وحسب أرقام حديثة صادرة عن الهيئة، وحصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، فقد بلغت خسائر مصر جراء تراجع صادراتها حتى مطلع الشهر الجاري نحو 14 مليار جنيه (1.83 مليار دولار)، مقابل 10.5 مليارات دولار (1.37 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وتوقعت الهيئة الحكومية استمرار تراجع صادرات مصر، خلال الأشهر المقبلة.
وحسب الأرقام، فقد سجلت صادرات المنتجات الزراعية، مثل الخضار والفاكهة، تراجعا كبيرا، خاصة إلى دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى صناعة الملابس الجاهزة، والصناعات الكمياوية والأسمدة، وصادرات قطاع مواد البناء والصناعات المعدنية، كما شهدت صادرات السلع الهندسية والإلكترونية بدورها تراجعاً كبيراً.
وخلصت أرقام الهيئة إلى أن تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الرئيسية، خاصة اليورو والدولار، من أهم أسباب تراجع الصادرات المصرية، إضافة إلى توقف عدد كبير من المصانع بسبب نقص الغاز والاضطرابات الأمنية، ما أدى إلى تراجع الإنتاج، وبالتالي الصادرات.
وأحصى تقرير للهيئة الحكومية أيضا أسبابا أخرى، من بينها ضعف تنافسية المنتجات المصرية، وتعثر الخطط الترويجية لها في الخارج، وعدم توفير الطاقة اللازمة للقطاعات كثيفة استهلاك الطاقة، التي تساهم بشكل كبير في الصادرات، فضلا عن زيادة تكلفة المياه والكهرباء.
ونبهت إلى أن تراجع صادرات المنتجات الزراعية، مثل البطاطس والبصل والطماطم والفاصوليا والبرتقال والمانجو، يعود إلى رفض الصادرات المصرية من هذه المواد من قبل الدول الأوروبية، بسبب عدم وجود مشاريع محلية لمكافحة الآفات والحشرات.
ولفتت الهيئة إلى الآثار السلبية لسيطرة الدولة لمدة طويلة على قطاع التصدير، منوها في الوقت نفسه إلى غياب الاهتمام بالبنية التحتية للتصدير، خاصة على مستوى التخزين والتبريد والنقل، إلى جانب عدم وجود كوادر بشرية مؤهلة للنهوض بصادرات البلاد.
وحمل التقرير الحكومة المصرية مسؤولية تراجع الصادرات غير البترولية، بشكل حاد خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، خصوصاً قطاعات الصناعات الهندسية والكيماوية والملابس الجاهزة والجلود والصناعات الغذائية.
ودعا الحكومة المصرية إلى تقديم دعم للصادرات، على غرار ما تقوم به دول عدة.
وأكد الخبير الاقتصادي، مصطفى حامد النشرتي، في تعليقه على تقرير هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، أن "الصادرات المصرية تواجه تحدياً خطيراً، خلال العامين الأخيرين، لم تواجهه من قبل".
ومن أبرز التحديات التي تواجهها الصادرات المصرية، وفق النشرتي، "عدم الاهتمام بالمواصفات القياسية لكثير من منتجاتها، سواء كان ذلك للاستهلاك المحلي أو التصدير، ما أساء إلى سمعة الكثير من المنتجات المصرية، خاصة الغذائية"، وضرب مثلا بالصين التي تصدّر إلى كل دولة سلعا وفق المواصفات المطلوبة وبسعر متفق عليه سلفا.
ورأى، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة المصرية لا تستفيد من اتفاقية الشراكة مع الدول الأوربية في توريد منتجات ذات مواصفات ومعايير متعارف عليها، مما يزيد من قيمتها المضافة.
وأضاف: "معظم الصادرات المصرية عبارة عن منتجات زراعية غير مصنَّعة، لأن الدولة تحولت إلى الاستهلاك أكثر من الإنتاج، سواء في الصناعات الأولية أو النهائية والمعدة للاستهلاك النهائي".