عاد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لاستهداف الساحة اللبنانيّة عبر نشر شريط فيديو مدته 38 دقيقة تحت عنوان "صحوات لبنان: تجار الدماء". ويستهدف الشريط هيئة العلماء المسلمين ودار الفتوى ورئيس الحكومة تمام سلام وتيار المستقبل، ويتهمهم بدعم الجيش اللبناني، الذي يعتبره "داعش" "جيش الصليبيين".
ويذكر الشريط كيف أن رجال الدين السنة من مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان ومفتي طرابلس والشمال مالك الشعار ومشايخ هيئة العلماء، برروا هجوم الجيش على مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان (عام 2007)، وفي عرسال (شرق لبنان) وطرابلس (شمال لبنان)، وأنهم يريدون أن يحكم لبنان رئيس مسيحي.
كما يتناول الشريط التعذيب الذي حصل في سجن رومية، ويدعو النساء إلى عدم زيارة أقاربهن في السجون اللبنانيّة، لأنه يعتبر أنهن تتعرضن للذلّ ويعرض لقطات تظهر منع رجال شرطة بعضَ النسوة من قطع الطرقات. ويتهم الشريط رجال الدين السنة بأنهم وقفوا في وجه كسر الحدود الذي حصل في عرسال في أغسطس/ آب 2014.
ويُختم الشريط بجزء من خطبة للمتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني، يدعو فيها مقاتلي التنظيم إلى استكمال القتال من أجل الأسرى في السجون، ويذكر منها سجن رومية، ويليه جزء من خطبة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، يدعو فيه إلى وأد "القومية والوطنية وكسر حدود سايكس بيكو" وإلى تحكيم الشريعة الإسلامية، ويدعو إلى ثبات أهل الشام.
وفي قراءة لهذا الشريط، يبدو أن معدّيه يُدركون التفاصيل اللبنانيّة الداخليّة، وهو ما يُشير إلى أنهم لبنانيّون، لكن التقنية المستخدمة تدلّ على أنه أنتج خارج لبنان. كما أن الشريط يشير على وجود نيات لدى التنظيم لاستهداف الساحة اللبنانيّة مجدداً، من دون أن يعني هذا الأمر هجوما واسعاً يستهدف لبنان، بل يهدف في الأغلب لتجنيد المزيد من الشبان اللبنانيين للقتال في صفوف التنظيم الذي خسر عدداً كبيراً من مقاتليه في المعارك والغارات الجوية. وتتخوّف أوساط إسلاميّة من أن يسعى "داعش" إلى استهداف عدد من رجال الدين الذين يعملون على منع الشبان وإقناعهم بعدم الالتحاق بصفوفه.
يُذكر أن مصادر إسلاميّة أكدت أن أحد أبناء طرابلس يُتابع الملف اللبناني من مدينة الرقة السورية، وسبق أن التقى بعدد من العاملين في الساحة اللبنانيّة، وقد أوقفت الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة عدداً منهم في الفترة الأخيرة، لكن هذا لا يعني أن التنظيم يعتبر العمل في الساحة اللبنانية والدخول إليها من أهدافه الاستراتيجية. وينقل من يعرف هذا الشاب، أنه يكنّ عداءً شديداً لرجال الدين في مدينة طرابلس، خصوصاً أولئك الذين جاهروا برفضهم التشدد الديني.
اللافت أن هذا الشريط، يتقاطع مع التفجيرين اللذين حصلا مؤخراً في عرسال، واللذين استهدفا هيئة علماء القلمون والجيش اللبناني. ولم تصدر نتيجة التحقيقات بعد في التفجيرين، لكن الاتهام يدور في فلك "داعش" والنظام السوري. المهم، هو أن الشريط والتفجيرين يتقاطعان لجهة توتير الساحة اللبنانيّة وبث الرعب والهستيريا.