على الرغم من أنّ القوانين الجديدة وحملات التوعية تساهم في الحدّ من حوادث السير، وتقلص أعداد ضحاياها، فإنّ مستوياتها في إيران مرتفعة جداً على المستوى العالمي، وتصل إلى 54 قتيلاً كلّ يوم، عدا عن الإصابات.
مشهد حوادث السير، في شوارع العاصمة الإيرانية طهران، بات اعتيادياً بالنسبة لمعظم المواطنين، مهما تسببت به من ضحايا وأدت إلى إصابات.
يقول الثلاثيني مهدي، لـ"العربي الجديد"، إنّه تعرض لحادث قبل عامين. كان يقود دراجة نارية على طريق سريع تصل شرق طهران بغربها، عندما حاول تجاوز شاحنة. لكنّ سائقها لم يره وانعطف يساراً ليقع مهدي أرضاً ويدخل في غيبوبة طوال أيام. يعتبر مهدي أنه نجا من موت محتم. يضيف أنه لا يعلم حتى اللحظة كيف تمكن من البقاء على قيد الحياة. لا ينكر أنه يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، فلم يكن يضع خوذته، وكان يقود دراجته بسرعة كبيرة، فتسبب له الحادث بكسور في عظام الرقبة.
ينقل موقع "انتخاب" في تقرير خاص، أنّ حوادث السير هي العامل الثاني المسبب للوفاة في إيران بعد الذبحة القلبية. يقول التقرير إنّ السنوات العشر الماضية قتل فيها 247 ألف شخص، وأصيب 3 ملايين و17 ألفاً آخرين بحوادث سير. ومن الإصابات ما تسببت بإعاقات دائمة لأصحابها. كما أنّ العام الماضي وحده شهد مقتل 17 ألفاً وإصابة 304 آلاف شخص في حوادث مرورية.
وفي تقرير أصدرته دائرة شرطة المرور أخيراً يتبين أنّ نحو 54 شخصاً يفقدون حياتهم يومياً في كل أرجاء البلاد بسبب حوادث السير، فيما يصاب 830 شخصاً يومياً. بدورها، تفيد جهات رسمية أخرى، منها مركز الإحصاء الرسمي، عن انخفاض المعدلات تدريجياً خلال السنوات العشر الماضية. فعام 2005 تجاوز عدد القتلى 24 ألفاً، بينما بلغ 17 ألفاً عام 2015.
ينقل موقع "صداي اقتصاد" أنّ المعدل الوسطي لقتلى حوادث السير في العالم يبلغ 15 شخصاً من بين كل ألف شخص. لكنّه بلغ في إيران عام 2012 ضعفي هذا المعدل. وهو ما يجعل طرقات البلاد من الأكثر خطورة على مستوى العالم ككلّ. ويشير الموقع نفسه إلى دراسة تؤكد أنّ معظم الحوادث في إيران يتعرض لها سائقو الدراجات النارية. والسبب عدم مراعاتهم إشارات المرور الضوئية، وعدم ارتدائهم الخوذات.
اقرأ أيضاً: نساء إيران.. بعيدات عن انتخابات مجلس الخبراء
إلى ذلك، ذكرت مواقع الوكالات الرسمية الإيرانية أنّ 70 في المائة من حوادث السير الخطيرة تقع على الطرقات الرئيسية، التي تصل الشوارع الكبرى في المدينة، أو تلك التي تصل المدن بعضها ببعض.
أما العوامل المسؤولة عن حوادث السير في إيران فتنقسم إلى ثلاثة. منها ما يقع على عاتق السائق نفسه. ومنها خلل في مركبته. ومنها سوء حالة الطريق. في هذا الإطار، ذكر موقع البيانات العلمية التابع لجامعة طهران أنّ 90 في المائة من الحوادث في البلاد يتسبب بها السائقون أنفسهم، بسبب عدم مراعاتهم القوانين، لا سيما السرعة. وكذلك القيادة في وقت متأخر من الليل أو في وقت مبكر للغاية من الفجر. ففي مثل هذه الأوقات، يكون السائق مرهقاً أو تحت وطأة النعاس. وهناك عامل آخر يحمّل السائق مسؤولية الحوادث وهو تعاطي المخدرات أو الكحول.
حاولت الحكومة الإيرانية قبل سنوات قليلة التصدي للظاهرة، من خلال فرض قانون سير جديد تم تشديد المخالفات فيه. من ذلك إجبار السائق ومن معه في الكرسي الأمامي على ربط حزام الأمان، وعدم تجاوز السرعة القانونية من خلال تزويد الشوارع بكاميرات مراقبة. لكنّ كلّ ذلك لم ينهِ المشكلة.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أجرت الحكومة تعديلات على القانون، فرفعت قيمة المبالغ التي تترتب على أصحاب المخالفات المرورية. وبذلك، باتت مخالفة تجاوز الإشارة الحمراء، وتجاوز السرعة القانونية تعادل 70 دولاراً أميركياً. كذلك، فرضت مخالفات أخرى على من يؤدون حركات استعراضية على دراجاتهم النارية، على الطرقات العامة، تبلغ نحو خمسين دولاراً. أما القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات فتبلغ غرامتها 150 دولاراً.
من جهته، يؤكد مدير التخطيط والأبحاث المرتبطة بالنقل العام في مركز دراسات طهران، المهندس أمير روحي، لـ"العربي الجديد"، أنّ انخفاض معدل الحوادث يعود إلى تشديد القوانين ونشر كاميرات المراقبة. وهو ما يؤدي بالتالي إلى انخفاض عدد القتلى والمصابين بحوادث سير.
يشير روحي إلى أنّ من الضروري التركيز على دور العوامل الثلاثة في هذه الحوادث. فعلى السائق الالتزام، كما عليه أن يفحص سيارته بشكل دوري حتى لا تتسبب بحوادث كبرى له، فضلاً عن ضرورة إصلاح بعض الطرقات التي لا تراعي المقاييس الفنية بهدف رفع درجة السلامة.
ومع انتشار لوحات ضوئية وثابتة تهدف إلى توعية المواطنين، يقول روحي إنّ من الضروري أن يشارك المواطنون في إيجاد حلّ. فالمسؤولون وحدهم غير قادرين على حلّ الأزمة من جذورها إذا لم يتحمل المواطنون جزءاً من المسؤولية أيضاً، بحسب روحي.
اقرأ أيضاً: بهناز شفيعي.. أوّل إيرانيّة تقود دراجات السباق