وأوضح تقرير الشبكة أن معظم حوادث الاعتقال تمت دون مذكرات قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، مشيرا إلى أن المعتقل يتعرض للتعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرم من التواصل مع عائلته أو محاميه، فيما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التعسفي، ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
ووفقاً للتقرير، بالنسبة إلى المعتقلين على خلفية المشاركة في الحراك الشعبي ضمن أي نشاط، سواء كان سياسيا أم حقوقيا أم إعلاميا وإغاثيا، فإن الأفرع الأمنية توجه إلى الغالبية العظمى تهماً متعددة تحت الإكراه والترهيب والتعذيب، مثل إثارة النعرات الطائفية، تهديد نظام الحكم، إضعاف الشعور القومي، التواطؤ مع العدو، دعم وتمويل الإرهاب، الدفع إلى وهن نفسية الأمة، ويتم تدوين ذلك ضمن ضبوط، وتحال هذه الضبوط الأمنية إلى النيابة العامة، ومن ثم يتم تحويل الغالبية منهم، إما إلى محكمة الإرهاب أو محكمة الميدان العسكرية.
ولا تتحقق في هذه المحاكم أدنى شروط المحاكمة العادلة، وهي أقرب إلى فرع عسكري أمني، وفق التقرير، الذي أضاف أن المحتجزين لدى قوات النظام السوري "يتعرضون لأساليب تعذيب غاية في الوحشية والسادية، ويحتجزون ضمن ظروف صحية سيئة للغاية"، مشيرا إلى أن هذا تكتيك متبَّع من قبل النظام السوري على نحو مقصود وواسع، بهدف تعذيب المعتقلين وجعلهم يصابون بشتى أنواع الأمراض، ثم يهمل علاجهم على نحو مقصود أيضاً، وبالتالي يتألم المعتقل ويتعذب إلى أن يموت.
وحذّر التقرير من ازدياد خطورة الوضع مع انتشار جائحة كورونا الجديد (كوفيد- 19)، مشيراً إلى أنَّه في ظل ظروف الاعتقال الوحشية في مراكز الاحتجاز، المواتية والمؤهلة لانتشار الفيروس، فإن ذلك يهدد حياة نحو 130 ألف شخص لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى النظام السوري، بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ويوثق التقرير ما لا يقل عن 156 حالة اعتقال تعسفي، بينها طفلان وسيدة خلال الشهر الماضي، كانت 74 منها على يد قوات النظام السوري، و35 على يد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) ذات القيادة الكردية. فيما سجل التقرير 38 حالة اعتقال تعسفي على يد فصائل المعارضة المسلحة، و9 حالات على يد هيئة تحرير الشام، مشيرا إلى أن أغلب حالات الاعتقال كانت في محافظة حلب، ثم دير الزور فريف دمشق.
وأكد التقرير أنَّ النظام السوري لم يف بأي من التزاماته في أيٍّ من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وأنه يواصل توقيف مئات آلاف المعتقلين دونَ مذكرات اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تهم، وحظر عليهم توكيل محامين والزيارات العائلية.
وطالب التقرير مجلس حقوق الإنسان بمتابعة قضية المعتقلين والمختفين قسرياً في سورية، فيما حث كلاً من "لجنة التحقيق الدولية المستقلة" و"الآلية الدولية المحايدة المستقلة" على فتح تحقيقات في الحالات الواردة فيه وما سبقه من تقارير، مؤكدا استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتعاون وتزويدهم بمزيد من الأدلة والتفاصيل.