لم يمل العالم على مدى العقود الماضية من ترديد مقولة المخترع الأميركي توماس إديسون والتي ارتأى فيها بأن: "العبقرية قوامها 99% من التعب، و1% من الإلهام" ففي معظم قصص النجاح يُوجد عنصر فارق يتعلق بالتفاني في العمل وبذل الجهد، فليس من المعقول أن يصل شخص ما إلى درجة عالية من النجاح من دون سعي أو اجتهاد، كما لا يمكن أن يُحقق أي أحد أي إنجازات سوى بالمجهود الجبّار.
وتنطبق هذه المقولة في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى على فريق يوفنتوس الإيطالي، الذي نجح في الصعود إلى نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، رغم تعادله مع فريق ريال مدريد الإسباني بنتيجة هدف لكل فريق، مُستفيداً من فوزه في مباراة الذهاب التي أقيمت في تورينو بنتيجة هدفين مقابل هدف.
وتمكن الفريق الإيطالي، الفائز بلقب البطولة الأوروبية مرتين في 1985 و1996، من الصعود إلى المباراة النهائية للمرة السادسة في تاريخه والأولى منذ نسخة موسم 2002-2003 عندما خسر أمام ميلان بضربات الجزاء الترجيحية في نهائي البطولة عام 2003، ليُصبح بذلك أول نادٍ إيطالي يصعد لنهائي البطولة منذ فوز فريق إنتر ميلانو باللقب عام 2010.
ولم يكن طريق فريق "السيدة العجوز" مفروشاً بالورود كما يعتقد البعض، وإنما كان نتاج عمل شاق وجهود مضنية استمرت لنحو سنوات، حيث يُحسب لفريق السيدة العجوز جده واجتهاده وصبره في طريقه نحو التأهل إلى نهائي البطولة الأمجد أوروبياً، رغم معاناته من فضيحة الفساد "الكالتشيو بولي" التي هزت أوساط كرة القدم الإيطالية عام 2006، والتي أدت إلى هبوط الفريق إلى دوري الدرجة الثانية.
فضيحة التلاعب تُسقط الفريق إلى الدرجة الثانية
قرّر الاتحاد الإيطالي لكرة القدم "آنذاك" سحب لقبي بطولة الدوري الإيطالي لكرة القدم موسمي 2005 و2006 من فريق يوفنتوس، حيث ظلَّ الموسم الأول بدون بطل، فيما تم منح اللقب الثاني لإنتر ميلان الذي أنهى الموسم ثالثاً، وذلك بعد اتهام يوفنتوس بالتدخل في اختيار حكام بعينهم لمبارياته، في القضية التي هزت الشارع الرياضي الإيطالي.
وغادر عدد من اللاعبين المؤثرين الفريق بعد إسقاطه إلى دوري الدرجة الثانية لعل أبرزهم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، والمدافع الإيطالي فابيو كانافارو، ولاعب خط الوسط الفرنسي ليليان تورام، هذا في الوقت الذي لم يتنكّر فيه عدد من اللاعبين لقميص فريق السيدة العجوز، لعل أبرزهم جانلويجي بوفون، أليساندرو دل بييرو وبافيل نيدفيد، والذين ساهموا بدورهم في عودة فريق يوفنتوس إلى دوري الدرجة الأولى، بمساندة بعض لاعبي فريق الشباب، الذين تم تصعيدهم إلى الفريق الأول أمثال كلاوديو ماركيزيو وسيباستيان جيوفينكو.
الفريق يُقدم مستوىً متذبذباً بعد عودته
وفاجأ "البيانكونيري" جماهير كرة القدم الإيطالية بعد أن احتل المركز الثالث في أول مواسمه بعد عودته للدرجة الأولى والمركز الثاني في 2009، غير أنه سرعان ما خيّب آمال جماهيره العريضة بعدما احتل المركز السابع في موسمي 2010 و2011 على التوالي، وذلك وسط موجة تغييرات في أجهزته الفنية.
اختيار موفق وألقاب بالجملة
ووقع الاختيار بعد ذلك على المدير الفني السابق لفريق يوفنتوس، أنطونيو كونتي ليكون على رأس الإدارة الفنية لفريق السيدة العجوز، ليتمكن صانع ألعاب الفريق السابق من إعادة الأمجاد إلى فريق السيدة العجوز بعدما نجح في قيادة فريقه لإنجاز قياسي يتمثل بتحقيق لقب الدوري للمرة 28 في تاريخه (30 بحسب ما تراه إدارة وجماهير اليوفنتوس) وذلك من دون أي خسارة كسابقة تاريخية منذ أن أصبح عدد فرق الدوري الإيطالي 20 فريقاً.
وتواصلت سلسلة نجاحات كونتي مع "البيانكونيري" بعدما حافظ الفريق على لقبه بطلاً للدوري الإيطالي لكرة القدم بعد إنهائه البطولة متربعاً على عرش سلم ترتيب الدوري، ومتقدماً بفارق تسع نقاط عن أقرب ملاحقيه في ذلك الوقت نادي نابولي؛ كذلك نجح المدرب ذاته في قيادة فريقه لتحقيق اللقب الثالث توالياً برقم قياسي بلغ الـ 102 نقطة كأعلى رقم في تاريخ الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى.
رُشق بالبيض لكنه حُمل على الأعناق في النهاية
وفي بداية الموسم الجاري، وجّه المدرب السابق، أنطونيو كونتي، صدمة كبيرة لجمهور الفريق، بعدما أعلن عن استقالته من تدريب الفريق، لتقوم إدارة النادي الإيطالي بتعيين مدرب ميلان الأسبق، ماسيميليانو أليجري، خلفاً له.
واستشاطت جماهير فريق يوفنتوس الإيطالي غضباً فور تعيين ماسيميليانو أليجري مديراً فنياً للفريق الأول بالنادي خلفاً للمدرب المستقيل، أنطونيو كونتي، حيث قذفه بعض المشجعين بالبيض اعتراضاً منهم على تعيينه على رأس الإدارة الفنية لفريق السيدة العجوز.
لكن أليجري لم ييأس لمطالبات الجماهير التي كانت لا تريده على رأس الإدارة الفنية، وأثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأنّه أهل لتدريب يوفنتوس بعدما نجح في قيادة فريقه للتتويج بلقب الدوري الإيطالي لكرة القدم للمرة الرابعة على التوالي، ليحظى مدرب "اليوفي" الحالي باستقبال جماهيري حافل في تورينو كمكافأة له على صبره.
وأجبر المدرب البالغ من العمر 47 عاماً الجميع على احترامه، بعد أن قاد الفريق للفوز ببطولة الدوري للمرة الرابعة توالياً، وللتأهل أيضاً إلى نهائي بطولة كأس إيطاليا لكرة القدم، فضلاً عن قيادته لفريق البيانكونيري للصعود للمباراة النهائية من بطولة دوري أبطال أوروبا.
إقرأ أيضاً: مارادونا: ميسي ليس لديه أسلوب واضح وأهدافي أجمل
رونالدو بكى بحرقة بعد الخروج أمام يوفنتوس