‏654 في المئة

03 نوفمبر 2014
الفقر في السودان يدفع للهجرة (أرشيف/ فرانس برس)
+ الخط -
تردت الأوضاع الاقتصادية في السودان خلال السنوات الماضية. وبعد إنفصال الشمال عن ‏الجنوب وإنسحاب البترول جنوباً، وازدياد معدلات الفقر والبطالة، وارتفاع ‏الأسعار، لم يجد السودانيون أمامهم منفذاً للهروب من هذا الواقع، سوى عبر بوابة الهجرة.‏
حيث يعاني السودان منذ ما يقرب من الثلاث سنوات من نقص حاد في ‏العملة الأجنبية التي كانت تشكل إيرادات البترول منها 75%. واقع أدى إلى ترنّح ‏العملة الوطنية لتصل إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار. بالتالي، زادت نسبة ‏التضخم ووصلت أخيراً إلى ما يزيد عن 46%. ومع التضخم إرتفعت أسعار السلع ‏الأساسية بنسبة فاقت الـ400%. ‏
تلاقت كل تلك المعوقات الإقتصادية التي يعانيها السودانيون مع تزايد ‏نسبة البطالة التي وصلت إلى 18.8%، وفقاً للإحصاءات الحكومية ‏الرسمية. بينما تشير تقديرات الخبراء الإقتصاديين لنسبة بطالة أكثر ضخامة.
هكذا، ارتفع الإقبال على طلبات الهجرة، خاصة ‏في أوساط الشباب. لتطال أيضاً الكوادر الطبية، وأساتذة الجامعات، واليد العاملة المتخصصة. الأمر الذي زاد من مشكلات الاقتصاد السوداني. ‏
يقول عدد من الخبراء إن الرقم الحقيقي ‏للمغتربين السودانيين يفوق ما تصرح عنه الجهات الرسمية. مدير الجاليات السودانية، فقيري حسن عثمان، يؤكد مثلاً على أن الزيادة ‏في معدلات الهجرة خلال عشرة أشهر فقط وصلت إلى 654%. ويعتبر أن عدد ‏المهاجرين السودانيين يراوح بين ثلاثة الى أربعة ملايين شخص، وذلك من دون احتساب الهجرة غير الشرعية التي لا تدخل من ضمن الإحصائيات.
وبحسب إحصائيات أوردها نقيب الأطباء السودانيين أحمد ‏الشيخ، فإن عدد الأطباء السودانيين العاملين في الخليج وصل إلى عشرة ‏آلاف طبيب، وفي أميركا وكندا ثلاثة آلاف طبيب، فيما هاجر إلى بريطانيا 700 طبيب ‏سوداني.‏
أما البرلمان السوداني فقد حذر من هجرة أساتذة الجامعات، لا سيما أنها ‏وصلت إلى 25% من إجمالي الأساتذة الذي يعملون في البلد. وطالب ‏البرلمان أخيراً، بأن تعد الحكومة لسياسات تشغيلية تحسن من أوضاع الأساتذة، للحد من الظاهرة التي لها علاقة مباشرة ‏بضعف مستويات التعليم.‏
وكانت وزيرة العمل إشراقة سيد محمود ، قد أشارت إلى أن عدد ‏من هاجروا إلى الرياض خلال النصف الأول من العام الجاري بلغ 35 ‏ألف سوداني من مختلف الأعمار. وثمانية آلاف هاجروا إلى ليبيا. وما بين 1000 إلى 2000 هاجروا إلى قطر والإمارات بغرض العمل.‏
بطبيعة الحال، لا يمكن فصل الهجرة عن النمو الاقتصادي. فبحسب الخبير الإقتصادي كمال محمد، فإن إزدياد معدل البطالة مؤشر على ‏أن الاقتصاد السوداني لا ينمو، وبالتالي فإن الناتج المحلي الإجمالي أيضاً ‏لا ينمو، كما أن الهجرة لها تأثير على الطلب الكلي للسلع. فالموارد البشرية تعتبر أهم ركيزة في الدورة الاقتصادية.
واللافت، أنه رغم كل هذه التأثيرات، بدأ النظام السوداني يعلن صراحة عن تشجيعه للهجرة "الشرعية". لا بل أعلنت الحكومة جملة من الإجراءات التحفيزية للمغتربين ‏لاستقطاب الحوالات. ولا يخرج هذا المسار، من محاولات النظام توطيد استمراريته، من تهجير السودانيين، بدلاً من خلق سياسات تحفزهم على اعادة بناء اقتصادهم.
المساهمون