يوم غرقت بيروت

08 ديسمبر 2014
شوارع العاصمة تغرق بمياه الامطار(جوزيف عيد/فرنس برس/getty)
+ الخط -
غرقت بيروت. نعم. فهي معتادة على السباحة في المياه الطبيعية والاصطناعية. ألم تغرق عبر التاريخ؟ ألم تبتلعها مياه البحر منذ قرون؟ أما اليوم وبعد مئات السنين، غرقت بيروت مجدداً. طافت الطرقات. أغلقت منافذ العاصمة. لم تجرؤ مياه المتوسط على الاقتراب هذه المرة، فمياه الأمطار الغزيرة كانت كفيلة بابتلاع العاصمة.
في لبنان تحولت نعمة الشتاء إلى نقمة. لماذا؟ لأن القيمين على إقامة مشاريع البنى التحتية، غافلون عن القيام بواجباتهم.

سنوياً... المشهد ذاته
تبدأ القصة داخل نفق مطار بيروت الدولي. قصة تتجدد سنوياً. في العام الماضي، غرق اللبنانيون لأكثر من 7 ساعات، داخل النفق. اليوم وبعد عام تقريباً، غرق اللبنانيون داخل النفق ذاته، ولساعات. لماذا؟ لأن الشركة المكلفة بتنظيف شبكات المياه، لم تقم بواجباتها. فحدود عملها لا يتعدى الحصول على الأموال اللازمة للعمل دون تنفيذه. من يراقب؟ لا أحد!
في العام الماضي، ضج الإعلام. ضج السياسيون. فُتحت التحقيقات، وانتهى الموضوع. واليوم المشهد ذاته يتكرر. غرقت بيروت في المياه، كما غرقت في الظلام. العلاقة مترابطة بين هطول المطر وانقطاع التيار الكهربائي. لساعات عاشت بيروت تحت المياه وبلا كهرباء.
فيلم لبناني طويل يعيشه المواطنون سنوياً. مشهد غرق السيارات داخل النفق يتكرر. نحن نغرق ونغرق؛ لأن الدولة اللبنانية بكافة أركانها غارقة في الانقسامات السياسية، فلماذا لا نشاركها في الغرق أيضاً؟
من المسؤول عن ما يحصل سنوياً؟ وزارة الأشغال؟ شركة "ميز" المكلفة بتنظيف النفق؟ أنا؟ أنت؟ أو ربما تقع المسؤولية على الشتاء الذي ينغمر فوق رؤوس اللبنانيين سنوياً! آه، صحيح، كل المسؤولية تقع على المطر...
بالطبع هي ليست مسؤولية وزير من الوزراء. لنعد بالذاكرة إلى الوراء. في العام الماضي، خرج وزير الأشغال العامة السابق غازي العريضي إلى الإعلام، وبعبارة صريحة قال: "لا علاقة لوزارة الأشغال بغرق نفق المطار، وعلى السلطات المحاسبة"، بدأت التحقيقات، استدعاءات، كلام، ومن ثم أقفل الملف. لم يفهم أحد لماذا غرقت التحقيقات أيضاً؟
اليوم، يخرج وزير الأشغال غازي زعيتر إلى الإعلام أيضاً، وبعبارة أصح يقول: "لا دخل للوزارة بما حصل من فيضانات في نفق المطار. ويجب إجراء تحقيق فوري. سيبدأ التحقيق، تبدأ الاستدعاءات، تبدأ الاستنابات القضائية ويقفل التحقيق....
بين غازي وغازي، لا نعلم ماذا يجري؟ كل ما نعلمه أن المواطنين غرقوا لساعات في المكان نفسه، وفي التوقيت نفسه، وبالأسلوب عينه.
وبحسب دراسة صادرة عن البنك الدولي حول الإنفاق العام في قطاع المياه والصرف الصحي في لبنان، فإن القطاع يعاني من ترهل وغياب الخطط، وأن هناك نقاط ضعف متعددة تحول دون تحسين الأداء وتلبية حاجات التنمية في القطاع، أبرزها: أن الهيئات المائية الإقليمية تشكو من أداء غير ملائم على المستوى الفني، كما على المستويين المالي والتجاري، فيما يتعلق بشبكة البنى التحتية في لبنان. كما أن الإنفاق العام، لم يكن كافيا لتلبية حاجات نمو القطاع، برغم الأموال التي صرفت على هذا الملف.
إلى أن يصار إلى إيجاد الحلول للبنى التحتية، موعدنا يتجدد العام المقبل. فكل شتاء ونحن غارقون.
المساهمون