في 8 ديسمبر/كانون الأول 1991، وقّع رؤساء الجمهوريات السوفييتية آنذاك، الروسي بوريس يلتسين والأوكراني ليونيد كرافتشوك والبيلاروسي ستانيسلاف شوشكيفيتش، على اتفاقية تأسيس "رابطة الدول المستقلة" خلفاً للاتحاد السوفييتي الذي تراكمت أزماته ولم يعد قادراً على الاستمرار. وتمّ توقيع الاتفاقية في غابة "بيلوفيجسكايا بوشا" في بيلاروسيا، لتكرّس انتهاء وجود الاتحاد السوفييتي، وفتح العالم صفحة جديدة من تاريخه بغياب أكبر دولة على الخريطة، وثاني أكبر قوة عسكرية بعد الولايات المتحدة.
وبعد مرور 25 عاماً على توقيع الاتفاقية، يرى كبير الباحثين بمعهد علم الاجتماع التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أندريه أندرييف، أن "إبرامها بهذه الطريقة لم يكن قانونياً، ولكنها جاءت نتيجة طبيعية لعملية تفكك الاتحاد السوفييتي، التي بدأت قبل ذلك بوقت طويل".
ويضيف أندرييف، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "من وجهة نظر الإجراءات، فإن اتفاقية بيلوفيجسكايا بوشا، لم تكن دستورية وقانونية نظراً لعدم طرحها في أي استفتاء لأخذ رأي الشعب، ولكنها جاءت نتيجة لعملية تفكك الاتحاد".
وحول دور آخر زعماء الاتحاد السوفييتي، ميخائيل غورباتشوف، في انهيار الاتحاد، يبدي أندرييف اعتقاده بأن "غورباتشوف لم يكن يرغب في تفكك الاتحاد السوفييتي، وشكّل ذلك تراجيديا شخصية بالنسبة إليه، ولكن أعماله السابقة هي التي أدت إلى هذه النتيجة".
ومع ذلك يشير الباحث الروسي إلى أن "عملية تفكك الاتحاد كانت موضوعية، إذ لم يعد سكان روسيا وقيادتها بحلول نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، راغبين في استمرار وجود الاتحاد السوفييتي، الذي كان قائماً على دعم موسكو لاقتصادات ضعيفة".
في المقابل، لا تزال أساطير وألغاز كثيرة تحيط بأحداث "بيلوفيجسكايا بوشا"، بين رواية تآمر يلتسين وكرافتشوك وشوشكيفيتش، ووجود مخططات غربية لتفكيك أكبر دولة في العالم، إلا أن المشاركين في هذه الأحداث التاريخية يعتبرون أنها جاءت كمجرد شهادة وفاة للاتحاد الذي لم يعد قائماً فعلياً.
في هذا السياق، يتساءل سيرغي شاخراي الذي عمل مستشاراً ليلتسين في ذلك الوقت، في حوار مع صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس"، أنه "إذا افترضنا، مثلاً، أن الاتحاد السوفييتي تفكك في بيلوفيجسكايا بوشا في 8 ديسمبر 1991، فيجب أن تكون تواريخ إقامة الدول الجديدة بعد تاريخ 8 ديسمبر".
اقــرأ أيضاً
ويعتبر أن "انقلاب 24 أغسطس/آب 1991 في موسكو، جاء بمثابة زناد لتفكك الاتحاد السوفييتي، وهذه حقيقة، إذ خرج من الاتحاد السوفييتي خلال الفترة من 24 أغسطس 1991 و1 ديسمبر منه، كل من لم يخرج قبل ذلك، بينما تحتفل الدول الجديدة بأعياد استقلالها قبل تاريخ الاتفاقية".
والمحاولة الانقلابية عبارة عن قيام مجموعة من كبار شخصيات الدولة الرافضة لسياسات غورباتشوف بتشكيل "لجنة الدولة لحالة الطوارئ" بهدف منع تفكك الاتحاد، والعودة إلى المسار السياسي ما قبل برنامج إصلاحات "البيريسترويكا". إلا أن فشل الانقلاب أسفر عن نسف مكانة الحزب الشيوعي السوفييتي، في مقابل زيادة نفوذ يلتسين وأنصاره، مما مهّد الطريق لانهيار الاتحاد السوفييتي بشكل نهائي بعد أشهر.
بعد التوقيع على الاتفاقية، سارع الرؤساء الثلاثة للتواصل هاتفياً مع غورباتشوف والرئيس الأميركي آنذاك، جورج بوش (الأب). وحسب ذكريات شاخراي، فإن محادثة شوشكيفيتش مع غورباتشوف كانت طويلة لصعوبة التوضيح له أن "البلاد تفككت فعلياً وتم تأسيس رابطة الدول المستقلة لمنع وقوع حرب أهلية". أما في محادثته مع بوش، فطمأنه يلتسين بأن الاتفاقية تنص بوضوح على بقاء القوات النووية يبن أيدي روسيا بشكل كامل. وعلى الرغم أن الأمور الأخرى، لم تكن تهم بوش، إلا أنه دهش لما حدث.
وبعد أسابيع معدودة على التوقيع على الاتفاقية، انتهى وجود الاتحاد السوفييتي نهائياً عقب إصدار إعلان الاعتراف باستقلال الـ15 جمهورية سوفييتية سابقة، في 26 ديسمبر 1991، لتدخل الدول الوليدة مرحلة جديدة من تاريخها عاشت خلالها حروباً وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة.
وعلى الرغم من مرور ربع قرن، إلا أن المجتمع الروسي لا يزال منقسماً بين الحنين إلى زمن الاتحاد السوفييتي بأمنه واستقراره، والرفض لنظامه الشمولي وسيطرة الدولة على كافة مجالات الحياة. وسبق للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن وصف انهيار الاتحاد السوفييتي بأنه "أكبر كارثة جيوسياسية" في القرن الـ20، قائلاً في الوقت نفسه إن "من لا يحنّ إلى الاتحاد السوفييتي لا قلب له، ومن يتمنى عودته لا عقل له".
وبعد مرور 25 عاماً على توقيع الاتفاقية، يرى كبير الباحثين بمعهد علم الاجتماع التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أندريه أندرييف، أن "إبرامها بهذه الطريقة لم يكن قانونياً، ولكنها جاءت نتيجة طبيعية لعملية تفكك الاتحاد السوفييتي، التي بدأت قبل ذلك بوقت طويل".
ويضيف أندرييف، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "من وجهة نظر الإجراءات، فإن اتفاقية بيلوفيجسكايا بوشا، لم تكن دستورية وقانونية نظراً لعدم طرحها في أي استفتاء لأخذ رأي الشعب، ولكنها جاءت نتيجة لعملية تفكك الاتحاد".
ومع ذلك يشير الباحث الروسي إلى أن "عملية تفكك الاتحاد كانت موضوعية، إذ لم يعد سكان روسيا وقيادتها بحلول نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، راغبين في استمرار وجود الاتحاد السوفييتي، الذي كان قائماً على دعم موسكو لاقتصادات ضعيفة".
في المقابل، لا تزال أساطير وألغاز كثيرة تحيط بأحداث "بيلوفيجسكايا بوشا"، بين رواية تآمر يلتسين وكرافتشوك وشوشكيفيتش، ووجود مخططات غربية لتفكيك أكبر دولة في العالم، إلا أن المشاركين في هذه الأحداث التاريخية يعتبرون أنها جاءت كمجرد شهادة وفاة للاتحاد الذي لم يعد قائماً فعلياً.
في هذا السياق، يتساءل سيرغي شاخراي الذي عمل مستشاراً ليلتسين في ذلك الوقت، في حوار مع صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس"، أنه "إذا افترضنا، مثلاً، أن الاتحاد السوفييتي تفكك في بيلوفيجسكايا بوشا في 8 ديسمبر 1991، فيجب أن تكون تواريخ إقامة الدول الجديدة بعد تاريخ 8 ديسمبر".
ويعتبر أن "انقلاب 24 أغسطس/آب 1991 في موسكو، جاء بمثابة زناد لتفكك الاتحاد السوفييتي، وهذه حقيقة، إذ خرج من الاتحاد السوفييتي خلال الفترة من 24 أغسطس 1991 و1 ديسمبر منه، كل من لم يخرج قبل ذلك، بينما تحتفل الدول الجديدة بأعياد استقلالها قبل تاريخ الاتفاقية".
والمحاولة الانقلابية عبارة عن قيام مجموعة من كبار شخصيات الدولة الرافضة لسياسات غورباتشوف بتشكيل "لجنة الدولة لحالة الطوارئ" بهدف منع تفكك الاتحاد، والعودة إلى المسار السياسي ما قبل برنامج إصلاحات "البيريسترويكا". إلا أن فشل الانقلاب أسفر عن نسف مكانة الحزب الشيوعي السوفييتي، في مقابل زيادة نفوذ يلتسين وأنصاره، مما مهّد الطريق لانهيار الاتحاد السوفييتي بشكل نهائي بعد أشهر.
وبعد أسابيع معدودة على التوقيع على الاتفاقية، انتهى وجود الاتحاد السوفييتي نهائياً عقب إصدار إعلان الاعتراف باستقلال الـ15 جمهورية سوفييتية سابقة، في 26 ديسمبر 1991، لتدخل الدول الوليدة مرحلة جديدة من تاريخها عاشت خلالها حروباً وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة.
وعلى الرغم من مرور ربع قرن، إلا أن المجتمع الروسي لا يزال منقسماً بين الحنين إلى زمن الاتحاد السوفييتي بأمنه واستقراره، والرفض لنظامه الشمولي وسيطرة الدولة على كافة مجالات الحياة. وسبق للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن وصف انهيار الاتحاد السوفييتي بأنه "أكبر كارثة جيوسياسية" في القرن الـ20، قائلاً في الوقت نفسه إن "من لا يحنّ إلى الاتحاد السوفييتي لا قلب له، ومن يتمنى عودته لا عقل له".