يبدو أن السعودية قررت أخيراً، أن تلحق بجيرانها الخليجيين إلى رحلة التقشف ورفع الدعم عن بعض المشتقات النفطية، لأول مرة منذ عقود، تجنباً لأثر تهاوي أسعار النفط لأدنى مستوياتها في أكثر من أربعة أعوام.
إذ دعا ولي العهد السعودي، الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أمس الأول السبت، إلى ضرورة ترشيد كافة إعانات الطاقة، لما لها من تأثير على الأوضاع المالية العامة، مع مُراعاةِ الظروفِ الداخلية لكل دولة، وضرورةِ العمل على رفع كفاءة استخدام الطاقة.
ووفق حسابات لـ "العربي الجديد"، تتكبد السعودية بصفتها أكبر مصدّر للنفط في العالم (9.8 مليون برميل يوميا) خسائر تتجاوز 350 مليون دولار يومياً، نتيجة تراجع أسعار النفط من 115 دولاراً للبرميل في يونيو/حزيران إلى 79 دولاراً بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي.
وإذا استقرت أسعار النفط عند المستويات الحالية، فإن المملكة مهددة بفقدان ما يربو على 130 مليار دولار سنوياً، ما يهدد الدولة الأقوى اقتصاديا في المنطقة بعجز كبير في الموازنة قد يلتهم جزءاً كبيراً من احتياطي النقد الأجنبي الذي ادخرته على مدار العقود الثلاثة الماضية.
وكانت أربع دول خليجية، هي الإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان، قد بدأت سباق التقشف وترشيد الإنفاق الحكومي بسبب تراجع أسعار النفط عالميا، إذ وافقت حكومة الكويت مؤخراً على رفع أسعار وقود الديزل والكيروسين وخفض الدعم المقدم لهما، وهو ما قد يرفع تكلفتهما على المستهلكين إلى أكثر من ثلاثة أمثالها حسب محللين.
وقالت وكالة أنباء الإمارات (وام) الرسمية، الخميس الماضي، إن إمارة أبوظبي، سترفع أسعار الكهرباء ورسوم المياه، بما يزيد تعريفة الكهرباء الخاصة بالمساكن بين 10 و40% اعتباراً من مطلع 2015.
وقالت الهيئة الوطنية للنفط والغاز البحرينية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إنها سترفع تدريجياً سعر البيع المحلي لوقود الديزل ليصل إلى مثليه تقريبا بحلول عام 2017 بهدف تخفيف أعباء الدعم الثقيلة عن كاهل المالية العامة.
إلا أن جمال فخرو، نائب رئيس مجلس الشورى البحريني، قال في مايو/أيار الماضي إن البحرين ليس لديها نطاق زمني لتنفيذ رفع أسعار الوقود الذي أعلن عنه رغم تعرض ماليتها العامة لضغوط متزايدة.
ونهاية الشهر الماضي، رجح وزير الشؤون المالية العماني، درويش البلوشي، أن تشرع الحكومة في خفض الدعم جزئيا العام المقبل مع انخفاض أسعار النفط العالمية مما يضغط على الوضع المالي للدولة.
وبالنسبة للسعودية، لم تظهر بعد أي إشارات توحي بتحرك نحو رفع أسعار مشتقات النفط، لكن ولي العهد السعودي أشار في كلمته خلال قمة مجموعة العشرين إلى أن بلاده بدأت في تنفيذ برنامجٍ وطني شاملٍ لترشيد ورفع كفاءة استخدام الطاقة.
وكان وزير الاقتصاد والتخطيط محمد الجاسر قال في مايو/أيار 2013 إنه ينبغي خفض الدعم، لكن المملكة لم تتخذ خطوات في هذا الصدد.
وقال الأمير سلمان إن اقتصاد بلاده حققَّ خلال السنوات الأخيرة نمواً قوياً خاصة القطاعَ غير النفطي، معربا عن الارتياح للأوضاع المالية العامة الجيدة نتيجة للجهود التي بُذلت لتعزيزه من خلال بناء الاحتياطيات وتخفيض نسبة الديْن العام إلى الناتج المحلي الإجمالي حتى وصلتْ إلى أقلّ من 3%، وبناء مؤسسات مالية وقطاع مصرفي قوي يتمتع بالمرونة والملاءة المالية القوية.
ووفقا لتقديرات الصندوق، بلغ دعم الطاقة في الشرق الأوسط، الذي يقاس على أساس الفرق بين قيمة الاستهلاك بالأسعار العالمية والأسعار المحلية، نحو 237 مليار دولار في عام 2011، أي ما يعادل نصف الدعم في العالم البالغ 532 مليار دولار.