140 حرفاً فقط.. تغريدات خالدة على تويتر

05 سبتمبر 2017
+ الخط -

يرى من يلقي نظرة على تاريخ تطوّر التكنولوجيا المعاصر التقلّبات العجيبة والتغييرات المتسارعة التي تعصف في سماء الألفية الثالثة. ولحسن حظنا فقد شهدنا تأسيس شركاتٍ عملاقة كان لها الدور الأكبر في صياغة حياتنا التكنولوجية وواقعنا الافتراضي، فمن بزوغ فجر المحرّك الأشهر وعملاق الإنترنت Google في نهاية الألفية المنصرمة إلى إرساء Facebook لأسس التواصل الاجتماعي قبل إحدى عشرة سنة.

ويمكننا القول إنّ هذه الألفية، أو على الأقل هذا القرن، هو قرن التواصل الاجتماعي دون أدنى شك. ولا تعرف آفاق التواصل في عصر الإنترنت حدًا، ولا ترضى بمنصةٍ جامعة تختصر كلّ المنصات كما ظنّ مؤسسو Facebook بدايةً، بل جعلت منصات التواصل الاجتماعية تنشأ وتتطوّر. وفي مطلع عام 2006 ظهر موقع twitter كمنصّة بسيطة للتواصل الاجتماعي، يمكنك من خلالها مشاركة أفكارك، آرائك، متابعة أخبار من ترغب به، بالإضافة إلى التواصل مع الآخرين من الأصدقاء والزملاء لكن بشرطٍ بسيطٍ صغير؛ كتابة نصٍ لا يتجاوز 140 حرفا أو رمزا.

لم يلقَ تويتر في البداية ذلك الرواج الكبير، حيث كان موقع Facebook يحتل الساحة ويفرض وجوده عن طريق كتابة نصوصٍ أكبر إضافةً إلى أسبقيته في هذا المجال. لكن سرعان ما استطاع twitter أن يجد مكانًا لنفسه بين جماهير Facebook وتمكّن حتى من جذب جماهير جديدة لم تعر المنصّة الأخيرة أيّ اهتمام.

راقت فكرة الموقع للكثيرين، يمكنك مشاركة ما تقوم به الآن، التعبير عن آرائك، والتواصل مع أصدقائك بما لا يزيد عن 140 رمزًا وحرفًا، فهو مناسبٌ جدًا لجيل الشباب الذي لا يملك وقته في هذه الأيّام.

قد تستغرب من وجود تواصلٍ أصلًا بهذا الكم الضئيل من الأحرف إن لم تكن من مدمني هذا الموقع، لكن ماذا لو قلنا لك إنّ هناك تغريدات على موقع twitter من القيمة بمكانٍ يجعل تكرارها مستحيلًا.

لنبدأ مع أوّل تغريدة في تاريخ الموقع، نشر Jack Dorsey مؤسّس موقع twitter في 21 مارس/ آذار من عام 2006، وقد تتوقّع أن ينشر تغريدةً تعلن فيها عن نجاحه المرتقب وعِظم إنجازه في إطلاق هذا الموقع، لكنّها لم تكن افتتاحيةً ضخمة ولم يعمد إلى محطات التلفاز الكبرى لينشر بها إعلاناتٍ مزعجة كل دقيقة عن تطبيقه وموقعه المميز، بل كانت عبارة عن خمس كلمات: "أقوم بإعداد حسابي علىtwitter" :
https://twitter.com/jack/status/20

لا يمكنني أن أتحدّث عن الافتتاحيات دون أن أذكر التغريدة التالية، تغريدة كانت مصدرًا ملهمًا لشيءٍ بتنا نستخدمه ليس فقط في twitter وإنما عبر كافة مواقع التواصل الاجتماعي، فضلًا عن دوره الكبير في تصنيف التغريدات، المواضيع والصور المنشورة على مختلف المنصّات. تُثبت هذه التغريدة أنّ كبرى نجاحات موقع twitter أتت من أفكار المستخدمين الولوعين بهذا الموقع، حيث طرح أحد مستخدميها الأوائل فكرة استخدام (الهاشتاغ #) بعد عامٍ من إطلاق الموقع:
https://twitter.com/chrismessina/status/223115412

لم تقتصر الميزات المقدّمة من twitter على التدوينات القصيرة جدًا، بل يستطيع المستخدمون أن ينشروا الصور المختلفة التي التقطوها في حياتهم اليومية. لا أتحدّث عن صور السياحة والسفر، صور الطعام الشهي، أو حتى صور المغنين والمطربين، بل عن الصورة في تغريدة Janis Krums التي وثّقت حادثة وقوع الطائرة الأميركية في نهر Hudson دون أن يعرف حجم الشهرة التي ستتلقاها تلك التغريدة:
https://twitter.com/jkrums/status/1121915133

ربما لم تستيقظ في إحدى الليالي على صوت طائرات الهيلوكوبتر تحوم حول بنائك، ولو حصل معك ذلك هل سيخطر في بالك أن تقوم بنقل ما يحدث نقلًا حيًا ومباشرًا عبر منصة twitter؟ لا؟ لكنّي سأعود بك إلى تلك التغريدة التي استيقظ صاحبها ذات ليلةٍ في شهر مايو/ أيّار من عام 2011 على صوت الحوامات التي تحلّق فوق بنائه. لا يمكننا الإنكار، فقد كان ذلك الأمر غير اعتياديًا أبدًا لدرجةٍ دفعته إلى نشر التغريدات المتوالية حول الموضوع ليتلقى الكثير من التفاعل دون أن يدري أنّ ما كان يقوم به هو نقل حي ومباشر للعملية التي أدّت إلى قتل أسامة بن لادن.
https://twitter.com/ReallyVirtual/status/64780730286358528
https://twitter.com/ReallyVirtual/status/64783440226168832

ما هو أكبر إنجاز لك حققته في عملك؟ هل شاركته على أحد مواقع التواصل الاجتماعي؟ قد تجعلك التغريدة التالية تشعر بنوعٍ من الغرور أو حتى الحسد، أو تجعلك تترك كل شيءٍ لتبدأ بالتخطيط للحصول على ما حصل عليه صاحبها، ولربما تكون العجلة التي تحرّك البعض ليعمل بجدٍ تمامًا مثلما قام به صاحب الرد عليها. عندما قام مغني الراب Drake بالتعبير عن مدى صعوبة كسب المليون دولار الأول في حياتك المهنية، قام الملياردير T.Boone Pickens بكتابة ردٍ مميز فعلًا بأنّ المليار الأوّل أصعب حتى:
https://twitter.com/boonepickens/status/207984741260070914

ولا يمكنني صراحةً أن أتحدّث عن التغريدات الملهمة دون ذكر أهم تغريدة ملهمة من وجهة نظري، لا أدري إن كنت تعرف قصة تأسيس شركة Dell الأميركية أو سمعت بها من قبل، لكن لا تقلق فهذه التغريدة تختصر بين طيات حروفها القليلة قصّة النجاح الطويلة التي ابتدأت من الصفر أو لنقل من الـ1000$ لتفرض نفسها ككبرى الشركات المصنّعة للحواسيب والمعدّات التكنولوجية اليوم. قام مايكل ديل مؤسس شركة Dell بنشر هذه التغريدة في عام 2012 التي قال فيها:
"لقد أسست شركة Dell قبل 28 سنة برأس مال بلغ 1000$ فقط. وصلت العائدات في عام 1984 إلى 6 ملايين دولار والسنة الماضية إلى 62.1 مليون دولار. لا يوجد شيءٌ اسمه مستحيل".
https://twitter.com/MichaelDell/status/222025653724262401

كانت التغريدات السابقة تغريداتٍ ملهمة حقًا عمل أصحابها كثيرًا ليصلوا إلى ما وصلوا إليه، لكنّي سأختم هذه القائمة المميزة بالحديث عن تغريدة مُميزة لكن بنكهةٍ مختلفةٍ تمامًا. لقد كانت كل التغريدات السابقة من كتابة أشخاصٍ ناجحين، ما رأيك بتغريدةٍ من صنع مركبةٍ فضائية؟ قامت مركبة وكالة ناسا Curiosity بنشر هذه التغريدة عندما وصلت إلى سطح المريخ بنجاح وحطت في فوهة غيل، إحدى أهم المعالم على سطح الكوكب الأحمر:
https://twitter.com/MarsCuriosity/status/232348380431544320
"أنا بأمان على سطح المريخ، يا فوهة غيل أنا أدخلك".

المساهمون