3 أرقام سعودية صادمة

30 مايو 2016
محمد بن سلمان يعلن التعامل مع عصر النفط الرخيص
+ الخط -



اليوم وأمس فقط كشفت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) عن 3 أرقام صادمة تتعلق باقتصاد المملكة والظروف الصعبة التي يمر بها، ذلك لأن الأرقام الثلاثة تؤكد حدوث عمليات سحب ضخمة من قبل الحكومة السعودية لأصول واستثمارات وودائع من الخارج، وهو ما أدى إلى حدوث تراجع حاد في كل من احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي والاحتياطيات العامة.

كما أثرت الأوضاع الصعبة التي تمر بها السوق السعودية سلباً على أرباح القطاع المصرفي، الذي يمثل عصب أي اقتصاد، خاصة الأوضاع المتعلقة بالركود وارتفاع الأسعار وضعف الإنفاق العام وتجميد تنفيذ بعض المشروعات الكبرى، وتراجع معدلات الإقراض المصرفي وزيادة التضخم.

الرقم الأول، الذي كشفت عنه مؤسسة النقد العربي السعودي، يقول إن احتياطيات المملكة في الخارج تراجعت بنحو 399 مليار ريال، بنهاية شهر أبريل/ نيسان الماضي، لتصل لنحو 2221 مليار ريال وبما يعادل 592.2 مليار دولار، وهو ما يعني أن هذه الاحتياطيات فقدت 106.3 مليارات دولار من قيمتها خلال عام واحد فقط.

أما الرقم الثاني فتمثل في انخفاض الاحتياطي العام للسعودية إلى 634.5 مليار ريال خلال شهر مارس/آذار الماضي، ليفقد 20 مليار ريال مقارنة بشهر فبراير/شباط الماضي، والملفت أن التراجع حدث بعد أن شهد الاحتياطي العام استقرارا نسبيا منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

أما الرقم الثالث فيتعلق بالقطاع المصرفي، حيث انخفضت الأرباح المجمعة للبنوك العاملة بالسعودية، خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، بنسبة 13% لتبلغ نحو 3.71 مليارات ريال، مقارنة بأرباح نفس الشهر من عام 2015.


ليس هذا فقط، بل سبقت إعلان الأرقام الثلاثة المتعلقة بتراجع الوضع المالي للمملكة تطورات سلبية أخرى، منها خفض مؤسسة موديز المتخصصة في التصنيف الائتماني تصنيف السعودية وتسعة بنوك أخرى تعد من أكبر المؤسسات المالية بالمملكة.

وواكبت هذه التطورات تقارير تتحدث عن أن السعودية ستقترض 10 مليارات دولار من بنوك أجنبية، لمساعدتها على سد عجز الميزانية الذي تسبب فيه انهيار أسعار النفط، وأن هذه الخطوة ستكون الأولى التي تقترض فيها المملكة من جهات أجنبية منذ 15 عاما.

هناك بالطبع أسباب منطقية تفسر ما يحدث حالياً في الاقتصاد السعودي، أبرزها تهاوي أسعار النفط وفقدانه 60% من قيمته على مدى العامين الماضيين، وكذا التكلفة المالية الباهظة لحرب اليمن المستمرة، حيث أن المملكة تتحمل الجزء الأكبر منها، إضافة لمساهمة المملكة في الحرب العالمية على تنظيم "داعش" في العراق وسورية.

وأدت هذه الأعباء المالية إلى حدوث عجز كبير في موازنة المملكة، وتأخر الحكومة في سداد المديونيات المستحقة عليها خاصة للمقاولين، كما أدت إلى لجوء الحكومة للاقتراض الخارجي لسداد جزء من عجز الموازنة البالغ 98 مليار دولار في عام 2015، إضافة إلى السحب الضخم من الاحتياطي وتسييل أصول استثمارية للحصول على سيولة لتمويل الإنفاق العام.

لكن هل تُعدُّ الأرقام السابقة مؤشراً خطراً على ما وصل إليه الاقتصاد السعودي؟ وهل اقتصاد المملكة بدأ يئن بشدة من الأعباء المطلوبة خاصة الناجمة عن تهاوي أسعار النفط ومحاربة الانقلابيين في اليمن وتنظيمات داعش وغيرها؟

النظرة العابرة والسريعة تقول "نعم هناك أزمة مالية حادة تعاني منها السعودية، والاقتصاد معرض لمخاطر شديدة"، لكن بنظرة فاحصة نجد أن الاقتصاد السعودي لن يصل إلى مرحلة الخطر بعد، فالمملكة لا تزال تمتلك احتياطيات من النقد الأجنبي تقارب 600 مليار دولار، وهذا المبلغ كافٍ لسداد احتياجات المملكة لمدة 5 سنوات متواصلة.

كما أن تحسن أسعار النفط مؤخراً يعطي أملاً في إمكانية استعادة الأسعار عافيتها في العام القادم، وهو ما يمكن المملكة من إعادة بناء احتياطياتها الأجنبية وأصولها واستثماراتها بالخارج، كما أن الخطة التي أعلنتها الحكومة مؤخرا من خفض للإنفاق وزيادة الإيرادات من مصادر جديدة، في إطار استراتيجية التعامل مع عصر النفط الرخيص، يمكن أن تقلل من الضغوط على الاقتصاد السعودي.

لكن يبقى السؤال: هل يتحمل الاقتصاد السعودي مثل هذه الضغوط لسنوات طويلة مقبلة، خاصة إذا ما استمرت الأوضاع الحالية الناجمة عن تهاوي أسعار النفط وحرب اليمن وسورية؟ وهل رؤية 2030 التي تبنتها حكومة المملكة قادرة على التصدي لمثل هذه التحديات؟ أم تتحول لمجرد أوراق تدخل الأدراج المغلقة ولا تخرج منها لصعوبة تطبيقها على أرض الواقع؟


المساهمون