1200 نقطة سوداء تخنق سكان الجزائر

16 سبتمبر 2015
طرقات الجزائر تفيض بالسيارات (فرانس برس)
+ الخط -
تعرف طرقات الجزائر، العاصمة، والمدن الكبرى في البلاد، وهران، وعنابة، وقسنطينة، والبليدة، في السنوات الأخيرة ظاهرة الاختناق ‏المروري، بشكل غير مسبوق. وباتت طرقات هذه المدن مصدراً لمختلف أنواع الضغط النفسي والتوتر العصبي، جراء ساعات ‏الانتظار، والتأخر عن العمل والمواعيد الرسمية، حيث تحصي مديريات الأمن العمومي ما يزيد عن 1200 نقطة سوداء تشهد ازدحاماً ‏مرورياً خانقاً، عبر طرق وشوارع المدن الكبرى‎.‎

القروض المصرفية

ويُرجع المتابعون ازدياد الاختناق المروري إلى ارتفاع عدد السيارات في البلاد منذ سنة 2000 إلى غاية سنة 2009، حيث شجعت عملية ‏القروض المصرفية الاستهلاكية الموجهة للسيارات، وكذا الترخيص ببيعها بالتقسيط، إقبال المواطنين على اقتناء مختلف أنواع ‏السيارات، لترتفع مبيعات السيارات من نحو 140 ألف سيارة سنوياً إلى أكثر من 350 ألف سيارة، ليقفز بذلك عدد السيارات بالبلاد، ‏من أقل من أربعة ملايين سيارة قبل عشر سنوات إلى أكثر من 5.4 ملايين سيارة مع نهاية سنة 2014، حسب تقرير الديوان الوطني ‏للإحصاء، أكثر من 1.25 مليون سيارة منها بالعاصمة وحدها، على صغر حجمها وضيق طرقاتها‎.‎

وعلى الرغم من محاولات الحكومة الحد من هذه الظاهرة عبر خلق خط الميترو بالعاصمة، وخط الترامواي في كل من العاصمة ‏قسنطينة ووهران، إلا أن ذلك لم يحل المشكلة، كون هذه الخطوط كانت محدودة في المكان ولا تغطي إلا جانباً واحداً من خط السير‎. ‎

ازدحام ‏مروري

وفي أول يوم من الدخول المدرسي، في السادس من الشهر الحالي، عاشت المدن الجزائرية الكبرى، وخاصة العاصمة، يوم ازدحام ‏مروري أسود. يقول شريف، موظف في إحدى المؤسسات الإعلامية، لـ "العربي الجديد"، إن شرايينه كادت تنفجر من شدة الضغط ‏والتوتر، بعدما وجد نفسه هو ومئات المواطنين عالقين في زحمة لأكثر من ساعة ونصف الساعة، على مسافة لم تكن تأخذ في أيام العطل ‏ونهاية الاسبوع أكثر من 20 دقيقة، مضيفاً أن هذا الزحام تسبب في نشوب مشاجرات عديدة إثر محاولات بعض السائقين التجاوز في ‏أماكن ضيقة وخطيرة ليتفادوا الزحام‎.‎
يؤكد الطبيب، محمد جلطي، لـ "العربي الجديد"، أنه يكره القدوم إلى العاصمة، أو زيارة مدينة وهران، بسبب الجحيم الذي تصنعه شدة ‏الاختناق المروري على طرقاتهما، لافتاً إلى أن هذا الزحام يعد من أكبر المسببات لأمراض الضغط الشرياني والسكري، مما يرفع من كلفة ‏الإنفاق الصحي على الأسر والدولة بشكل عام‎.‎
ويقول الخبير المالي لدى البنك الدولي، الدكتور محمد حميدوش، لـ "العربي الجديد"، إنه "لا يمكن معرفة مدى تأثير الازدحام المروري ‏على الاقتصاد الوطني بلغة الأرقام، في ظل غياب المؤشرات الدقيقة والدراسات المتعلقة بذلك"، مشيراً إلى أن إعاقة حركة المرور ‏والتأخر عن مواعيد العمل يؤثران بشكل سلبي على الأداء الاقتصادي لمختلف المؤسسات ناهيك عن تأخير إيصال السلع والبضائع‎.‎
ويلفت الدكتور حميدوش إلى أن من الأسباب التي أسهمت في اشتداد الاختناق المروري بالبلاد في الآونة الاخيرة، الزيادة الكبيرة لعدد ‏السيارات المستوردة، وإلى انعدام النظرة الاستشرافية للمدن، ومنح تراخيص إقامة المراكز التجارية الكبرى وقاعات الحفلات دون ‏مراعاة ضرورة توفر مساحات لركن السيارات‎.‎
أما رئيس المنظمة الوطنية للناقلين الجزائريين، حسين بوغابة، فيرجع في حديثه لـ "العربي الجديد" سبب الاختناق المروري الذي ‏تشهده العاصمة وكبريات المدن بالبلاد، إلى التعليمة الوزارية الصادرة سنة 2009 القاضية بفتح الخطوط أمام الناقلين الخواص من ‏دون دراسة، مما جعل كل من يملك ثلاثة آلاف دولار يشتري حافلة مهترئة، ويستعملها لنقل المسافرين وهو ما يزيد أزمة المرور حدة، ‏لبطء حركتها‎.‎
ومع أن للاختناق المروري أضراراً كبيرة على الاقتصاد الوطني والحالة النفسية والصحية للمواطن، إلا أن هناك حالات استثنائية ‏كان فيها هذا الزحام إيجابياً، إذ يشير عبد الهادي أن صديقه وجد فتاة أحلامه بعدما توقفت سيارتها إلى جانب سيارته. كما يروي الجزائريون حالات كثيرة من فرص العمل، التي كان للاختناق المروري الفضل في ‏إيجادها‎.‎

اقرأ أيضاً:سوق التأمين الجزائرية: هشاشة برغم الإمكانات
المساهمون