2023: حلم أردوغان بالإمبراطورية الإسلامية
أذكر وقتها أني أقنعته وتبنى مقولتي بعد أقل من 3 ساعات شرح، يمكن اختصارها بجملة "أردوغان يسعى ليؤسس الجمهورية الثانية غير العلمانية".
بداية القول: قلما تسمع حديثاً في تركيا، لمسؤول أو باحث أو حتى تركي حالم، إلا ويتضمن 2023، وكأن ثمة ولادة للبلاد وقتذاك، أو بداية ستجبّ كل ما قبلها من أرقام متواضعة أو حتى متأرجحة، عن الناتج ودخل الأتراك والصادرات والسياحة، بل وحتى دور تركيا الإقليمي والدولي، كقوة اقتصادية وروحية، قبل أن تكون سياسية، فما السر وراء هذا التاريخ؟
ربما يذهب التبرير ببعضهم، إلى أن تاريخ 2023، أو الحلم التركي، مرتبط فقط بمرور مئة عام على تأسيس الجمهورية الأولى التي قادها مصطفى كمال أتاتورك، فإن كان ذلك التبرير في جزء منه حقيقة، بيد أنها لا تكتمل دون الإشارة إلى أن تركيا ستنعتق خلال هذا التاريخ من قيود معاهدة لوزان للسلام، التي نسفت معاهدة سيفر لعام 1920 وقت وقعت "تركيا إسطنبول" وهي المهزومة، مع بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان واليونان ورومانيا والبرتغال وبلغاريا وبلجيكا ويوغسلافيا، صك القبول بشروط المنتصرين.
وفرض "الحلفاء" المنتصرون في الحرب العالمية الأولى، قيوداً على "السلطنة العثمانية" بحسب "لوزان" شملت إعادة ترسيم الحدود ومنع تركيا من التنقيب عن النفط قبل مرور مئة عام، فضلاً عن مصادرة جميع أموال الخلافة والسلطان، إلى جانب فرض علمانية الدولة.
لتكون تركيا في التاريخ المنتظر، "أمة كبرى وقوة عظمى" كما أطلق "حزب العدالة والتنمية" الشعار، أو تحول، ربما التحديات، وأهمها الخارجية المتأذية من صعود النمر التركي، دون الحلم، وتعود تركيا ربما إلى ما قبل عام 2002، وقت كانت في قلب العاصفة الاقتصادية والمالية، وتنوف ديونها على 16 مليار دولار وتعاني من غياب استقرار سياسي واقتصادي، نتيجة "حكم العسكر".
قصارى القول: بالعودة لبداية الحلم الاقتصادي، نرى أن الأهداف تمحورت حول الارتقاء بالاقتصاد التركي ليصل إلى قائمة أعلى 10 اقتصادات على مستوى العالم، ورفع الناتج المحلي التركي إلى تريليوني دولار أميركي سنوياً، ورفع دخل المواطن إلى 25 ألف دولار أميركي سنويًا، وخفض معدلات البطالة لتصل إلى نسبة 5% وزيادة نسبة التجارة الخارجية لتصل إلى تريليون دولار سنوياً.
لتُستكمل بأهداف سياحية تتعلق باستقطاب 50 مليون سائح سنوياً، وزيادة عائدات السياحة لنحو 50 مليار سنوياً، وجعل تركيا من أفضل الدول الخمس الأولى الجاذبة للسياح، وتتوج بحلم المواصلات الذي يركز على إنشاء سكك حديد جدية تصل لنحو 11 ألف كيلومتر، والاهتمام بالموانئ والأنفاق والجسور وبناء المطارات، وصولا إلى التحول للنظام الرئاسي الذي أيده أكثر من 51% من الأتراك الشهر الفائت.
نهاية القول: هل وضعت تركيا خططاً ممكنة التطبيق، للوصول إلى الهدف الحلم، وربما الأهم، هل تسمح الدول المنافسة أو الخائفة من العملاق التركي المستيقظ، أن تدخل تركيا نادي الكبار جداً، لتنعكس قوتها الاقتصادية على مشروعها السياسي والروحي، رغم ما لذلك من آثار، ربما سيتطاير أول شررها إلى الاتحاد الأوروبي.
الواقع يقول، رغم أن اعتماد تركيا ينصب على تمتعها بمعظم مقومات الوصول للحلم، ففضلاً عن التطور الصناعي والإعداد للسياحة ورفع أرقام الصادرات، عبر "عودة الروح" مع روسيا وفتح أسواق جديدة، فهي تحتضن بين أحشائها 8 خطوط لنقل الطاقة ويتوقع أن يرتفع عدد هذه الخطوط إلى 15 لتتحكم تركيا بصنابير الطاقة العالمية، إلا أنها لم تأخذ التكنولوجيا بما يكفي، لتبقى تركيا أسيرة الموارد الكلاسيكية التي ربما لا تمكّنها وحدها، من بلوغ الهدف.
ولكن، وربما هو لبّ القول، هل ستنجو تركيا الحالمة من مقاومة الهجمات الخارجية لإعاقة حلمها وتحقيق الاستقرار والتنمية، وهل سيترك انفصاليو وعلمانيو الداخل، حزب العدالة والتنمية يصل إلى دولة ربما لا علمانية، إن لم نقل إسلامية، لتقود دول المنطقة وتكون هاجسا للأوروبيين... ربما هذا هو السؤال.