7 سنوات على التنحي... أين مبارك ورجاله الآن؟

11 فبراير 2018
مبارك يعيش حياته بشكل طبيعي (الأناضول)
+ الخط -


أسدل عام 2018 الستار على محاكمات الرئيس المصري، المخلوع حسني مبارك ورجاله، منذ ثورة يناير 2011، بخروج جميع رموز نظامه من السجن وعدم ملاحقتهم على ذمة قضايا. خلال أول عامين منذ ثورة يناير، بدأت تظهر بوادر عدم جدية المحاكمات، والتلاعب في الأدلة وشهادة الشهود، وتحديداً في قضايا قتل المتظاهرين إبان أحداث الثورة. وتصدّر في الشارع المصري شعار "مهرجان البراءة للجميع"، في إشارة إلى عدم حصول مبارك ورجاله على أحكام لمعاقبتهم على الجرائم التي ارتكبوها، على الرغم من مطالبات القوى السياسية والثورية بعد أشهر قليلة من الثورة بضرورة إقامة محاكمات ثورية للإنجاز في المحاكمات. غير أنه بعد مرور 7 سنوات على ذكرى التنحّي في 11 فبراير/شباط 2011، بات مبارك ورجاله أحراراً يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، إثر الحصول على البراءات في القضايا التي اتهموا فيها، أو قضاء العقوبة في قضايا فساد لا تتجاوز مدتها نحو 3 أو 4 سنوات. وكان موقف النظام برئاسة عبد الفتاح السيسي مريباً، لناحية الاستعانة ببعض رجال مبارك في بعض الملفات، نظرا لعدم تمكنه من تشكيل نخبة قادرة على دعمه ومساندته.

مع العلم أن مبارك موجود في بيته بعد إخلاء سبيله العام الماضي، وعدم طلبه على ذمة قضايا، علماً أن مبارك قضى فترة حبسه على ذمة القضايا المتهم فيها داخل مستشفى المعادي العسكري، بدعوى مرضه الشديد وعدم قدرته على تحمل الإقامة في السجن، لاحتياجه إلى رعاية طبية. لكنه بعد خروجه من السجن، انتشرت له صور عدة في إحدى المناطق الساحلية بصحبة أحد أحفاده، وكان طبيعياً، ولا وجود لعلامات المرض الشديد عليه.

أما أبناؤه جمال وعلاء، فمارسا حياتيهما بشكل طبيعي منذ خروجهما من السجن، فضلاً عن ظهورهما في مناسبات عامة وخاصة خلال الفترة الماضية. وظهر نجلا مبارك في مباريات كرة القدم وعزاء عدد من الشخصيات العامة. وتردد خلال العام الماضي أكثر من مرة وجود تحركات لجمال، من أجل الاستعداد للترشح لانتخابات الرئاسة، ولكن ما منعه هو الحصول على حكم قضائي في قضية مخلة بالشرف تمنعه من الترشح، إلا بعد رفع دعوى لرد الاعتبار أولاً.

أما الشخصية الأكثر جدلاً في مصر خلال الأشهر القليلة الماضية، فكان حبيب العادلي، وزير داخلية مبارك، المتهم الأول بنظر كثر في اتخاذ قرار قمع الشرطة للمتظاهرين في أحداث الثورة بداية من يوم 25 يناير، وما تبعه من سقوط مئات القتلى والجرحى. وقد أُخلي سبيل العادلي قبل نحو 10 أيام من ذكرى ثورة يناير، بعد إلغاء محكمة النقض الحكم الصادر ضده بالسجن 7 سنوات في قضية الاستيلاء على أموال وزارة الداخلية بين 2000 و2011. وقبل إخلاء سبيل وزير داخلية مبارك، ظل هارباً لبضع أشهر، من دون معرفة مكانه سواء داخل مصر أو خارجها، وإن كانت الأنباء قد تحدثت عن وجوده في السعودية، لدعم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مواجهة خصومه وترتيب جهاز أمن الدولة هناك على الطريقة المصرية.



وتغافلت وزارة الداخلية عن القبض على العادلي، بصورة أشبه بوجود تواطؤ لعدم الزج به في السجن، باعتباره أحد أبرز قيادات الوزارة، كما تلقى التحية من الضباط والجنود خلال جلسات المحاكمات. وعلى الرغم من الجرائم التي ارتكبها العادلي من خلال إطلاق جهاز أمن الدولة قبل ثورة يناير وملاحقة معارضي نظام مبارك، والتنكيل بهم وانتشار التعذيب بشكل ملحوظ في أقسام الشرطة، إلا أنه الآن حر طليق.

وبعيداً عن العادلي ونجلي مبارك، فإن بعض رجال مبارك باتوا أكثر ظهوراً في مناسبات عامة خلال العامين الماضيين، أمثال أستاذ العلوم السياسية علي الدين هلال، وإن كان غير متورط في قضايا لنظام مبارك، إلا أنه خلال الفترة الماضية تردد اسمه في أكثر من مناسبة وندوات باعتباره أستاذاً للعلوم السياسية، من دون الالتفات إلى دوره في تخريب الحياة السياسية والحزبية في مصر.

بدوره، فإن مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولي، الوزير السابق في عهد مبارك، بدا أكثر قرباً من النظام الحالي، إذ تمت الاستعانة به بشكل أساسي، في دراسة السيسي التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وظهر شهاب بجوار السيسي في أحد الاجتماعات مبرراً التنازل عن الجزيرتين. وبدأ أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب في عهد مبارك، في الظهور مجدداً على الساحة، من خلال حضور الندوات كضيف أساسي، كان آخرها الظهور بجوار سامح عاشور نقيب المحامين. أما رجل الأعمال أحمد عز، فعقب خروجه من السجن، عاد لممارسة عمله مرة أخرى في شركة حديد عز، وحاول العودة إلى الحياة السياسية، من خلال بعض المقربين منه بالدفع بهم في الانتخابات البرلمانية الماضية، ولكنه فشل في إحراز تقدم، وآثر الابتعاد عن المشهد بعد تحذيرات من نظام السيسي.




بدوره قال الخبير السياسي، محمد عز، إن "مبارك ورجاله يعيشون في كنف نظام السيسي، والذي لا يختلف تماماً عن نظام مبارك، لأن السيسي نفسه كان جزءا من هذا النظام". وأضاف عز في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "السيسي كان رئيساً للاستخبارات الحربية في ظل نظام مبارك، أي أنه جزء من هذا النظام، وظهر انحيازه إلى مبارك تماماً، في مناسبات عدة خلال العامين الماضيين".

وأضاف أن "السيسي أكد أكثر من مرة أن الوعي والتصور العام قبل ما وصفها بأحداث يناير، من دون أن يقول ثورة، كان خاطئاً، مشيراً إلى أن "السيسي هنا يردّ الاعتبار لمبارك، وينتصر له صراحة". وأشار إلى أن "رئيس الجمهورية يريد إيصال رسالة أساسية من خلال الاستعانة برجال مبارك، وليس فقط مفيد شهاب، بل أيضاً يوسف بطرس غالي، وطلبه من محمود محيي الدين بالعودة إلى مصر وتولي رئاسة الوزارة، وهو أمر ربما يكون مؤجلاً لحين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية (26 مارس/آذار المقبل)". وأوضح أن "السيسي يكره الثورة تماماً، وهذا واضح من خلال محاولات تشويه ثورة يناير، على الرغم من أنها جاءت في خدمة المؤسسة العسكرية بإطاحة جمال مبارك وإجهاض سيناريو التوريث".

من جانبه، قال محامٍ يتولى قضايا التيار الإسلامي عقب إطاحة الرئيس المعزول محمد مرسي، إنه "كي تتم معرفة طبيعة المحاكمات الخاصة بنظام مبارك ورجاله، لا بد من مقارنتها بما يحدث مع مرسي وقيادات التيار الإسلامي". وأضاف المحامي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "القضايا التي كان يحاكم فيها مبارك ورجاله عادلة، نظراً لأنها ترتبت على أحداث حقيقية، أسفرت عن مقتل المئات من الشباب في الميادين بمختلف المحافظات".

وتابع قائلاً إن "قضايا مرسي وقيادات التيار الإسلامي غير مستندة إلا إلى تحريات جهات سيادية فقط، ولا تشمل أي وقائع ملموسة أو أدلة دامغة، ومع ذلك هناك تعنت تجاه حقوق المتهمين، على عكس ما حدث مع أركان نظام مبارك". وشدّد على أن "محاكمات مبارك ورجاله كانت صورية لتهدئة الرأي العام فقط، ولكن الكل يعلم بخروجهم من السجن، الذي لم يودعوا فيه أساساً، بينما الرئيس المعزول حالته الصحية سيئة ويرفضون علاجه خارج السجن، بينما ظل مبارك في المستشفى العسكري حتى إخلاء سبيله نهائياً، يتمتع بحريته التامة".



المساهمون