تتضارب الأرقام حول عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا، لكنّ الوضع سيئ في جميع الأحوال على صعيد الحقوق، بالرغم من المصادقة على الاتفاقية الدولية.
كشف رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، عن وصول عدد الأشخاص ذوي الإعاقة بسبب الحرب في ليبيا إلى 120 ألفاً حتى نهاية عام 2018. ويظهر الإحصاء الذي تلاه السراج، خلال اجتماعه بالمجلس الوطني لرعاية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أنّها إعاقات تسببت بها الحرب في طرابلس ومدن أخرى خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أنّها لا تشمل أضرار الحرب الدائرة حالياً في جنوب طرابلس. وأكد السراج سعي حكومته لوضع خطط شاملة لرعاية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مما كفلته الشرائع والقوانين والمواثيق المحلية والدولية، لافتاً إلى أنّ من بين تلك المساعي الحكومية خططاً وبرامج لدمجهم في كلّ قطاعات الدولة المبنية على أساس إشراكهم ومشاركتهم وتنظيماتهم في وضع هذه السياسات.
ومن غير المعروف ما إذا كان الإحصاء يشمل الإعاقات التي تسببت بها حروب اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في شرق وجنوب البلاد ومؤخراً في غربها. لكنّ الرقم الذي أعلن عنه السراج يبدو مرتفعاً جداً عما أعلن عنه منسق منظمة الصحة العالمية لدى ليبيا، أبو بكر الفقيه، خلال احتفالية ليبية بطرابلس بمناسبة اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة، في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول 2018، إذ أكد أنّ "الإحصاءات التي أجريت في ليبيا مؤخراً، تفيد بأنّ هناك أكثر من 5.300 حالة بتر، أغلبها لشباب". في اليوم نفسه حذرت 20 منظمة وجمعية ليبية معنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من خطورة أوضاعهم في ليبيا. ونقل بيان مشترك للمنظمات العشرين، عن مدير إدارة شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة في وزارة الشؤون الاجتماعية بحكومة الوفاق أنّ "عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا، عام 2009، بلغ 82 ألف شخص بينما ارتفع إلى 103 آلاف شخص بنهاية عام 2017". وانضمت ليبيا في فبراير/شباط 2013، إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بعد إصدار المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في الفترة نفسها القانون رقم 2 بشأن دعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لكنّ المصادقة على الاتفاقية تأخرت حتى فبراير 2018.
يصف منصف الجندي، وهو عضو "جمعية أصدقاء المعاقين" إجراءات وقرارات السلطات في ليبيا بشأن أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، بأنّها "حبر على ورق" مؤكداً أنّ ما تتوفر عليه حقيبته من قرارات وتشريعات ليبيا في هذا الشأن "يحتاج لأسبوع لسردها لكم". يلفت الجندي في حديثه إلى "العربي الجديد" إلى أنّ أكثر تلك القرارات أهمية قرار رئيس الحكومة فايز السراج منتصف العام الماضي، بإقرار جملة من الحقوق والتسهيلات للأشخاص ذوي الإعاقة، بعد ضغط الجمعيات والناشطين، والذي جرى توزيعه على الوزارات والبلديات، لكن دخل إلى أدراج الحفظ كغيره من القرارات الأخرى". ويشرح الجندي مضمون هذا القرار بالقول إنّه "صدر استناداً لانضمام ليبيا للاتفاقية الدولية والتشريعات الليبية السابقة بشأن شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة". لكنّه أكد أنّه قرار "صدر فقط لإسكاتنا فمثلاً فعّل بنداً سابقاً يوجب على القطاعات العامة أن تلتزم بتخصيص 5 في المائة من كادرها الوظيفي للأشخاص ذوي الإعاقة، وهي نسبة متدنية نظراً إلى زيادة أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد".
ويمضي الجندي قائلاً إنّ "القرار لم يلتفت إلى حق التنقل للشخص ذي الإعاقة ما كرس واقعاً مريراً يجبره على الانزواء في بيته، ويحدّ من فعالية مطالب دمجه في المجتمع" ضارباً مثلاً لتغاضي القرار الحكومي عن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في وجود ممرات خاصة بهم في الدوائر الحكومية وفي المناطق العامة بل حتى في الأماكن الأخرى ليتسنى لهم قضاء أشغالهم الخاصة والوصول إلى احتياجاتهم اليومية. يتابع: "يمكنكم الدخول إلى أيّ جهة عامة لتلحظوا غياب التجهيزات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة".
أزمة الأشخاص الذين تسببت الحرب بإعاقتهم انفجرت أثناء تنظيم عدد منهم وقفة احتجاجية في يوليو/ تموز 2018، أمام مقر بلدية بنغازي، شرقي ليبيا، للمطالبة بإطلاق سراح زملاء لهم نظموا وقفة مماثلة أمام مقر قيادة قوات حفتر بمدينة المرج، قبل أن تعتقلهم أجهزة أمنية تابعة لحفتر. وعبّر المحتجون عن استيائهم من إقدام أمن حفتر على اعتقال خمسة من زملائهم حضروا إلى المقر، للمطالبة بحقهم في العلاج بعد الإهمال الذي طاولهم لسنوات. كذلك، تداولت منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو في مناسبات سابقة، ظهر خلالها عدد من الأشخاص مبتوري الأطراف، من مقاتلي حفتر، وهم يفترشون الطريق العام، وسط بنغازي، احتجاجاً على أوضاعهم، وبعضهم كان يجلس لبيع بعض المأكولات لإعالة أسرته، في ظل عدم حصوله على راتبه الشهري.