السيناريو الأول والأقرب، هو تلقي هيئة المحكمة برئاسة المستشار شعبان الشامي، رأي مفتي الجمهورية، غير الملزم للمحكمة، ليكون مؤيداً لإعدام المتهمين، ليصدر القاضي في هذه الحالة حكماً بإعدام المحالة أوراقهم للمفتي، والسجن بحق بقية المتهمين بأحكام متفاوتة وفقاً لرؤيته بالقضية.
وفي هذه الحالة يكون الحكم الصادر هو حكم أول درجة، ويحق للمتهمين الطعن عليه أمام محكمة النقض، ولا يجوز تنفيذ أحكام الإعدام إلا بعد الفصل من محكمة النقض بعد الطعن على الحكم، إذ يكون الطعن في أحكام الإعدام وجوبياً، حتى إذا لم يطعن المتهم المحكوم عليه على الحكم، ويكون إلزامياً على النيابة العامة الطعن على الحكم.
وتنظر محكمة النقض الطعن من حيث الإجراءات (الشكلية)، فإذا رفضت الطعن يكون حكماً نهائياً وواجب النفاذ، أما إذا قبلت الطعن، فيتم إلغاء الحكم نهائياً كأنه لم يكن، وتقوم محكمة النقض بإعادة ملف القضية مجدداً إلى محكمة الاستئناف لكي تقوم بتحديد دائرة أخرى لتنظر القضية من جديد، بعيداً عن الدائرة التي أصدرت حكم أول درجة.
وعقب تحديد الدائرة، يتم إرسال ملف القضية إليها من جديد بعد إسقاط حكم الإعدام، لتنظر إجراءات القضية بكاملها وما تشمله من أحكام بالسجن، وكأنها تنظرها لأول مرة، وإذا أصدرت المحكمة حكماً ثانياً بالسجن والإعدام، يحق للمتهم الطعن على الحكم مجدداً أمام محكمة النقض.
وفي هذه الحالة يحال ملف القضية بالكامل مجدداً لمحكمة النقض، التي تكون في هذه الحالة "محكمة قانون وموضوع"، إذ تقوم بنظر الدعوى وإجراءاتها، وتفصل فيها من تلقاء نفسها، بمعنى أنها لا تحيلها إلى دائرة جديدة، وإذا أصدرت حكماً بالإعدام، يكون في هذه الحالة حكماً وجوبياً، ويصبح نهائياً وباتاً وواجب النفاذ، ولا طعن عليه.
أمّا السيناريو الثاني، فهو وصول رأي المفتي إلى المحكمة، ورفضه إعدام المتهمين أو بعض منهم، وفي هذه الحالة يكون أمام المحكمة خيارات عدّة، إما أن تتجاهل رأي المفتي وتحكم في القضية بالإعدام، بخاصة أن رأي المفتي استشاري، أو تحكم بالسجن بدلاً من الإعدام بعد رفض المفتي، أو تعيد أوراق القضية إلى المفتي مجدداً، وتحدد موعداً لاحقاً للحكم.
وهناك سابقة مشابهة لهذا الأمر، إذ إنه في أغسطس/آب 2014، وردت إلى محكمة جنايات الجيزة، برئاسة القاضي، محمد ناجي شحاتة الملقب بـ"الجزار"، وهو قاضي الإعدامات، تقرير المفتي في القضية المعروفة إعلامياً باسم "أحداث مسجد الاستقامة"، والتي كانت متهمة فيها قيادات جماعة "الإخوان"، وأبرزها المرشد العام للجماعة محمد بديع.
حينها، أودعت دار الإفتاء تقريرها أمام المحكمة، وجاء فيه "إنه بمطالعة أوراق القضية وجد أنها قد خلت من دليل، إلا أقوال ضابط الأمن الوطني التي لم تؤيد بدليل آخر سوى ترديد البعض لأقوال مرسلة، بأن من يطلق النار هم جماعة من أنصار الإخوان المسلمين، وهو ما لا يمكن الاعتماد عليه في إنزال عقوبة الإعدام على المتهمين".
واختتم التقرير بعبارة "إن دار الإفتاء المصرية تفوض الرأي للمحكمة فى إنزال ما تراه من عقوبة مناسبة على المتهمين، حسبما وقر في عقيدتها واستقر وجدانها وبحسب قناعتها"، فأعاد القاضي إرسال أوراق القضية للمفتي للمرة الثانية، في سابقة هي الأولى في تاريخ القضاء المصري، بعدما ادعت المحكمة أن هناك أوراقاً في القضية تود إرسالها مرة أخرى إلى المفتي لإيضاح إدانة المتهمين، إلا أن المفتي رفض للمرة الثانية إعدام المتهمين، لعدم ثبوت الاتهامات.
وعلى الرغم من ذلك، لم يتلزم القاضي برأي المفتي وأصدر حكماً بإعدام عدد من المتهمين وهم، "الشيخ عاصم عبدالماجد، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، وعزب مصطفى موسى، أنور شلتوت، محمد على طلحة، عبد الرازق محمود، عزت صبري"، وجميعها أحكام غيابية.
كما أصدر حكماً بالسجن المؤبد ضد "بديع، وعضو مجلس الشعب السابق، محمد البلتاجي، وعضو مجلس الشعب السابق، عصام العريان، والداعية صفوت حجازي، ووزير التموين الأسبق باسم عودة، و3 قيادات أخرى وهم الحسيني عنتر محروس، وعصام رجب عبد الحفيظ، ومحمد جمعة حسن".
أما السيناريو الثالث فيتلخّص، بعدم وصول رأي المفتي إلى المحكمة، وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة الانتظار ومد جلسة النطق بالحكم لجلسة مقبلة تحددها المحكمة، لحين وصول رأي المفتي، ويندرج تحت هذا السيناريو أيضاً تعذر إحضار المتهمين لمقر الجلسة لأسباب أمنية، ومن ثم مد جلسة الحكم أيضاً.
وأخيراً السيناريو الرابع، وهو تأجيل المحاكمة وإعادتها من جديد، بخاصة بعد القبض على عضو مكتب إرشاد جماعة "الإخوان" محمود غزلان، ومفتي الجماعة وعضو مكتب الإرشاد الشيخ عبدالرحمن البر، مساء أمس الاثنين، وهما متهمان بالقضية.
في المقابل، ذكرت مصادر قضائية أنّ إعادة المحاكمة تكون للمتهمين الجديدين فقط، لأن الحكم سيكون صادراً بحقهما غيابياً، وأن ذلك لن يؤثر على الحكم المقرر صدوره اليوم.
وفي جميع السيناريوهات أكّد عضو هيئة الدفاع عن مرسي وقيادات "الإخوان المسلمين"، المحامي عبد المنعم عبد المقصود، أنّهم ينتظرون الحكم وسيطعنون بالحكم في حالة الإدانة، إلا الحكم الخاص بمرسي لأنه لا يعترف بشرعية المحاكمة.
وأشار عبد المقصود إلى أنّه "لو صدرت أحكام بالإدانة، فسيتم الطعن عليها بعد صدور حيثيات الحكمين في القضيتين، ولكننا لن نستطيع الطعن بالنسبة للرئيس مرسي لأنه لا يعترف بالمحاكمة، ويرفضها تماماً والطعن له يكون بمثابة الاعتراف بشرعية المحاكمة، والتي نص الدستور على محكمة ذات تشكيل خاص لمحاكمة رئيس الجمهورية".
اقرأ أيضاً: رسالة مرسي: لا تنازل عن القصاص والثورة ستنتصر