يوم مع التقليد الموسيقي الكازخستاني

09 نوفمبر 2014
منشدة الملاحم أولجان بايبوسينوفا
+ الخط -

منذ خمسة عشر عاماً وبرنامج "مسرح المدينة" في باريس يؤمّن أسفاراً موسيقية إلى مختلف أنحاء آسيا الوسطى. أما اليوم الأحد، فسيحملنا، من خلال عدة فعاليات، إلى أبعد من آسيا الوسطى، وتحديداً إلى أستانا، عاصمة كازخستان، ويجول بنا في بلدٍ شاسع تطغى عليه السهوب، ويوقظ فينا تاريخاً مشبعاً بقصص الفروسية والملاحم.

وتجدر الإشارة بدايةً إلى أن التقليد الموسيقي الكازخستاني هو تمثيلٌ مُتسامٍ لتاريخ البلد والنمط البدوي لحياة أبنائه، وفضاءاته اللامتناهية التي شكّلت، على مر الزمن، أراضي فتوحات مثيرة للخيال.

تقليد يرتكز تعبيرياً على ثلاث آلات موسيقية: الـ"كوبيز" (كمان بأوتارٍ ثلاثة)، الـ"دومبرا" (عود بوترين)، والـ"سيبيزغي" (ناي ملتوٍ). آلة الـ "دومبرا"، التي تُعتبر روح الشعب الكازخستاني، ترسم، بمقطوعات قصيرة تدعى "كوي"، مشاعر هذا الشعب، وأفكاره، وجميع أحداث حياته. آلة قادرة على النطق، تعبّر موسيقياً عمّا يتعذّر قوله بالكلمات، ويقترب فنّ ألحانها، بالمهارات العزفية التي يتطلّبها، من الكمال ضمن تناغمٍ بين الاستبطان والتخريج.

الـ"كوبيز" هو آلة الشمان (أو الساحر)، وبالتالي تفتح باباً إلى عالم الأرواح، وتوقّع السفر إلى عالم الغيب. يخترق الصوت الخارق لأوتارها روح الأحياء ويستدعي الأموات. أما ناي الـ"سيبيزغي" فهو آلة الرعاة الذين لم يعد فنّهم حاضراً إلا في بضع مناطق جبلية نادرة.

ولعل عازف الـ"سيبيزغي" الأشهر في كازخستان اليوم هو زولوسهي تورديغولوف، الذي هو أيضاً صانع آلات معظم الموسيقيين المدعوّين اليوم إلى "مسرح المدينة". وإلى جانب مشاركته في الحفلات الموسيقية، سيعرض علينا تقنياته في صناعة الـ"دومبرا" والـ"كوبيز".

وخلال هذا اليوم الحافل ببرنامجه، سيشارك أبرز موسيقيو كازخستان الجمهور فنّهم وقيَمه ومعناه العميق. فنٌّ متناقل شفاهياً من جيلٍ إلى جيل. وفي هذا السياق، ستنطلق حفلة موسيقية صباحاً لسرد قصة آلة الـ"دومبرا"، سيحييها زانغالي زوزباييف وتلميذته الشابة أق زوسان إيمانزوسوب كيزي، اللذان سيرويان، وفقاً للتقاليد، الأساطير والقصص المرتبطة بكل معزوفة، قبل أدائها.

وخلال النهار، ينظّم "مسرح المدينة" لقاءات ومحترفات مختلفة مع الموسيقيين المدعوّين لتسهيل ولوج عالم كازخستان الموسيقي المجهول لمعظمنا. أما حفلة المساء فستشارك فيها مجموعة من أهم الموسيقيين الكازخستانيين: عازف الـ"كوبيز" روشان أوراباييفا، منشدة الملاحم أولجان بايبوسينوفا، عازفو الـ"دومبرا" سرجان شكراتوف، رحيم برغينوف عبد الحميد، زانغالي زوزباييف، وعازف الـ"سيبيزغي" موكيشيف طلغت.

موسيقيون سيقدمون لجمهور متعطش لحظةَ بلادهم الموسيقية، داخل خيمة تقليدية، حيث يجتمع عادةً الموسيقيون الكازخستانيون عند المساء للتباري في عرض مهاراتهم العزفية، وأيضاً لاستعادة تاريخهم العابق بقصصه وملاحمه وأبطاله.

دلالات
المساهمون