6 إبريل وعهد السيسي: ضربات قاسية لكن غير قاضية

06 ابريل 2016
تنتظر حركة 6 إبريل اللحظة الفارقة للتحرّك (أحمد إسماعيل/الأناضول)
+ الخط -

بدأت حركة شباب 6 إبريل تظهر مجدداً في فترة سكون وترقّب، بعد 3 يوليو/تموز 2013، وعقب تولي الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي سدة الحكم منتصف 2014. ومع دخول السيسي عامه الثاني في الحكم، واتضاح النهج الذي تسير وفقاً له البلاد، صعّدت "الحركة" الهجوم ضده وضد نظامه، مؤكدة على لسان عدد من قادتها أنّه امتداد لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، ويعيد الأوضاع في مصر لما قبل 25 يناير/كانون الثاني 2011.

ويعادي النظام المصري الحالي، بشكل واضح وصريح، الحركات الشبابية والثورية، على الرغم من أن حراكها ضد الرئيس المعزول محمد مرسي مهّد الطريق بشكل أو بآخر لانقضاض الجيش على السلطة من خلال انقلاب عسكري في 3 يوليو/تموز 2013، ووصول قائد الجيش عبد الفتاح السيسي آنذاك للحكم. ولجأ النظام الحالي عبر أذرعه الأمنية إلى التنكيل بشباب الحركات الثورية، وخصوصاً "6 إبريل"، من خلال حملة اعتقالات استبقت الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير.

وحتى قبل عملية الاعتقالات الأخيرة، لجأت الأجهزة الأمنية لتصفية الحسابات مع شباب الثورة، وألقت القبض على عدد منهم، وفي مقدمتهم أحمد ماهر، منسقّ حركة شباب 6 إبريل، وأودعته السجن، بقضايا ترتبط بأحداث ما بعد الثورة. وفي ظلّ الاستهداف الأمني، حاولت حركة 6 إبريل امتصاص تلك الضربات التي أثّرت في الهيكل التنظيمي لها، فضلاً عن عدد من الحركات الثورية الأخرى. لكن مع تزايد القمع والعنف صعّدت من لهجتها ضد نظام السيسي.

في هذا السياق، يعتبر مراقبون أن حركة شباب 6 إبريل صعّدت من لهجتها ضد النظام الحالي، إلّا أنّ التأثير لا يزال محدوداً، في سبيل الضغط على السيسي. ويقول هؤلاء: "صحيح لم تتوقف الحركة عن توجيه انتقادات للنظام المصري، لكنها اختفت فترة عن الأنظار، وهو ما قلل من شعبيتها خلال الفترة الماضية، فضلاً عن الهجوم الإعلامي على قياداتها باعتبارهم مموَّلين من الخارج، وغيرها من الاتهامات غير المستندة إلى دليل واضح".

وبحسب أحد أعضاء حركة 6 إبريل، فإن التضييقات الأمنية والملاحقات التي نفّذتها أجهزة الأمن المصرية، أثّرت من دون شك في تواجد الحركة وأنشطتها. ويقول أحد أعضاء 6 إبريل لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحركة كانت على تواصل وتشاور مستمر مع غيرها من الحركات الشبابية والثورية، لصياغة خطط عمل مشتركة ضد النظام الحالي، الذي تبيّن أنه يسير على خطى الرئيس المخلوع حسني مبارك".


ويضيف أنّ "الرغبة تكمن في ترك المجال للشارع للتعبير عن غضبه من الأوضاع المعيشية السيئة والتردي الاقتصادي، وغلق المجال العام ومصادرة الحريات من دون تدخل، حتى لا يستغل النظام الحالي الأمر لصالحه وتشويه صورة الشباب". ويشير إلى أن الحركات الثورية جميعها بانتظار "لحظة فارقة" في الحشد والتنسيق لمواجهة النظام الحالي سواء بالتظاهرات أو بتوضيح سلبيات وكوارث نظام السيسي، لكن هذا لن يحدث إلّا إذا شعر المواطن البسيط بمدى الظلم الواقع عليه، على حدّ تعبيره.

ويلفت عضو حركة 6 إبريل إلى أنّ الضربات المتلاحقة والتضييقات الأمنية تسبّبت في فقدان التنسيق الكامل، سواء مع حركات أخرى أو أحزاب خرجت من رحم ثورة يناير. ويؤكد أن اتهامات الأذرع الإعلامية وتشويه الصورة، دفع بعض الأحزاب إلى التراجع عن التنسيق والتواصل مع الحركة، باعتبارها باتت أكثر ميلاً إلى جماعة "الإخوان المسلمين". ويشدد على أن الحركة لا تميل إلى أحد ولكنها ثورية ترفض الظلم والطغيان ومصادرة المجال العام والحريات. وبالتالي، فإن موقفها من مرسي هو الموقف ذاته من السيسي، ولكن الظرف العام تغيّر، وبات الأهم حالياً هو إيجاد متنفّس للعمل أولاً، ثم مواجهة النظام، وفقاً له.

من جانبه، يقول الخبير السياسي محمد عز إن "تأثير حركة شباب 6 إبريل بات محدوداً لدرجة كبيرة، وهذه حقيقة الأوضاع في مصر الآن. ويضيف عز لـ"العربي الجديد"، أنّ أحد أسباب ضعف التأثير هو ضغوط النظام المصري وأجهزته الأمنية على كل الحريات الثورية التي يمكن أن تقود الكتلة الحرجة ضده، وبالتالي تكرار تجربة مبارك ومرسي". ويشير إلى أن السيسي حينما كان قائداً للجيش المصري، استغل حراك الشباب للانقضاض على السلطة، ثم سعى لتفكيك تلك التكتلات الشبابية بالملاحقات الأمنية. ويؤكد أن تأثير 6 إبريل بدأ يتزايد مع اتخاذ موقف أكثر صرامة من النظام الحالي، باعتباره امتداداً لنظام مبارك، وتصاعد حدة اللهجة في الهجوم عليه، لكن تبقى مسألة تنظيم تظاهرات معارضة صعبة في ظل القبضة الأمنية، وهو محك أساسي في استكمال مسيرة الحركة، على حدّ تعبير عز.

بدوره، يعتبر خبير في مركز الأهرام للدارسات السياسية، أن تأثير كل الحركات الشبابية والثورية انتهى مؤقتاً، لكن في لحظة ما ستظهر مجدداً قوتها مع أي حراك شعبي حقيقي غير فئوي. ويقول الخبير لـ"العربي الجديد" إنّ الوضع العام في مصر لا يسمح بتزايد وضع وتأثير أي حراك شبابي ثوري، لكن 6 إبريل الكيان الوحيد الذي يحافظ على الفكرة والتواجد حتى ولو شكلياً غير فعّال تماماً، وفقاً له. ويضيف أن "6 إبريل فكرة وُلدت قبل ثورة يناير، والأفكار لا تموت، وحتى مع توجيه ضربات أمنية لقياداتها مثل أحمد ماهر ثم عمرو علي وإيداعهما في السجن، وتأثر التنظيم، إلّا أنه يسهل ترتيب الصفوف مرة أخرى مع الوقت وإفراز وجوه جديدة".

المساهمون