7 سنوات عجاف للسوريين... فقر وغلاء وتدمير للثروات

18 مارس 2018
دمار هائل للبنية التحتية (فرانس برس)
+ الخط -

يواصل الاقتصاد السوري نزيفه، بعد مرور 7 سنوات على اندلاع الثورة، لتصبح سورية ضمن الدول الأسوأ عالمياً في الاستثمار والفقر والبطالة والديون.

وكان من أبرز مؤشرات الخسائر الباهظة، نتيجة الحرب التي أعلنها نظام بشار الأسد على الثورة، منذ مارس/آذار 2011، تدمير نسبة كبيرة من الكفاءات البشرية، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار، قبل الثورة، إلى نحو 30 مليارا عام 2017.

وخلال السنوات السبع العجاف، قدّرت إحصاءات سورية رسمية (اتحاد العمال الحكومي) ارتفاع خسائر الحرب إلى أكثر من 275 مليار دولار، في حين قدّرت منظمات دولية كلفة إعادة الإعمار بأكثر من 300 مليار دولار، وهي أعلى من خسائر الحرب العالمية الثانية.

بطالة وفقر وقتل

انعكس انهيار الاقتصاد على الأوضاع المعيشية للسوريين في الداخل والخارج. إذ يقول تقرير للأمم المتحدة، صادر في سبتمبر/أيلول 2017، إن نحو 85% من السكان في سورية فقراء، منهم 6.7 ملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدة إنسانية طارئة، بعد أن ارتفعت الأسعار بمعدل 1100%، وتثبيت الأجور عند 30 ألف ليرة (نحو 75 دولارا).

وأكدت دراسة حديثة للبنك الدولي أن 6 من بين كل 10 سوريين يعيشون الآن في فقر مدقع بسبب الحرب. وفي السنوات الأربع الأولى، تم فقدان حوالي 538 ألف وظيفة سنوياً، مما نتج عنه وصول عدد السوريين الذين لا يعملون، أو غير المنخرطين في أي شكل من أشكال الدراسة أو التدريب، إلى 6.1 ملايين شخص.

وحسب تقارير دولية، بلغ معدل البطالة بين الشباب 78%، ليترتب عليه في المدى الطويل، خسارة جماعية لرأس المال البشري، مما يؤثر سلباً على جميع القطاعات.
ويشير تقرير سابق لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إلى 400 ألف قتيل في سورية، وهجرة ونزوح نصف السكان، خلال الحرب، فضلاً عن 2.8 مليون سوري يعانون من إعاقات جسدية.

تدهور الصادرات والقطاعات

أشارت دراسة البنك الدولي، إلى انخفاض الصادرات السورية بنسبة 92% خلال فترة الحرب، وتراجع الاحتياطي النقدي، من 21 مليار دولار عام 2010 إلى نحو 750 مليون دولار العام الماضي، وارتفع في المقابل الدين العام الإجمالي من 30% من الناتج المحلي عام 2010 إلى أكثر من 150% العام الماضي.

وبلغت خسائر قطاع السكك الحديدية في سورية، آخر عام 2017، وفق تصريح المدير العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية في سورية، نجيب فارس، نحو 500 مليار ليرة (الدولار = 430 ليرة).


وتراجع إنتاج النفط السوري من نحو 385 ألف برميل عام 2011 إلى نحو 10 آلاف برميل نهاية عام 2017، ولتبلغ خسائر القطاع، وفق بيانات وزارة النفط والثروة المعدنية بدمشق، نحو 65 مليار دولار، ولتتحول البلاد من مصدّر للنفط بنحو 140 ألف برميل يوميا عام 2011 إلى مستورد بكلفة 7 ملايين دولار يومياً. وبلغت خسائر الكهرباء، بعد تضرر 50% من خطوط التوتر العالي، نحو 800 مليار ليرة.

انهيار الزراعة والبنى التحتية

تشير بيانات وزارة الزراعة في دمشق، إلى تضرر نحو 25% من البنى التحتية الزراعية من جراء الحرب، ليتراجع الإنتاج بنحو 50% بعد انحسار المساحات المزروعة بأكثر من 40%، ولتبلغ الخسائر في هذا القطاع، نحو 360 مليار ليرة، ما يعادل 9.8% من إجمالي الخسائر التراكمية للناتج المحلي الإجمالي. وربما الأهم، تحول سورية من بلد مصدر للإنتاج الزراعي إلى مستورد. وعلى سبيل المثال، تراجع إنتاج القمح، من نحو 3.5 ملايين طن، إلى نحو 1.7 مليون طن.

ولحق قطاع البنى التحتية ضمن القطاعات الأكثر تتضرراَ من الحرب، بعد تهديم 2.6 مليون مبنى ومسكن، بحسب تقارير دولية، وألحق بالاقتصاد خسائر كبيرة زادت عن 60 مليار دولار. وطاولت الخسائر قطاع الصناعة في سورية، بعد تضرر 1962 منشأة للقطاع الخاص، بالإضافة إلى خسائر القطاع الحكومي في مناطق الصراع.

سيطرة روسية إيرانية

قام نظام بشار الأسد بمكافأة حلفائه الإيرانيين والروس في الحرب على الثورة، عبر منحهم العديد من التسهيلات الاستثمارية، والسماح لهم بالسيطرة على العديد من ثروات البلاد.

وتتخوف الأوساط الاقتصادية من وقوع الاقتصاد السوري تحت سيطرة قوى خارجية، مؤكدة، في نفس الوقت، أن الحل السياسي في البلاد، هو المقياس الوحيد الذي يمكن خلاله التنبؤ بمستقبل اقتصاد البلاد.

وفي هذا الإطار، يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة ماردين التركية، عبد الناصر الجاسم، أنه من الصعب فصل السياسة عن الاقتصاد بسورية، فكلما استمرت الأزمة تدهور الاقتصاد، وكلما تسارعت وتيرة الحل السياسي، ستشهد سورية تنمية وسيتوقف نزيف الخسائر، وهذا مرهون بالقرار الدولي.

ويضيف الجاسم لـ "العربي الجديد" أن بنية وشكل الاقتصاد في سورية عام 2018، يختلفان بالمطلق عمّا كانا عليه عام 2011، لأن دخول الشركات الدولية، وربما التنافس بين الأطراف المتصارعة على البلاد "الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا"، سيخلق نمطاً اقتصادياً مختلطاً، يتعلق بالمنطقة، لكنه بشكل عام، يختلف عن الشكل الاقتصادي القديم الذي كان القطاع الحكومي، يحتكر مختلف القطاعات.


بدوره، يقول الاقتصادي السوري حسين جميل "رغم أن الآمال كبيرة في عام 2018 ليشهد بداية عودة الإعمار والتنمية، إلا أن التوقعات مشروطة بعدم بقاء الأسد في السلطة، وإيجاد توافق أميركي روسي على الأقل، لأن بقاء الأسد في السلطة سيؤدي إلى إحجام الكثير من الدول، وفي مقدمتها دول الخليج العربي، عن الدخول في إعادة الإعمار أو حتى تقديم المنح والمساعدات".

ويشير جميل لـ "العربي الجديد" إلى أن التحديات التي تواجه الاقتصاد السوري، كثيرة ومعقدة، لكن التحدي الأهم، برأيه، يكمن في الكادر البشري، بعد هجرة أكثر من سبعة ملايين سوري خلال الحرب.
المساهمون