"لا يزال النضال مستمراً، من أجل وطن حر عادل متقدم. نصيب ونخطئ، لكن بوصلتنا لن تحيد عن الحق ولن تتجه للباطل اليوم أو غداً أو في المستقبل القريب، صامدون لتحقيق النصر، ثابتون على أرض الحق. لن نخاف ولن نهرب"، تلك الكلمات هي لسان حال ناشطي حركة شباب "6 إبريل" في ذكرى الانطلاقة الثامنة.
لم تنطلق فكرة الحركة من "مؤامرات الشرق الأوسط الجديد"، ولا هي من "حروب الجيل الرابع" كما يدّعي الإعلام المصري، بل وُلدت بشكل عفوي من رحم مدينة مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى حاملةً لواء حقوق عمالية.
في ذلك اليوم، كانت مصر تنتظر تنفيذ دعوة لإضراب عام أطلقتها بعض الحركات السياسية؛ غير أنّ قلة تعرف أن الدعوة الأساسية خرجت من داخل مصنع غزل المحلة، حيث كان العمال وقتها قد أعدّوا ورتبوا لإضراب داخل المصنع للمطالبة بزيادة في الحوافز والبدلات، ومحاسبة المسؤولين في الشركة عن الخسائر المتكررة لها.
جرى الإعداد لذلك اليوم داخل مكتب حمدين صباحي وكان من ضمن الحضور في الاجتماع التمهيدي له، الإعلامي المصري حمدي قنديل، والقيادي في جماعة "الإخوان المسلمين"، سعد الكتاتني، ومنسق حركة "أطباء بلا حقوق"، وأمين عام نقابة الأطباء حالياً منى مينا، وعدد من الشخصيات السياسية، وذلك وفق رواية العطار، الذي حضر الاجتماع التنسيقي بصحبة عدد من قادة الشركة.
اختيار يوم "6 إبريل"، كما قال العمال لم يأت صدفة؛ فمع اليوم الخامس من كل شهر، يكون العمال قد استوفوا كل أجورهم وحوافزهم من الشركة، لذلك كان اختيار يوم السادس حتى يكون الجميع قد استوفى حقه من الشركة، وحصل على مستحقاته.
فضلاً عن اختيار هذا اليوم تحديداً لأنه سبق انتخابات المحليات التي كان من المقرر تنظيمها في 8 إبريل/نيسان من العام نفسه. وكان لإضراب العمال رسالة واضحة للنظام ككل، بحسب القيادي العمالي بالشركة.
وفي اليوم الموعود، كانت قوات الأمن قد تحصنت في مواقعها، وحاصرت أبواب المصنع وألقت القبض على عدد من القيادات العمالية، ليتحول التجمع سريعاً إلى تظاهرة ساخطة على الأحوال الاقتصادية، التي تمرّ بها مصر في ذلك الوقت، ثم تطورت إلى اشتباكات بين الأمن والأهالي، في مشهدٍ لم تره مصر منذ سنين.
قنابل غاز وإطلاق أعيرة نارية. ولأول مرة تشهد الشوارع المصرية سقوط صورة الرئيس المخلوع حسني مبارك، على الأرض، وتمزيقها بالدعس عليها. كل هذه المشاهد كانت تنذر بأن الثورة ستنتقل يوماً ما إلى بقية ربوع مصر.
يقول مؤسس حركة شباب "6 إبريل"، المعتقل حالياً، أحمد ماهر، في مذكراته بعنوان "البداية"، إنه كان لا بد من تسييس القضايا العمالية، وتشجيع قطاعات أخرى على الإضراب وعصيان نظام مبارك والاعتراض على سياساته.
وكان من المتحمسين لفكرة الإضراب العام آنذاك؛ أحزاب: الغد والعمل والجبهة الديمقراطية، وبعض المدونين والنشطاء، فيما كانت حركة "كفاية" غير متحمسة للدعوة لإضراب عام، مع العديد من الحركات اليسارية والمراكز الحقوقية لدعم العمال، وكانت وجهة نظرهم تقوم على دعم العمال فقط وليس الدعوة للإضراب العام.
خرج خطاب "6 إبريل" لجموع المصريين بدعوتهم للإضراب العام، بشكل عفوي خالٍ من التنظير السياسي. استخدموا فيه اللغة المصرية العامية: خليك في البيت. إضراب عام لكل مصر. ماتروحش الشغل أو الجامعة أو المدرسة اعتراضاً على الفساد والاحتكار وارتفاع الأسعار. عايزين مرتبات أحسن. عايزين تعليم أحسن. عايزين معاملة كويسة في أقسام الشرطة. عايزين عدالة. عايزين شفافية. عايزين نعيش في سكن ملائم. مش عايزين احتكار، مش عايزين تعذيب في أقسام الشرطة، مش عايزين فساد.
وقبل أيام من 6 إبريل/نيسان 2008، هدّدت وزارة الداخلية المصرية، باعتقال كل من يحرّض أو يشارك في ذلك الإضراب. كما أعلنت جماعة "الإخوان المسلمين" رفضها المشاركة في الإضراب العام، إضافة إلى أحزاب "الوفد" و"التجمع" و"الناصري".
وفي مساء 5 إبريل/نيسان وصباح اليوم التالي، اعتقلت قوات الأمن المصرية عدداً من النشطاء السياسيين. وكانت الشوارع خالية في المدن الرئيسية والمحلات مغلقة. وألقت قوات الأمن القبض على عدد من عمال غزل المحلة.
يضيف ماهر في مذكراته: لم أكن وحدي من يدرك أهمية إنشاء الحركة، بل كان جهاز أمن الدولة أيضاً يدرك ذلك، ولهذا السبب كان همّهم الرئيسي بعد يوم 6 إبريل/نيسان 2008 هو إغلاق (جروب الفيسبوك) الذي به أكثر من 70 ألف عضو، وقد تم إغلاق (جروبات) أخرى لـ6 إبريل على (ياهو) و(فيسبوك) أيضاً في الفترة من 6 إبريل/نيسان حتى 4 مايو/أيار. وكان من الواضح أنه تم إغلاقها من الداخل أو عن طريق أحد المعتقلين، ولذلك كان لا بد من الاختفاء وتجنب الاعتقال في تلك المرحلة، وبصعوبة شديدة وافق أحد الأصدقاء على تولي إدارة (الجروب) معي بشكل سرّي بحيث لو تم اعتقالي لا يستطيعون إغلاق الجروب ويستمر كما هو"، كما ورد في مذكراته.
ووصل لماهر عرض من جهاز أمن الدولة المصري، عن طريق الوسطاء، فحواه بوضوح "عايز تعيش في أمان وعايز الناس المحبوسين يخرجوا والموضوع يتقفل.. يبقى اقفل (جروب 6 إبريل) على الفيسبوك ومفيش حاجة اسمها حركة جديدة ومفيش حاجة اسمها إضراب 4 مايو/أيار".
لم تتوقف الحركة. دعت لإضراب ثان يوم 4 مايو/أيار؛ ذكرى ميلاد الرئيس المخلوع حسني مبارك. لم يحقق النجاح المطلوب، لكن الشراراة الأولى كانت قد انطلقت من المحلّة وأغلقت وراءها طريق العودة.
لم تنطلق فكرة الحركة من "مؤامرات الشرق الأوسط الجديد"، ولا هي من "حروب الجيل الرابع" كما يدّعي الإعلام المصري، بل وُلدت بشكل عفوي من رحم مدينة مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى حاملةً لواء حقوق عمالية.
في ذلك اليوم، كانت مصر تنتظر تنفيذ دعوة لإضراب عام أطلقتها بعض الحركات السياسية؛ غير أنّ قلة تعرف أن الدعوة الأساسية خرجت من داخل مصنع غزل المحلة، حيث كان العمال وقتها قد أعدّوا ورتبوا لإضراب داخل المصنع للمطالبة بزيادة في الحوافز والبدلات، ومحاسبة المسؤولين في الشركة عن الخسائر المتكررة لها.
جرى الإعداد لذلك اليوم داخل مكتب حمدين صباحي وكان من ضمن الحضور في الاجتماع التمهيدي له، الإعلامي المصري حمدي قنديل، والقيادي في جماعة "الإخوان المسلمين"، سعد الكتاتني، ومنسق حركة "أطباء بلا حقوق"، وأمين عام نقابة الأطباء حالياً منى مينا، وعدد من الشخصيات السياسية، وذلك وفق رواية العطار، الذي حضر الاجتماع التنسيقي بصحبة عدد من قادة الشركة.
اختيار يوم "6 إبريل"، كما قال العمال لم يأت صدفة؛ فمع اليوم الخامس من كل شهر، يكون العمال قد استوفوا كل أجورهم وحوافزهم من الشركة، لذلك كان اختيار يوم السادس حتى يكون الجميع قد استوفى حقه من الشركة، وحصل على مستحقاته.
فضلاً عن اختيار هذا اليوم تحديداً لأنه سبق انتخابات المحليات التي كان من المقرر تنظيمها في 8 إبريل/نيسان من العام نفسه. وكان لإضراب العمال رسالة واضحة للنظام ككل، بحسب القيادي العمالي بالشركة.
وفي اليوم الموعود، كانت قوات الأمن قد تحصنت في مواقعها، وحاصرت أبواب المصنع وألقت القبض على عدد من القيادات العمالية، ليتحول التجمع سريعاً إلى تظاهرة ساخطة على الأحوال الاقتصادية، التي تمرّ بها مصر في ذلك الوقت، ثم تطورت إلى اشتباكات بين الأمن والأهالي، في مشهدٍ لم تره مصر منذ سنين.
قنابل غاز وإطلاق أعيرة نارية. ولأول مرة تشهد الشوارع المصرية سقوط صورة الرئيس المخلوع حسني مبارك، على الأرض، وتمزيقها بالدعس عليها. كل هذه المشاهد كانت تنذر بأن الثورة ستنتقل يوماً ما إلى بقية ربوع مصر.
يقول مؤسس حركة شباب "6 إبريل"، المعتقل حالياً، أحمد ماهر، في مذكراته بعنوان "البداية"، إنه كان لا بد من تسييس القضايا العمالية، وتشجيع قطاعات أخرى على الإضراب وعصيان نظام مبارك والاعتراض على سياساته.
وكان من المتحمسين لفكرة الإضراب العام آنذاك؛ أحزاب: الغد والعمل والجبهة الديمقراطية، وبعض المدونين والنشطاء، فيما كانت حركة "كفاية" غير متحمسة للدعوة لإضراب عام، مع العديد من الحركات اليسارية والمراكز الحقوقية لدعم العمال، وكانت وجهة نظرهم تقوم على دعم العمال فقط وليس الدعوة للإضراب العام.
خرج خطاب "6 إبريل" لجموع المصريين بدعوتهم للإضراب العام، بشكل عفوي خالٍ من التنظير السياسي. استخدموا فيه اللغة المصرية العامية: خليك في البيت. إضراب عام لكل مصر. ماتروحش الشغل أو الجامعة أو المدرسة اعتراضاً على الفساد والاحتكار وارتفاع الأسعار. عايزين مرتبات أحسن. عايزين تعليم أحسن. عايزين معاملة كويسة في أقسام الشرطة. عايزين عدالة. عايزين شفافية. عايزين نعيش في سكن ملائم. مش عايزين احتكار، مش عايزين تعذيب في أقسام الشرطة، مش عايزين فساد.
وقبل أيام من 6 إبريل/نيسان 2008، هدّدت وزارة الداخلية المصرية، باعتقال كل من يحرّض أو يشارك في ذلك الإضراب. كما أعلنت جماعة "الإخوان المسلمين" رفضها المشاركة في الإضراب العام، إضافة إلى أحزاب "الوفد" و"التجمع" و"الناصري".
وفي مساء 5 إبريل/نيسان وصباح اليوم التالي، اعتقلت قوات الأمن المصرية عدداً من النشطاء السياسيين. وكانت الشوارع خالية في المدن الرئيسية والمحلات مغلقة. وألقت قوات الأمن القبض على عدد من عمال غزل المحلة.
يضيف ماهر في مذكراته: لم أكن وحدي من يدرك أهمية إنشاء الحركة، بل كان جهاز أمن الدولة أيضاً يدرك ذلك، ولهذا السبب كان همّهم الرئيسي بعد يوم 6 إبريل/نيسان 2008 هو إغلاق (جروب الفيسبوك) الذي به أكثر من 70 ألف عضو، وقد تم إغلاق (جروبات) أخرى لـ6 إبريل على (ياهو) و(فيسبوك) أيضاً في الفترة من 6 إبريل/نيسان حتى 4 مايو/أيار. وكان من الواضح أنه تم إغلاقها من الداخل أو عن طريق أحد المعتقلين، ولذلك كان لا بد من الاختفاء وتجنب الاعتقال في تلك المرحلة، وبصعوبة شديدة وافق أحد الأصدقاء على تولي إدارة (الجروب) معي بشكل سرّي بحيث لو تم اعتقالي لا يستطيعون إغلاق الجروب ويستمر كما هو"، كما ورد في مذكراته.
ووصل لماهر عرض من جهاز أمن الدولة المصري، عن طريق الوسطاء، فحواه بوضوح "عايز تعيش في أمان وعايز الناس المحبوسين يخرجوا والموضوع يتقفل.. يبقى اقفل (جروب 6 إبريل) على الفيسبوك ومفيش حاجة اسمها حركة جديدة ومفيش حاجة اسمها إضراب 4 مايو/أيار".
لم تتوقف الحركة. دعت لإضراب ثان يوم 4 مايو/أيار؛ ذكرى ميلاد الرئيس المخلوع حسني مبارك. لم يحقق النجاح المطلوب، لكن الشراراة الأولى كانت قد انطلقت من المحلّة وأغلقت وراءها طريق العودة.