وتحسيناً لوضعها، ولا أحد يمكن أن ينسى النقاش العمومي العميق الذي عاشت البلاد على إيقاعه، نهاية تسعينيات القرن الماضي وبداية العشرية الماضية، والذي كان من نتائجه التوافق على مدونة الأسرة، كمنتوج تشريعي، انسجم، إلى حد بعيد، مع الروح التي تسري في المجتمع، واستوعب ما كان بالإمكان استيعابه من الخلافات، لتقطع المملكة شوطاً مهمّاً على درب إنصاف المرأة، توالت بعده مبادرات أخرى للإدماج، تكلّل معظمها بالنجاح.

C38F0356-1EA8-496F-8B2B-918413201A10
C38F0356-1EA8-496F-8B2B-918413201A10
حسن حمورو
كاتب ومدوّن مغربي.
حسن حمورو