يخيّم على مختلف كليات جامعة الإسكندرية توتر "مكتوم"، على خلفیة غياب القيادات الجامعية والخلافات التي تفجرت مؤخراً بعد تقديم رئيس الجامعة استقالته، بسبب تدخل الأجهزة التنفيذية في أعماله، واستمرار 20 من مقاعد العمداء خالية، في انتظار قرار رئيس الجمهورية بتعيينهم.
وكشفت مصادر بالجامعة النقاب مؤخراً عن توقف العمل بصورة ملحوظة داخل جميع الإدارات، بعد رفض القائمين بالأعمال اتخاذ أي قرارات أو تنفيذ أي أعمال، خصوصاً المصيرية منها، واقتصر دورهم على الأعمال الروتينية، وهو ما تسبب في كثير من المشاكل والأزمات الداخلية.
وسادت حالة من السخط بين أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، بسبب عدم صدور قرار تعيين العمداء، رغم انتهاء لجنة اختيار العمداء من كل المقابلات ورفع النتيجة النهائية إلي وزير التعليم العالي، ليسلمها بدوره إلى رئيس الجمهورية.
وكان الدكتور خالد حجلة عميد كلية الهندسة قد تقدم باستقالته من منصبه نهاية الشهر الماضي، اعتراضاً على التدخلات الأمنية بالجامعة.
يأتي هذا في الوقت الذي تستمر فيه أزمة نادي أعضاء هيئة تدريس الجامعة، بعد قيام محافظ الإسكندرية بعزل مجلس الإدارة بصورة مفاجئة.
تنازع الأجهزة الأمنية
وقال أستاذ في كلية الحقوق، طلب عدم نشر اسمه: "إن القيادة السياسية مرتبكة بخصوص تعيين العمداء في الكليات، وذلك بسبب تداخل أعمال عدد من الأجهزة الأمنية داخل الجامعة، وهو ما سبب تأخر آخر التقارير والأسماء النهائية للمرشحين للمناصب الخالية".
وأضاف عضو هيئة التدريس: "تم تمرير أسماء المرشحين من فلتر دقيق جداً قبل الوصول إلى مكتب الرئيس، وهذا بعلم جميع الأساتذة، الذين تم توجيه أسئلة إلى أغلبهم من مسؤولين في جهات أمنية ورقابية للتحري عن المرشحين، إلا أن الأجهزة الأخرى التي يعتمد عليها الرئيس لا توافق عادة على عمل زميلاتها وتتدخل في أعمالها وتتنافس في ما بينها على حسابه وحساب العملية التدريسية في الجامعة".
وأوضح أن: "الموقف زاد صعوبة وتعقيداً بعد مرور الشهر الأول من الدراسة واستقالة رئيس الجامعة الدكتور أسامة إبراهيم، الذي طالب قبل ساعات من تقديم استقالته، بسرعة اتخاذ قرار بتعين العمداء الجدد، وذلك لتوقف كثير من الأمور بسبب عدم صلاحيات الأساتذة القائمين بالأعمال، والمتواجدين داخل الكليات لتسيير الأمور لحين صدور قرارات التعيين".
وأضاف أن: "تلك تعدّ المرة الأولى التي يغيب فيها هذا العدد من القيادات الجامعية، وهو ما ساهم في تدخل الأجهزة الأمنية في القرارات الجامعية"، لافتاً إلى أن: "استمرار هذا الوضع، سيزيد الأزمة اشتعالاً".
وأشار، إلى أنه: "بعد تقديم رئيس الجامعة لاستقالته، تولى نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب الدكتور رشدي زهران، الإدارة وفقاً لنص القانون، كقائم بالأعمال لحين فتح باب الترشح لاختيار رئيس جديد للجامعة، ما جعل رئاسة الجامعة أيضاً تعاني الأيدي المهزوزة والمرتعشة وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، مثلما يحدث في مواقع القائمين بالأعمال في الكليات".
وقال الدكتور صديق عبد السلام، رئيس لجنة اختيار العمداء بالجامعة، لـ"العربي الجديد": "إن اللجنة رفعت تقرير اختيار العمداء إلى وزير التعليم العالي الدكتور السيد عبد الخالق، لرفعه إلى رئيس الجمهورية، وذلك بعد الانتهاء من اختيار 19 عميداً قبل بدء الدارسة"، مبدياً تعجبه من: "التأخر في إصدار قرارات بتعيينهم حتى الآن".
وأشار إلى أن: "تولّي أقدم الوكلاء في كل كلية منصب القائم بالأعمال حتى صدور القرار، أضرّ بالعملية التعليمية في بداية العام الدراسي"، مطالباً الرئيس بالانتهاء من هذا الأمر.
أزمة نادي هيئة التدريس
من ناحية أخرى تصاعدت الأزمة بين نادي أعضاء هيئة التدريس، ومديرية أمن ومحافظة الإسكندرية، بعد قراره بعزل مجلس إدارة النادي بدعوى وجود مخالفات مالية وإدارية، تمثلت في انتداب محامين للدفاع عن عدد من أعضاء هيئة التدريس المحبوسين بسبب معارضتهم للانقلاب العسكري.
وأكد رئيس النادي المنحل الدكتور عمر السباخي: "اتخاذ كل الإجراءات القانونية للطعن على قرارات الحل"، مشدداً في الوقت نفسه على: "الاستمرار في الدفاع عن أعضاء النادي، ودعم استقلال الجامعة ورفض اعتقال أساتذتها، ودون الالتفات إلى محاولة المزايدة التي يرددها البعض لمصالح شخصية"، بحسب تعبيره.
وأوضح أن: "توكيل محامين على حساب النادي للدفاع عن أعضائه هو واجب، بغض النظر عن سبب أو ظروف حبسهم، وللتأكد من معاملتهم بطريقة آدمية وحقوقية داخل السجون"، لافتاً إلى "استمرار حبس 9 من أعضاء النادي، فيما تم الإفراج عن اثنين فقط بعد مدة حبس اقتربت من العام".
الطلاب يتوعدون
كذلك واصل طلاب التيارات السياسية واتحاد الطلاب والطلاب المناهضون للانقلاب العسكري، محاولاتهم للتعامل مع الوضع القائم في الجامعة، لتحقيق أكبر استفادة منه، ودراسة المشهد والبدء في اتخاذ خطوات جادة، بعد أن تحولت الجامعة إلى" ثكنة عسكرية"، على حد قولهم.
وقال الطالب في حركة طلاب ضد الانقلاب بجامعة الإسكندرية، محمود عرفة: "الوضع داخل الجامعة يتطور بسرعة، وبخاصة بعد أحداث كلية الهندسة ودخول قوات الأمن إلى الساحات والقبض على 30 طالباً، ومقتل الطالب "عمر الشريف"، واستقالة رئيس الجامعة بدون أي أسباب واضحة".
وتوعد "عرفة" القيادات الجامعية الجديدة: "باشتعال الغضب في وجوههم بعد تحول الحرم الجامعي إلى ثكنات عسكرية وساحات معارك".